اختتم مؤتمر الحوار السوري في منتج سوتشي الروسي أعماله مساء الاثنين بعد يوم طويل من الجلسات المغلقة التي شارك فيها مئات السوريين غالبيتهم من الموالين للحكومة مقابل عدد اقل من المعارضين، وانتهت بالاتفاق على تشكيل لجنة لصياغة "إصلاح دستوري". 

إيلاف: شهد المؤتمر صباح الاثنين صخبًا على خلفية رفض ممثلين عن فصائل معارضة ناشطة في الشمال السوري المشاركة احتجاجاً على شعار المؤتمر الذي يتضمن العلم السوري، وهم الذين يعتمدون منذ بدء النزاع قبل نحو سبع سنوات علمًا مختلفاً يطلقون عليه "علم الثورة". وغادر هؤلاء لاحقاً عائدين الى تركيا.

قاطعت عشرات الفصائل المقاتلة منذ البداية وهيئة التفاوض لقوى الثورة والمعارضة السورية، الفريق الرئيس للمعارضة، المؤتمر. كما اعلنت الادارة الذاتية الكردية عدم مشاركتها متهمة روسيا وتركيا بـ"الاتفاق" على الهجوم على عفرين، التي تتعرض لعملية عسكرية تركية واسعة منذ حوالى عشرة ايام.

وفي ختام المؤتمر صوّت المشاركون على بيان ختامي يتضمن الاتفاق على تأليف لجنة دستورية من ممثلين عن الحكومة وتمثيل واسع للمعارضة "بغرض صياغة اصلاح دستوري يسهم في التسوية السياسية التي ترعاها الامم المتحدة وفقاً لقرار مجلس الامن الدولي 2254".

ستضم اللجنة بحسب البيان، "ممثلين للحكومة وممثلي المعارضة المشاركة في المحادثات السورية السورية" وآخرين. وأصدرت وزارة الخارجية التركية بياناً في ختام المؤتمر قالت فيه إن "أهم ما صدر من المؤتمر هو الدعوة الى تشكيل لجنة دستورية وتقديم لائحة من 150 مرشحاً".

أضافت أن "الوفد التركي الذي فُوّض لتمثيل المجموعات المعارضة التي لم تشارك في المؤتمر، قدم لائحة من 50 مرشحاً بعد التشاور مع المعارضة".

دور الامم المتحدة
وأوضح مبعوث الامم المتحدة الى سوريا ستافان دي ميستورا في الجلسة الختامية أن اللجنة المتفق عليها ستتضمن ممثلين من وفد المعارضة المشاركة في مفاوضات جنيف برعاية الأمم المتحدة، في اشارة الى هيئة التفاوض السورية.

وتوجّه دي ميستورا للحاضرين بالقول "قمتم بعمل صعب اليوم"، وقال "استمعت الى نداءكم ان المهمة تقع على عاتق الامم المتحدة لتشكيل اللجنة الدستورية"، مشيراً الى انه سيقوم بمشاورات، وسيحدد قريباً مسار عمله بما يتضمن برنامج العمل وعملية الصياغة الدستورية.

ودعا المشاركون الامين العام للامم المتحدة الى تكليف دي ميستورا للمساعدة على انجاز اعمال هذه اللجنة في جنيف. ولا يتطرق البيان الختامي إلى مصير الرئيس السوري، ويؤكد أن الشعب السوري وحده يقرر مستقبله "عن طريق صناديق الاقتراع".

شارك في المؤتمر نحو 1400 شخص، غالبيتهم قادمين من دمشق من أحزاب موالية للنظام، ضمنها حزب البعث الحاكم، فضلاً عن أحزاب ومجموعات معارضة بينها معارضة الداخل.

يشار الى ان مؤتمر سوتشي هو الأول الذي تنظمه روسيا على أراضيها، بعدما لعبت دوراً بارزاً خلال العامين الماضيين في تغيير المعادلة العسكرية على الارض في سوريا لمصلحة قوات النظام، وترافق ذلك مع تراجع دور الولايات المتحدة والدول الاوروبية السياسي في ما يتعلق بالنزاع.

عُقد المؤتمر بموافقة ايران أبرز داعمي دمشق الى جانب روسيا، وتركيا الداعم الابرز للمعارضة. وترعى الدول الثلاث منذ حوالى سنة محادثات في استانة بين ممثلين عن الحكومة السورية وآخرين عن المعارضة ادت الى الاتفاق على اقامة مناطق خفض توتر في سوريا.

وأتى مؤتمر سوتشي بعد جولة فاشلة برعاية الامم المتحدة بين الحكومة والمعارضة في فيينا، تلت جولات عدة مماثلة في جنيف لم تؤد الى نتائج تذكر. واصطدمت جولات التفاوض خصوصاً بالخلاف على مصير الرئيس السوري بشار الاسد الذي تتمسك المعارضة بتنحيه، بينما تعتبر الحكومة ان الموضوع غير مطروح للبحث.

أزمة الشعار
من أبرز الوجوه المعارضة التي شاركت في المؤتمر هيثم مناع رئيس "تيار قمح"، ولؤي حسين ئيس تيار بناء الدولة السورية، وأحمد الجربا رئيس تيار الغد السوري والرئيس السابق للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، ومنصة موسكو برئاسة قدري جميل، نائب رئيس الوزراء السوري السابق.

طغت على بداية المؤتمر مسألة مقاطعة وفد معارض يتضمن ممثلين عن الفصائل المقاتلة بعد وصوله الى سوتشي. وفور وصولهم إلى المطار مساء الاثنين، عبّر ممثلو الفصائل عن رفضهم لشعار المؤتمر الذي يحمل صورة العلم السوري بنجمتين خضراوتين والذي كان في الامكان رؤيته معلقا على لافتات مرحبة في أنحاء عدة من المطار. وتعتمد المعارضة السورية علماً مختلفا يعرف منذ بدء النزاع قبل سبع سنوات بـ"علم الثورة"، يتضمن ثلاث نجمات حمراء اللون.

بعد نحو 14ساعة قضوها في المطار، اعلن الوفد المتواجد في المطار مقاطعته للمؤتمر محمّلًا روسيا المسؤولية. وتلا أحد اعضاء الوفد أحمد طعمة بيانا افاد أن "توجه وفد قوى الثورة والمعارضة السورية للمشاركة في مؤتمر سوتشي (...) لكننا فوجئنا ان اياً من الوعود التي قطعت لم يتحقق. فلا القصف الوحشي على المدنيين توقف، ولا أعلام النظام أزيلت عن لافتات المؤتمر وشعاره، فضلاً عن افتقاد أصول اللياقة الدبلوماسية من الدولة المضيفة".

ونقلت وسائل اعلام روسية عن وزير الخارجية سيرغي لافروف "لم يتخيل أحد اننا سنتمكن من جمع ممثلين عن كل المجموعات المتنوعة للشعب السوري من دون استثناء، وبيهم موالين للحكومة وحياديين ومستقلين ومعارضين". واضاف "اذا لم تتمكن مجموعتان وثلاثة من المشاركة، لن اعتبر الأمر مأساة".