لندن: فيما وصل إلى الكويت اليوم وفد عراقي ضخم يضم 143 مسؤولاً للمشاركة في مؤتمر الكويت لإعمار العراق الذي تبدأ اعماله غدًا الاثنين، تتطلع الحكومة العراقية إلى جمع 100 مليار دولار تقدمها الدول المشاركة وذلك لاعادة إعمار ما دمرته الحرب ضد الارهاب وتنفيذ 157 مشروعا تنمويا مهما، لكن المخاوف من الفساد المستشري في البلاد يضع متطلبات وشروطًا لتقديم هذه المساهمات.

ويأمل العراقيون من المؤتمر الذي يستمر ثلاثة ايام بمساهمات سخية لشركات استثمارية دولية ورؤوس اموال خاصة في عملية إعمار بلدهم من خلال مشاركة اكثر من 70 دولة و 3200 شركة استثمارية والعشرات من اصحاب رؤوس الاموال من مختلف دول العالم لجمع 100 مليار دولار وهذا يشمل إعادة البناء والتأهيل وتنفيذ مشاريع جديدة بينها استراتيجية مهمة.

وتتصدر قائمة المشاريع المقترحة ثلاثة للسكك الحديدية وهي خط سكك حديدية طوله 500 كيلومتر يمتد من بغداد إلى البصرة في الجنوب وتقدر تكلفته بحوالي 13.7 مليار دولار وخط سكك حديدية يمتد من بغداد إلى الموصل في الشمال تكلفته التقديرية 8.65 مليارات دولار وإنشاء مترو في العاصمة بغداد بتكلفة 8 مليارات دولار.

ثلاثة محاور للبحث

وتقول الأمانة العامة لمجلس الوزراء العراقي ان اجندة المؤتمر التي سيحملها وفد العراق الرسمي الذي يضم 143 شخصا ووصل إلى الكويت اليوم وهو يضم وزراء ومسؤولين في الجهات ذات العلاقة من الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان، بالإضافة إلى محافظي محافظات البلاد كافة تتضمن ثلاثة محاور أساسية هي: إعادة الإعمار والاستثمار ودعم الاستقرار..والتعايش السلمي.

وأشارت إلى أنّ الحكومة العراقية قد اعتمدت في محاورها الثلاثة على مجموعة من الدراسات وزعت على الأيام الثلاثة.. موضحة ان اليوم الأول سيتناول مناقشة دراسة مسح الاضرار والاحتياجات فضلاً عن مشاريع دعم الاستقرار والمصالحة المجتمعية والتعايش السلمي.. فيما سيتناول اليوم الثاني مناقشة دراسة اخرى تبين الإجراءات الخاصة بتهيئة البيئة المناسبة للاستثمار وتضمنت عرض 212 مشروعًا استثماريًا لجميع قطاعات الاقتصاد العراقي بما فيها مشاريع في إقليم كردستان والتي سيعلن عنها خلال اليوم الثاني للمؤتمر بعنوان "استثمر في العراق".

أما اليوم الختامي للمؤتمر الذي سيرعاه كل من أمير دولة الكويت ورئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بحضور الامين العام للأمم المتحدة ورئيس البنك الدولي ومنسق الاتحاد الأوربي الإعلان عن الدعم الذي ستقدمه الدول المشاركة إلى العراق.

ثلاثة اجتماعات متخصصة على هامش المؤتمر

وستعقد على هامش مؤتمر إعمار العراق ثلاثة مؤتمرات متخصصة: الأول يخص اعادة الإعمار وتعرض في جلساته تفاصيل الوثائق الخاصة بالأضرار المباشرة وغير المباشرة والجهود المطلوبة للنهوض بالوضع الاقتصادي والخدمي ويحضر المؤتمر مئات الخبراء الدوليين وممثلو الوزارات والجهات الاخرى ذات العلاقة.. فيما سيبحث المؤتمر الثاني دعم الاستقرار والاستجابة للاحتياجات الانية بحضور عدد كبير من الجمعيات الخيرية ومنظمات المجتمع المدني العراقية والعربية والدولية وعدد من ممثلي الجهات الرسمية.

أما المؤتمر الثالث فسيحضره ممثلو مئات الشركات وتقيم خلاله الهيئة الوطنية العراقية للاستثمار معرضا نوعيا كبيرا بمشاركة عدد كبير من الشركات العامة التابعة لوزارة الصناعة والمعادن والوزارات والجهات الاخرى، وسيقوم موفدون من هذه الشركات والجهات بطرح العروض الاستثمارية امام مئات الشركات.

