وصل نائب الرئيس الأميركي مايك بنس مساء السبت إلى العاصمة الأردنية عمّان، المحطة الثانية في جولته الشرق الأوسطية، آتيًا من القاهرة، حيث التقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. 

إيلاف من عمّان: يخيّم على جولة نائب الرئيس الأميركي قرار الرئيس دونالد ترمب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وكانت مقررة في نهاية ديسمبر، لكنها تأجلت في ظل الغضب الذي أثاره قرار ترمب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وإلغاء العديد من الاجتماعات المقررة. 

لقاء مع العاهل الأردني
حطت طائرة بنس في مطار ماركا (في عمّان الشرقية) قرابة الساعة 22:15 بالتوقيت المحلي، بحسب مصور وكالة فرانس برس. وسيجري بنس، الذي ترافقه زوجته كارين، ظهر الأحد في قصر الحسينية في عمّان، مباحثات مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، يعقبها غداء عمل، قبل أن يستقل الطائرة متوجّهًا إلى إسرائيل، في زيارة تمتد يومي الاثنين والثلاثاء. 

أثار قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب في 6 ديسمبر الماضي اعتبار مدينة القدس عاصمة لإسرائيل، موجة رفض وإدانة في الأردن، الذي يشهد منذ أسابيع تظاهرات ونشاطات احتجاجية متفاوتة بحجمها ووتيرتها تندد بالقرار. وكانت الحكومة الأردنية اعتبرت في السادس من ديسمبر أن اعتراف الرئيس الأميركي بالقدس عاصمة لإسرائيل، يشكل "خرقًا للشرعية الدولية وميثاق الأمم المتحدة"، وحذرت من "تداعيات خطيرة" للقرار. 

وأضافت في بيان رسمي عن وزير الدولة لشؤون الإعلام والناطق الرسمي باسم الحكومة محمد المومني أن الشرعية الدولية والميثاق الأممي "يؤكدان أن وضع القدس يتقرر بالتفاوض، وتعتبر جميع الإجراءات الأحادية التي تستهدف فرض حقائق جديدة على الأرض لاغية وباطلة". 

وكانت القدس الشرقية تتبع المملكة إداريًا قبل أن تحتلها إسرائيل عام 1967. وتعترف إسرائيل التي وقعت معاهدة سلام مع الأردن في 1994، بإشراف المملكة الأردنية على المقدسات الإسلامية في المدينة.

السيسي: المفاوضات أساس أي تسوية
وأجرى بنس في وقت سابق السبت في القاهرة محادثات مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في قصر الاتحادية الرئاسي في ضاحية مصر الجديدة. 

وأكد المتحدث باسم الرئاسة المصرية بسام راضي في بيان أن المحادثات بين السيسي ونائب الرئيس الأميركي تناولت ضمن قضايا أخرى "مسألة القدس في ضوء قرار" الاعتراف بها عاصمة لإسرائيل تمهيدًا لنقل السفارة الأميركية إليها. 

وأكد الرئيس المصري، وفق البيان، "موقف مصر الثابت من القضية الفلسطينية والداعم لحقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية". كما أشار السيسي إلى أن "تسوية النزاع الفلسطيني الإسرائيلي لن تتحقق سوى من خلال المفاوضات القائمة على أساس حل الدولتين (...) مؤكدًا أهمية استمرار الولايات المتحدة في القيام بدورها الحيوي في هذا الإطار".

وفي تصريحات للصحافيين بعد لقاء ثنائي، وقبل اللقاء الموسع لأعضاء الوفدين، أكد بنس أنه أجرى مع الرئيس المصري "مناقشات بناءة حول مجموعة واسعة من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك في ما يتعلق بالعلاقات بين مصر والولايات المتحدة وبالمنطقة". وأكد نائب الرئيس الأميركي مجددًا وقوف الولايات المتحدة "كتفًا بكتف إلى جانب مصر في الحرب على الإرهاب".

