برلين: يتصاعد الغضب في صفوف المحافظين الألمان بزعامة انغيلا ميركل اثر الاتفاق على تشكيل ائتلاف حكومي مع الحزب الاشتراكي الديموقراطي رأوا انه جاء على حساب مصالحهم وكلفهم تنازلات مؤلمة لضمان بقائها في الحكم لولاية رابعة.

وكتبت صحيفة بيلد الواسعة الانتشار انه مع حصول الاشتراكيين الديموقراطيين الذين حققوا نتيجة ضعيفة في الانتخابات، على ست حقائب وزارية وتنازل الاتحاد الاجتماعي المسيحي المحافظ عن حقيبة الداخلية لحليفهم البافاري "فإن ميركل تكون قد وهبت الحكومة للحزب الاشتراكي الديموقراطي".

وقال النائب من الاتحاد الاجتماعي المسيحي كريستيان فون ستيتن على تلفزيون "إيه آر دي "العام "إن الطريقة التي تشكلت فيها الحكومة خطأ سياسي".

ومن النادر سماع انتقادات مباشرة كهذه لزعيمة الحزب من صفوف المحافظين والذين يتحدون تقليديا خلف زعمائهم.

لكن ستيتن لم يكن وحيدا في قلقه. فقد قال رئيس مجلس الاعمال في الاتحاد الاجتماعي المسيحي فولفغانغ ستايغر لصحيفة نيو اوسنابروكر تسايتونغ المحلية ان ميركل جلبت على الحزب نتيجة "بائسة" من محادثات الائتلاف.

وبموجب الاتفاق الذي تم التوصل اليه الاربعاء، وافق الحزبان اللذان تراجعا في انتخابات ايلول/سبتمبر 2017 على تجديد ائتلافهما اليسار-الوسط.

وفي حال الموافقة عليه في تصويت بين اعضاء الحزب الاشتراكي الديموقراطي في الاسابيع المقبلة، ستكون تلك المرة الثالثة التي يجتمع فيها الحزبان اللذان هيمنا على عقود من السياسة الالمانية في مرحلة ما بعد الحرب كخصمين، تحت قيادة ميركل منذ 2005.

وركزت وسائل الاعلام لأسابيع على النقاش الداخلي لليسار-الوسط حول مسألة دعم المستشارة مرة أخرى.

وكتبت صحيفة سودويتشه تسايتونغ ومقرها ميونيخ الان "سيرتاح بعض ممن هم في قيادة الحزب الاجتماعي المسيحي لأنهم لم ينظموا تصويتا بين الاعضاء".

- تنازل عن وزارة المالية -اهم تنازلات ميركل للحزب الاشتراكي الديموقراطي كانت وزارة المالية والتي كانت تعد اداة تحكم بالحكومة يمسك بها فوفلغانغ شويبه المتشدد.

واحد اهم أولويات شويبله كانت دعم وجهة نظر المحافظين للمصالح الالمانية في بروكسل، والدفع نحو تطبيق أكثر صرامة لقواعد الدين والعجز في لاتحاد الاوروبي ورفض تدفق الأموال المتزايد بين الدول الاعضاء في الاتحاد.

واشتكى ستايغر رئيس مجلس الاعمال من انه مع ذهاب الوزارة الى الحزب الاشتراكي الديموقراطي الأكثر مراعاة للاتحاد الأوروبي فإن "ألمانيا تنزلق أكثر نحو تحمل مسؤولية الديون التي تتراكم في دول أخرى تستخدم اليورو".

والاتفاق الذي تم التوصل اليه الأربعاء يقترح إسهامات أكبر في موازنة الاتحاد الأوروبي وينفتح بشكل حذر على مقترحات الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكون لموازنة مشتركة للكتلة.

وتحتوي اللائحة الحكومية لميركل على ثغرات يمكن للمراقبين ان يرصدوا من خلالها نجوما صاعدين في حزبها، جاهزين لترك بصمتهم على ما قد تكون ولايتها الأخيرة.

ولم يحصل ينس شبان، الشاب الطموح العضو في مجلس الحزب الاجتماعي المسيحي أو رئيسة حكومة ولاية سارلاند الصغيرة انغريت كرامب-كارنبوير التي تعتبر خليفة محتملة للمستشارة، على حقائب وزارية.

- مصير ميركل على المحك -علقت النسخة الالكترونية لصحيفة شبيغل قائلة "إن اللائحة الأولية لوزراء الحزب الاجتماعي المسيحي ليست ملهمة ... إن حكومة ميركل الرابعة تبدو منهكة قبل ان يتم التأكد من تحققها".

كما لم ينجح المحافظون في تحقيق انجازات كبيرة تمكنهم من إسكات تذمر قاعدتهم.

وإضافة الى حصوله على ثلاث حقائب وزارية، حصل الاتحاد الاجتماعي الديموقراطي، على صيغة اخف لهجة للقيود على عدد اللاجئين القادمين سنويا وهو مطلب دائم له، قبيل انتخابات محلية في وقت لاحق هذا العام.

وبدوره حصل الاشتراكي الديموقراطي على تنازلات حول قانون العمل والرعاية الصحية إضافة الى الوزارات الست.

وبرأي صحيفة فرانكفورتر الغماينه تسايتونغ المحافظة "ماذا تبقّى للاتحاد المسيحي الاجتماعي؟ ميركل".

وقال خبير السياسة في جامعة تريير اوفي يون لشبكة "زد دي اف" التلفزيونية "سيمضي وقت قبل ان تستعيد ميركل مركز انطلاقها" كزعيمة بدون منازع لحزبها في اعقاب التنازلات المزعجة.

وسيكون الاختبار الثالث لسلطتها في مؤتمر الحزب في 26 شباط/فبراير.

وتوقعت سودويتشه تسايتونغ انه مهما حصل فربما "لن تدوم هذه الحكومة طويلا".

واضافت "في مناطق واسعة في ألمانيا، الشعور السائد هو ان الأمور لا يمكن أن تستمر هكذا".