مبادرة كويتية لانطلاقة تنموية عراقية

وينعقد المؤتمر بمبادرة من الكويت التي دعت إلى عقد مؤتمر دولي لإعادة إعمار العراق وأعلنت عن استضافته بعد التنسيق مع الحكومة العراقية خلال الفترة من 12 إلى 14 من الشهر الحالي بغية تحقيق إنطلاقة تنموية عراقية من خلال المشاركة الفعالة من قبل المجتمع الدولي بجميع قطاعاته سواء الحكومية العامة او الخاصة أو مؤسسات المجتمع المدني الناشطة في المجال الإغاثي والتنموي في القيام بدورهم تجاه الشعب العراقي، وهو ما دفع البنك الدولي لطلب المشاركة في تنظيم المؤتمر لتوفير الضمانات المطلوبة للقطاع الخاص وتعزيز مفهوم وجود ضمانات للاستثمار في العراق فضلاً عن اشتراك الإتحاد الأوروبي والأمم المتحدة. 

حشد للتمويل 

وسيعمل المؤتمر على حشد التمويل من مختلف المصادر لمساعدة العراق لتلبية احتياجات إعادة الإعمار والتنمية فى فترة ما بعد الخلاص من تنظيم داعش وإعادة تأكيد الالتزام الوطني والدولي نحو دعم جهود إعادة الإعمار والتنمية، خاصة للمناطق التي تم تحريرها من قبضة التنظيم داعش.

كما ستتم تهيئة المسار لبرنامج مشترك بين الحكومة العراقية والمجتمع الدولي من أجل توجيه جهود إعادة الإعمار والتنمية والذي يدور حول وضع حلول جذرية لجميع من تأثروا بالنزاعات ودعم بناء القدرات المحلية والوطنية وتعزيز القدرة على الصمود ودعم منظومات الحماية الاجتماعية فضلاً عن التأكيد على التوازن بين الاستقرار وخطط إعادة الإعمار من جهة وبرنامج المصالحة الوطنية من جهة أخرى.

 مخاوف من الفساد

وقد عبرت العديد من الدول والجهات ذات العلاقة عن مخاوف من ان يبدد الفساد المستشري في العراق الاموال التي ستقدمها الدول المانحة لاعادة إعمار العراق.

وفي هذا الاطار، فقد اقر رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي خلال مؤتمره الصحافي الاسبوعي الثلاثاء الماضي بوجود "قلق بين الأجانب ازاء الفساد في العراق وهم يقولون إن الوضع الامني اختلف عما سبق ولكن الفساد اصبح الهاجس الاول لهم". واعرب عن أسفه "لصورة الفساد عن العراق في السنوات الماضية".. مؤكدًا أن "مكافحة الفساد تستغرق اشهرا. وقال "لا نتوقع ان تتحقق المعجزات بمؤتمر الكويت وانما هو خطوة لبناء العراق وكنا نرغب عقده في اكتوبر لكن البنك الدولي ومؤسسات أخرى طالبت بتأجيله للاستعداد أكثر وتقرر في فبراير الحالي لضمان نجاحه بشكل أكبر".

وسبق ذلك قول عضو اللجنة الاستشارية الخاصة بمجلس الوزراء السعودي أنور عشقي إن المملكة مستعدة لتخصيص مساعدات مالية لإعادة إعمار العراق لكنها تنتظر ضمانات من بغداد بشأن مصير المنحة. 

وأكد عشقي في تصريح صحافي أن "المملكة أبدت استعدادها للمشاركة في مؤتمر إعادة إعمار العراق لكن بعدة شروط وأرى أن الحكومة السعودية |تريد أن يكون القرار العراقي سياديًا.. الحقيقة أن العراق يقع تحت تأثير إيراني ودول أخرى.. المملكة تريد أن تعرف أين ستستغل أموال المنحة".

واوضح أن المملكة لن تتوانى عن مساعدة العراق وهي تقدم مساعدات إلى دول كثيرة بضمانات البنك الدولي وجهات دولية أخرى "للطمأنينة بشأن مصير المساعدة السعودية".