ضربة للأونروا
وفيما هدأت التظاهرات والمواجهات الدامية التي شهدتها الأراضي الفلسطينية، إلا أن هناك قلقًا بشأن مصير وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) التي جمدت واشنطن نصف الأموال التي تخصصها لها، أي 65 مليون دولار سنويًا، ما يهدد بجعلها عاجزة عن الاستمرار في تنفيذ قسم كبير من برامج تأمين الغذاء والتعليم والعلاج التي يستفيد منها ملايين اللاجئين الفلسطينيين. 

ونددت القيادة الفلسطينية الغاضبة أساسًا من القرار المتعلق بالقدس، بالإدارة الأميركية، ورفضت لقاء بنس في ديسمبر. وفي غزة، نددت حركة حماس بزيارة بنس "غير المرحّب بها".

شركاء في مجال الأمن
وبإمكان زعيمي مصر والأردن، البلدين العربيين الوحيدين المرتبطين باتفاقات سلام مع إسرائيل، أن يكونا لاعبين أساسيين إذا تمكن المفاوضون الأميركيون من إحياء عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية، وهو ما يسعى إليه ترمب. وهما كذلك شريكان في الأمن وتبادل المعلومات الاستخبارية في الحروب الأميركية السرية والعلنية ضد التطرف الإسلامي في المنطقة. وتعد مصر من أكبر الدول التي تحصل على مساعدات لشراء معدات عسكرية أميركية متطورة. 

ودعا السيسي، الذي يعد أحد أقرب حلفاء ترمب في المنطقة، دعا الرئيس الأميركي قبل إعلانه المتعلق بالقدس إلى "العمل على عدم تعقيد الوضع بالمنطقة من خلال اتخاذ إجراءات من شأنها تقويض فرص السلام في منطقة الشرق الأوسط".

وألغى إمام الأزهر أحمد الطيب لقاءه مع بنس احتجاجًا على قرار ترمب بشأن القدس. وأعلن بابا الأقباط في مصر تواضروس الثاني كذلك رفضه لقاء بنس "نظرًا إلى القرار الذي اتخذته الإدارة الأميركية بخصوص القدس من دون اعتبار لمشاعر الملايين من الشعوب العربية". 

عرب الكنيست يقاطعون
بعد الأردن، سيتوجه بنس إلى إسرائيل لإجراء محادثات مع رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو الاثنين. وسيلقي كلمة في الكنيست ويلتقي الرئيس رؤوفين ريفلين خلال الزيارة التي تستمر ليومين. وأعلن ائتلاف الأحزاب العربية في الكنيست السبت أنه سيقاطع خطاب بنس، ووصفه النائب أيمن عودة بأنه "رجل خطير"، معتبرًا أنه يحمل رؤية تستهدف "تدمير المنطقة". 

واحتلت إسرائيل الضفة الغربية عام 1967 قبل أن تضم القدس الشرقية في تحرك لم يلق اعترافًا من المجتمع الدولي. وتصر إسرائيل على أن القدس برمتها عاصمتها الموحدة، فيما يتطلع الفلسطينيون إلى جعل القدس الشرقية عاصمة لدولتهم المنشودة. أما المجتمع الدولي، فيعتبر أن إسرائيل تحتل القدس الشرقية بشكل غير شرعي. وتقع سفارات جميع الدول في العاصمة التجارية تل أبيب.

وبدأت وزارة الخارجية الأميركية التخطيط لنقل السفارة الأميركية إلى القدس، وهي عملية يقول الدبلوماسيون الأميركيون إن إنجازها قد يستغرق سنوات.

وأفادت معلومات نشرتها صحف خلال هذا الأسبوع أن واشنطن قد تعلن القنصلية الأميركية العامة في إسرائيل سفارة لها موقتًا، فيما يتواصل البحث عن موقع لبعثة طويلة الأمد.

يمكن أن تكون تلك العملية موضع خلاف مثل بناء سفارة جديدة تمامًا، إذ إن المبنى الحالي يشكل مقر البعثة الأميركية للأراضي الفلسطينية المحتلة في الضفة الغربية والقدس الشرقية. 

وسيزور بنس المسيحي الملتزم حائط المبكى (البراق)، أحد أكثر الأماكن المقدسة لدى اليهود في القدس القديمة، كما سيزور نصب ضحايا المحرقة النازية (ياد فاشيم) في القدس.