دافوس: يتناوب القادة الاوروبيون الصعود على منصة منتدى دافوس الاربعاء، محاولين إبراز أنفسهم كقوة توازي الرئيس الأميركي دونالد ترمب قبل أن يأتيهم ملوحاً بشعاره "أميركا أولا".

ويصل الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون إلى منتجع الرياضات الشتوية السويسري بعد مخاطبة كبار قادة الأعمال الاثنين في إطار مساعيه لتحقيق "نهضة" في الأعمال التجارية في فرنسا والعالم. 

من جهتها، تحتاج المستشارة الألمانية انغيلا ميركل إلى تسوية مشاكلها المتعلقة بقيادتها في الداخل قبل رفع لواء وقيادة مقاومة ترمب الذي سيحضر المنتدى الاقتصادي العالمي الجمعة. 

وتأخرت ميركل في تأكيد حضورها، حيث كان عليها أن تجد حيزاً في خضم الجهود الجارية في بلادها لتشكيل حكومة جديدة، بعدما خُذلت في انتخابات جرت في سبتمبر. وقال رئيس شركة علاقات عامة بارز يدعى ريتشارد ايدلمان لوكالة فرانس برس، "ليست لدى ميركل حكومة بعد. ماكرون هو محط الأنظار". 

وكتبت صحيفة "هاندلسبلات" الاقتصادية الألمانية، أن ميركل تذهب إلى دافوس بيدين "مكبلتين". ورأت الصحيفة أن المستشارة النافذة ستضطر إلى "البقاء في ظل ماكرون وترمب". في الجهة المقابلة، فإن ماكرون في وضع مريح حيث نجح في تمرير إصلاحات بشأن قوانين العمل والضرائب في بلاده. 

وكتبت جودي ديمبسي من معهد "كارنيغي أوروبا" للأبحاث، "ولى الزمن الذي كانت فيه ميركل تفترض أن أوروبا ستمضي قدما تحت قيادتها وليس تحت قيادة ضعيفة جدًا في فرنسا". وأضافت أن "ايمانويل ماكرون غير بشكل جذري الديناميكية والوتيرة وتطلعات الاتحاد الأوروبي". 

من فرساي إلى دافوس

 وخلال الاجتماع الذي أجراه قبيل دافوس في قصر فرساي الاثنين، حظي ماكرون الوسطي البالغ من العمر 40 عامًا باهتمام من رؤساء شركات على غرار "فيسبوك" و"غوغل" أعلنت عن استثمارات كبيرة في فرنسا. 

وقال ايدلمان "إنه الأمل. إنه شخص أسس حزبه الخاص به (...) لديه خطة إصلاحات طموحة". وسيهيمن الأوروبيون على الساحة في دافوس بعدما أعلنت الهند وكندا عن مواقف رافضة لسياسة ترمب الحمائية الثلاثاء. 

وألقى رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي خطاب الافتتاح مدافعًا عن التجارة الحرة. 

وفي وقت لاحق الثلاثاء، ألقى رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو بثقله وراء الاجتماع، محتفيًا بإعلان اتفاق تجارة جديد لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ انضوت فيه 11 دولة لاستبدال ذاك الذي انسحب منه ترمب العام الماضي. 

وسيتحدث عدد آخر من قادة الاتحاد الأوروبي الأربعاء، في بداية عام يتوقع أن يكون مضطربًا بالنسبة للقارة. وسيلقي رئيس الوزراء الايطالي باولو جنتيلوني خطابًا قبل أقل من أسبوعين من الانتخابات العامة في بلاده. 

وأما رئيس الوزراء اليوناني اليساري ألكسيس تسيبراس، الذي تسعى بلاده إلى النهوض من برنامج الانقاذ الدولي اثر أزمتها المالية، فسينضم إلى جلسة نقاش تتناول "إعادة الاستقرار إلى منطقة المتوسط". 

وسيتحدث كذلك ملك اسبانيا فيليبي السادس، الذي يواجه أزمة سياسية ترتبط بالمطالبة باستقلال إقليم كاتالونيا.

وستنتظر الوفود حتى يوم الخميس للاستماع إلى رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي التي تواجه أسئلة بشأن مستقبل علاقات لندن التجارية في وقت تستعد إلى مغادرة الاتحاد الأوروبي. 

وأكد وزير التجارة الدولية البريطاني ليام فوكس أن اجتماعات دافوس هي الفرصة المثالية من أجل عرض وجهة نظر لندن. وقال لوكالة فرانس برس: "هناك رغبة قوية للقيام بأعمال تجارية في بريطانيا، فمن لا يريد الوصول إلى خامس أكبر اقتصاد في العالم؟"

ترمب "أفضل مروج"

ولم يقف تحدي ترمب عند النخب المجتمعة في دافوس حيث احتشد أكثر من ألف متظاهر في وسط زوريخ احتجاجا على زيارة الرئيس الأميركي. 

وهتف المتظاهرون "ترمب غير مرحب به" و"سويسرا تستضيف نازيين"، وفقاً لما أفاد مراسل وكالة فرانس برس. وانضم إلى التظاهرة ناشطون ضد العولمة ومدافعون عن البيئة، إضافة إلى اعضاء منظمات كردية وفلسطينية. 

وعلى الضفة الأخرى، أعلن البيت الأبيض الثلاثاء أن الرئيس الأميركي يهدف إلى أن يكون في دافوس "أفضل مروج للولايات المتحدة لدفع عجلة النمو الاقتصادي والازدهار ومستوى المعيشة بالنسبة للمواطنين الأميركيين". 

وقال مستشار البيت الأبيض للشؤون الاقتصادية غاري كوهين، "سنذهب إلى المنتدى الاقتصادي العالمي لمشاركة قصة الرئيس ترمب الاقتصادية ولنقول للعالم إن أميركا منفتحة على الأعمال. نريد من العالم أن يستثمر في أميركا ويخلق وظائف للأميركيين العاملين بكد"، مشيرًا إلى أن اجندة ترمب "حررت الاقتصاد الأميركي". 

وأكد أن "أميركا أولا لا يعني أن أميركا وحدها. عندما ننمو، ينمو العالم وعندما ينمو العالم ننمو نحن". ونددت إدارة ترمب مرارًا بالاتفاقات والممارسات التجارية التي اعتبرتها غير عادلة، حيث فرضت رسومًا إضافية على الواردات من حول العالم. 

وبعد وقت قصير من وصوله إلى السلطة، أعلن ترمب انسحاب واشنطن من اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ التي تم توقيعها عام 2015 فيما هدد مرارًا بالانسحاب من اتفاق التبادل الحر في أميركا الشمالية (نافتا).