كما تتخوف بعض الدول من ان تذهب الأموال لجيوب الفاسدين، حيث ترغب بضمانات عراقية أنها لن تذهب إلا لمدن الشمال والغرب المدمرة. وقد رد مسؤول عراقي على ذلك بالقول إن بلاده تتجه لتأسيس صندوق حكومي يتمتع بشفافية كبيرة ويشترك فيه ممثلون عن الدول المانحة يشرف على إنفاق المبالغ المتحصلة من المؤتمر منعا للفساد أو ذهاب الأموال في مشاريع غير مهمة يتم بسببها حرمان سكان المدن المحررة. 

وكانت تقارير أصدرتها اللجنة المالية في البرلمان قد أشارت إلى أنّ حجم خسائر العراق جراء الفساد في السنوات الاثنتي عشرة الماضية بلغت نحو 450 مليار دولار من بينها 360 مليار دولار خلال فترة حكومتي المالكي الأولى والثانية (2006 2014).

وتشير تقارير حكومية عراقية إلى تدمير حوالي 180 مدينة وقضاء وناحية وبلدة فضلاً عن آلاف القرى في شمال وغرب العراق ووسطه حيث كانت الموصل ثاني أكبر مدن العراق بين أكثر المناطق تضرراً، الامر الذي يتطلب إعادة بناء إو إعادة تجديد حوإلى 40 ألف منزل هناك. 

جدول أعمال المؤتمر 

وستبدأ اعمال المؤتمر باطارها العام بافتتاح المركز الاعلامي مساء اليوم الاحد بعدها يعقد نائب رئيس مجلس الوزراء الكويتي وزير الخارجية الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح مؤتمرا صحافيًا يستعرض خلاله اهم جوانب اعمال المؤتمر وعدد الدول المشاركة والشركات المساهمة وعدد اصحاب رؤوس الاموال المشاركين في المؤتمر.

ويستعرض امين عام مجلس الوزراء العراقي مهدي العلاق غدًا الاثنين حجم الدمار الذي تعرضت له المدن والقرى العراقية والاموال اللازمة لاعادة الإعمار يعقبه بتقرير مفصل مصطفى الهيتي رئيس صندوق اعادة إعمار المناطق المتضررة من العمليات الارهابية عن حجم الدمار الذي اصاب البنية التحتية يعقبه مدير عام الصندوق العراقي للانماء الاقتصادي والاجتماعي بتقرير عن امكانية الصندوق في اعادة الإعمار.

كما يستعرض وزير التخطيط العراقي سلمان الجميلي في تقرير له جانبًا من برامج الاصلاح التي اعدتها الحكومة العراقية وتقدير حجم الخسائر والاحتياجات مع عرض افلام وقائعية عن الدمار الذي تعرضت له المدن العراقية، فيما تستعرض كلمات مفوضية الاتحاد الأوروبي واللجنة الدولي للصليب الاحمر وادارة البحر المتوسط والشرق الاوسط في الوكالة الفرنسية للتنمية الجوانب الانسانية في اعادة الإعمار وتختتم اعمال يوم الاثنين بتوصيات اللجان المشتركة واقتراحاتها بشأن اعادة الإعمار.

ويتضمن جدول اعمال اليوم الثاني الثلاثاء تقريرًا لوزير الخارجية الأميركية ريكسون تيلرسون، عن اشكال التمويل والضمانات المتعلقة به فيما يستعرض الدكتور سامي الاعرجي رئيس الهيئة الوطنية للاستثمار برامج الهيئة ضمن خطة اعادة الإعمار والاسهمات القطاع الخاص في هذا الميدان ودور مؤسسات التمويل الدولية فيها.

ويتضمن جدول اعمال اليوم الاخير للمؤتمر كلمات لامير دولة الكويت ورئيس الوزراء العراقي والامين العام للامم المتحدة، والمفوض السامي للاتحاد الأوروبي ورئيس مجموعة البنك الدولي، إلى جانب عرض تقارير اخرى عن رؤية اعادة الإعمار والتنمية في العراق وبرنامج الاصلاح واطار التمويل وما قطعته عملية المصالحة الوطنية في العراق من خطوات.

وتختتم جلسات المؤتمر مساء يوم الاربعاء المقبل بالبيان الختامي للمؤتمر الذي سيتوضح فيه حجم التمويل واسهامات الشركات الاستثمارية الدولية واصحاب رؤوس الاموال في عملية إعمار العراق واساليب تطبيق هذه الحملة الانسانية التي ستشارك بها اكثر من 70 دولة و 3200 شركة استثمارية والعشرات من اصحاب رؤوس الاموال من مختلف دول العالم.