اهتمت صحف عربية، بنسختيها الورقية والإلكترونية، بالاتفاق المبرم بخصوص دخول "قوات شعبية" إلى عفرين، لدعم وحدات الشعب الكردية في مواجهة عملية غصن الزيتون العسكرية التركية في المنطقة.

وتواردت أنباء حول توصل وحدات حماية الشعب الكردية في شمال سوريا إلى اتفاق مع دمشق، لدخول القوات السورية منطقة عفرين للمساعدة في صد الهجوم التركي.

"اتفاق هش"

ويؤكد عبدالباري عطوان، في رأي اليوم اللندنية، أن الاحتجاج التركي الرسمي على الاتفاق "يبدو مفهوما، لأنه يعني خلط جميع الأوراق، وزيادة مصاعب عملية "غصن الزيتون" التركية التي ما زالت تراوح مكانها منذ أن بدأت قبل شهر تقريبا، وعجزت حتى الآن عن تحقيق الأهداف التي انطلقت من أجلها."

ويضيف عطوان "قصف المدفعية التركية للممرات والحواجز التي كان من المفترض أن تمر عبرها القوات السورية إلى عفرين يوحي بحالة من الغضب التركي تجاه هذه الخطوة، وتحذير من احتمال الصدام معها، وهي رسالة فهمت مضمونها الحكومة السورية التي بادرت بتأجيل إرسال هذه القوات، ولكنه تأجيل مؤقت في جميع الأحوال، وجاء نتيجة وساطات عدة، إيرانية وروسية، ولن نفاجأ إذا كان ليوم واحد فقط".

كما تصف القدس اللندنية في افتتاحيتها الاتفاق بأنه "هشا"، معللة ذلك بالقول "إذ من غير الواضح ما إذا كانت الوحدات [الكردية] ستتعايش على نحو سلمي مع قوات النظام السوري، أو أن الهدف المشترك المعلن في مواجهة العملية التركية سوف يخمد التناقضات الكثيرة التي تكتنف قراءة الأرباح والخسائر لدى حزب العمال الكردستاني/حزب الاتحاد الديمقراطي والنظام السوري."

وتضيف الصحيفة "بذلك، فإن وحدات الحماية الشعبية تبدو الخاسر الأكبر في لعبة إقليمية إضافية، لا تغيب عنها واشنطن وموسكو. وليس هذا جديدا على الأكراد، كما تقول تجارب الماضي."

وفي الشرق الأوسط اللندنية، يتساءل يوسف الديني: "هل سيعود الأكراد إلى أحضان النظام السوري والإرادة الروسية، وبالتالي استبدال موسكو بالولايات المتحدة لمواجهة أنقرة؟ الجواب لا يمكن استنتاجه من هذه الإرادات المعارضة بقدر محاولة فهم السلوك الروسي في تسهيل عملية عفرين، التي هي في البداية موقف من أي مشروع كردي مستقل، لكنه أيضا إخراج الولايات المتحدة من تحقيق مشروع النصر على تنظيم داعش والسيطرة على شمال غربي سوريا، ما يعني مزيدا من التهميش لإدارة الرئيس الأميركي ترامب الذي يفقد أحد أهم مشاريعه الاستراتيجية في الحرب على الإرهاب."

"صفقة" عفرين

وفي الدستور الأردنية، يصف عريب الرنتاوي اتفاق عفرين بـ "صفقة تم إبرامها بين دمشق وأنقرة والحركة الكردية"، مضيفا: "المؤكد أن 'مايسترو' الصفقة وعرابها، هي موسكو وقاعدة 'حميميم'. موسكو تولت التنسيق 'رفيع المستوى' مع الأطراف، وربما من ضمنها واشنطن، راعية الأكراد وحليفهم الأهم والأقوى".

ويضيف الرنتاوي "لسنا على ثقة من أن الاتفاق المذكور سيبلغ خواتيمه السعيدة، فتعقيدات الميدان، وما يصاحبها من حسابات وحساسيات متناقضة، قد تطيح به في أية لحظة، وربما بصورة تعيد الوضع إلى ما هو أسوأ وأخطر مما كان عليه قبله، سيما أن اقتراب القوات النظامية التابعة لكل من سوريا وتركيا من بعضها البعض، تجعل البلدين يقفان على حافة هاوية ولا يحتاجان سوى لدفعة صغيرة للأمام، حتى ينزلقا إلى قعرها".

وفي الثورة السورية، يهاجم مصطفى المقداد تورط تركيا في عفرين، مشددا أن أنقرة باتت "اليوم في مأزق أشد، إذ تسقط أوهى الذرائع التي ساقها [الرئيس التركي رجب طيب] أردوغان للبدء بحملته العدوانية على الأراضي السورية، وهو مضطر للبحث عن مخرج يحفظ ماء وجهه من جهة ويحافظ على علاقاته الخارجية مع الغرب بعامة والولايات المتحدة الأميركية بخاصة من جهة أخرى.‏"

ويضيف المقداد "اليوم قد يجد أردوغان المخرج في دخول القوات الشعبية السورية إلى مختلف مناطق عفرين فهي تنفي سيطرة أي فصيل كردي على تلك المنطقة وتؤكد السيادة الوطنية السورية عليها، وبالتالي فإن أردوغان يستطيع أن يتذرع بتحقيق هدف إبعاد الخطر الكردي المزعوم، وإلا فإن المواجهة المباشرة مع الجيش العربي السوري الباسل هي الحل الوحيد لإخراج قوات الاحتلال التركي المعتدية وهو أمر سيتحقق بالتأكيد".