إيلاف من نيويورك: إذا كان روجر ستون الصديق المقرب للرئيس الأميركي دونالد ترمب، وصف موافقة الأخير على مقابلة المحقق الخاص روبرت مولر، بالمهمة الإنتحارية، فإن مجلة بوليتيكو اعتبرت ان اقدام ترمب على اتخاذ قرار بطرد مولر بمثابة المهمة الانتحارية.

ومنذ كشف نيويورك تايمز عن اتخاذ ترمب لقرار طرد مولر في يونيو الماضي، قبل ان يعود عنه نتيجة تهديد المستشار القانوني للبيت الأبيض دونالد ماكغان بالاستقالة من منصبه، أضاء الاعلام الأميركي أكثر على دور مولر ومكتب التحقيقات الفدرالي.

سلطة الأف بي آي

تحدثت بوليتيكو عن فضيحة واترغايت التي افضت في نهاية المطاف الى استقالة الرئيس ريتشارد نيكسون بعد قيامه بطرد المحقق الخاص، ارتشيبولد كوكس في الواقعة التي أصبحت تعرف بمذبحة ليلة السبت، كما تحدثت عن دور مكتب التحقيقات الفدرالي في فرض رقابة لصيقة على حركة الرئيس، بحيث اصبح رجال الأف يي آي يصولون ويجولون في الجناح الغربي للبيت الأبيض.

سيادة القانون بمواجهة قوة الرئيس

يومها حدثت عملية تحد بين سيادة القانون وقوة الرئيس نيكسون الذي استقال بعد ذلك. المجلة التي اعتبرت ان ما يحدث اليوم شبيه بما حدث في سبعينيات القرن الماضي، قالت إن روبرت مولر تمكن من وضع قدم داخل البيت الأبيض، وسيتمكن وضع الأخرى بحال اوفى ترمب بوعده الذي اطلقه حول رغبته بمقابلة المحقق الخاص.

كلينتون لم يتجرأ

قوة الأف بي آي ايضا وقفت حائلاً أمام الرئيس السابق بيل كلينتون، الذي لم يتجرأ على إتخاذ قرار طرد مدير المكتب لويس فري الذي كان يحقق معه، ولذلك فإن ترمب كاد يسبب ازمة دستورية كبيرة لو ذهب في قرار طرد مولر حتى النهاية، فالمحقق الخاص يلقى دعمًا كاملاً من مكتب التحقيقات الفدرالي.

وبلا ادنى شك، فإن اندفاعة مولر السريعة نحو سيد البيت الأبيض تأتي أولا بسبب طرد جيمس كومي لا عملية التواطؤ الروسي، فليس سهلا على الإطلاق ان تأخذ قرارا -الطرد- بمثل هذا الحجم، وفي ظل انغماس مكتب التحقيقات الفدرالي بالتحقيق في عملية التدخل الروسي.

الرجال الثلاثة

والجدير بالذكر ان مولر جمهوري الإنتماء، يعد من قدامي المحاربين وهو حائز على وسامي القلب الارجواني والنجمة البرونزية، وسبق له وان واجه الى جانب زملائه الرئيس السابق جورج بوش الابن، ونائبه ديك تشيني، لمن اجل حماية الدستور كي لا يصبح ضحية للحرب على الإرهاب.

لا يعرفون الخوف

ولفتت بوليتيكو، "إلى ان مكتب التحقيقات الفدرالي هو الجهاز الوحيد الذي يستطيع ارغام الرئيس على الامتثال للقانون، او تحضير قضايا جنائية ضده"، وكشفت ان ترمب "قد لا يدرك انه يواجه ثلاثة رجال (مولر، كومي، وكريستوفر راي مدير الافي بي آي حاليا)، لا يعرفون الخوف ويتمتعون باستقلالية كبيرة عندما يتعلق الامر بمواجهة الرؤساء، معيدة التذكير بموقفهم ضد إدارة جورج بوش عام 2004، وتهديدهم بتقديم الاستقالة بسبب قضية التنصت على الاميركيين.

وفي مذكراته كتب بوش الابن يقول: "كنت واثقًا ان استقالتهم ستدمر رئاستي، وفكرت في مذبحة ليلة السبت... لم أرغب في تكرار تلك الازمة التاريخية".