تعزز منظمة اليونسكو مبادرتها التعليم من أجل المواطنة العالمية لأنها تقوي الشعور بالانتماء إلى الإنسانية الواسعة، وتنتج مساهمين استباقيين فاعلين في المجتمعات في العالم.

خاص إيلاف: منذ إطلاق الأمين العام للأمم المتحدة مبادرة التعليم أولًا العالمية في عام 2012، عززت منظمة اليونسكو "التعليم من أجل المواطنة العالمية" من منطلق أنها تشير إلى الشعور بالانتماء إلى مجتمع أوسع، وإنسانية مشتركة. كما تؤكد الترابط السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي، والترابط بين المحلي والوطني والعالمي.

مساهمون استباقيون

وفقًا لليونسكو، يهدف التعليم من أجل المواطنة العالمية إلى تمكين المتعلمين من الاضطلاع بأدوار نشطة كي يواجهوا التحديات العالمية ويجدوا حلولًا لها، وليصبحوا مساهمين استباقيين في عالم أكثر سلامًا وتسامحًا وشمولًا وأمنًا. ويعتبر التعليم من أجل المواطنة العالمية من المجالات الاستراتيجية لبرنامج اليونسكو لقطاع التعليم في الفترة الممتدة بين 2014 و2021. 

وفقًا للهدف 4.7 الوارد في أهداف التنمية المستدامة؛ بحلول عام 2030، ينبغي أن يكتسب جميع المتعلمين المعارف والمهارات اللازمة لتعزيز التنمية المستدامة من خلال تعزيز ثقافة السلام واللاعنف والمواطنة العالمية وتقدير التنوع الثقافي.

يستند نهج اليونسكو في مجال التعليم من أجل المواطنة العالمية إلى خبرة المنظمة الطويلة في تعليم السلام وحقوق الإنسان، وهي مجالات عمل تختصّ بها المنظمة. وترى اليونسكو أن التعليم من أجل حقوق الإنسان وتعزيز ثقافة السلام واللاعنف يعززان نوعية التعليم.

عناصر ضرورية

في سياق خطة عمل الأمم المتحدة لمنع التطرف العنيف، تدعم اليونسكو البلدان التي تسعى إلى تنفيذ برامج تعليمية تبني قدرة الشباب على الصمود أمام الرسائل المتطرفة العنيفة، وتعزز الإحساس الإيجابي بالهوية والانتماء. يُنفَّذ هذا العمل ضمن الإطار المفاهيمي للتعليم من أجل المواطنة العالمية.

تمّ وضع المعيار المهم لأهداف التنمية المستدامة في إعلان وإطار عمل إنشيون الذي اعتمدته اليونسكو في المنتدى العالمي للتعليم المنعقد في جمهورية كوريا في عام 2015. في هذا السياق، خلصت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان في تقريرها حول تحقيق المساواة في تمتّع كل فتاة بالحق في التعليم في عام 2017، إلى أهمية الروابط المشتركة بين أهداف التنمية المستدامة والعمليات الدولية والإقليمية، بما في ذلك إعلان إنشيون.

 

لقراءة النص باللغة الانكليزية:
Global Citizenship Education

 

ومن أجل الوصول إلى مرحلة كاملة من التعليم من أجل المواطنة العالمية، ينبغي أن تؤخذ العناصر الآتية في الاعتبار: القضاء على جميع أشكال التعصب والتمييز القائمين على أساس الدين أو المعتقد؛ تعليم الفتيات والنساء؛ التنوع الثقافي؛ العنف ومنع التطرف العنيف؛ ومنع نشوب الصراعات المسلحة عن طريق التعليم وتسوية الخلافات.

مبادرة إماراتية

أطلقت الإمارات العربية المتحدة في عام 2010 رؤية 2021 التي تدعو فيها الحكومة الإماراتية إلى "التحول إلى اقتصاد متنوع ومعرفي". والجدير ذكره أن "رؤية الإمارات 2021" هي أيضًا تستهدف التعليم، فدولة الإمارات العربية المتحدة تهدف إلى بناء نظام تعليمي من الدرجة الأولى، حيث يمكن تصنيف الطلاب الإماراتيين من بين الأفضل في العالم.

 

 

في موازاة ذلك، أُطلقت "مبادرة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم للتعليم الذكي" في عام 2012 بهدف إنشاء بيئة تعليمية جديدة في المدارس.

منذ اعتماد الاستراتيجية الوطنية للنهوض بالمرأة، وضعت الإمارات العربية المتحدة خطة وطنية تهدف إلى تمكين المرأة في ميدان التعليم. واستنادًا إلى هذا التفاهم الوطني، المتأصل في مؤتمر بكين وإعلان عام 1995، صدّرت دولة الإمارات العربية المتحدة إيجابيًا هذا التعهّد إلى عمل مجلس حقوق الإنسان، من خلال الترويج الناجح للقرار بشأن "تحقيق المساواة في تمتع كل فتاة بحقّها في التعليم". 

لا تقويم بعدُ

في ظل القيادة القوية لسعادة السيد عبيد سالم سعيد الزعابي، الممثل الدائم لدولة الإمارات العربية المتحدة في جنيف، اعتمدت لجنة حقوق الإنسان القرار 35/22 المؤرخ 14 يوليو 2017 الذي تؤكد فيه من جديد أهمية تعزيز الحوار بين اليونسكو واليونيسيف والمقرر الخاص المعني بالحق في التعليم وشركاء آخرين يسعون إلى تحقيق أهداف تعليم الفتيات، بغية تعزيز حقّهنّ في التعليم على قدم المساواة في الأنشطة التنفيذية التابعة لمنظومة الأمم المتحدة.

يحث القرار جميع الدول "على تعزيز وتكثيف جهودها الرامية إلى اتخاذ خطوات مدروسة وملموسة ومستهدفة من أجل تحقيق المساواة في تمتّع كل فتاة بالحق في التعليم، والقضاء على الحواجز القانونية والإدارية والمالية والهيكلية والاجتماعية والثقافية التي تعرقل تمتع كل فتاة على قدم المساواة بالحق في التعليم".

على الرغم من هذا المعلم المهم، لم يجر بعد أي تقويم عالمي حول تكامل التعليم من أجل المواطنة العالمية وتأثيره في العمل اليومي للأمم المتحدة في جنيف التي تعتبر شاهدًا على كيفية اضطلاع مختلف القيم والثقافات بدور ناشط يؤثر في جميع المناقشات والمفاوضات العالمية التي تجري حاليًا في منظومة الأمم المتحدة بأسرها.

* ترجمة: إبتسام الحلبي