بيروت: قبل الغوطة الشرقية التي ترزح منذ مطلع فبراير تحت وطأة الغارات الكثيفة للقوات السورية، تعرضت مناطق خاضعة لسيطرة فصائل المعارضة لقصف عنيف وحصار خانق فرضه النظام لاجبار المقاتلين على الاستسلام والمدنيين على الفرار.

حمص

شهدت حمص القديمة منذ 2012 حصارا خانقا استمر عامين، كما شهدت قصفا ومعارك دامية دمرت هذه المنطقة التاريخية الاثرية.

وخرجت في مدينة حمص التي لقبها ناشطون معارضون بـ"عاصمة الثورة" كبرى التظاهرات الشعبية في العام 2011. وشهدت المدينة معارك ضارية بين الفصائل المقاتلة والجيش الذي تمكن في العام 2014 من السيطرة على مجملها بعد انسحاب نحو ألفي مقاتل معارض من أحيائها القديمة بموجب اتفاق تسوية أعقب عامين من الحصار والقصف.

الاتفاق كان الاول من نوعه بين النظام السوري والفصائل المقاتلة الذي يضمن انسحاب مقاتلين منذ اندلاع الحرب.

واودى الحصار الذي استمر سنتين بنحو 2200 شخص في المدينة القديمة، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان. 

وفي الوسط الاثري للمدينة الذي حولته المعارك الى انقاض، لم يكن لدى المحاصَرين ما يأكلونه سوى بضعة اعشاب وبعض الاطعمة الجافة.

وبين اذار/مارس وايار/مايو 2017 خرج آلاف المقاتلين من حي الوعر، آخر احياء الخاضعة لسيطرة الفصائل المعارضة في المدينة.

 حلب

في الاول من شباط/فبراير 2016، شنت قوات النظام مدعومة من مقاتلين تابعين لحزب الله ومقاتلات روسية هجوما على محافظة حلب في شمال سوريا.

وفي تموز/يوليو من العام نفسه قطعت قوات النظام آخر خطوط التموين لمقاتلي الفصائل المعارضة، طريق الكاستيلو. وقد حاصرت هذه القوات الاحياء الخاضعة لسيطرة المقاتلين حيث سجل نقص كبير في المواد وارتفاع حاد في الاسعار.

وفي 15 تشرين الثاني/نوفمبر وبعد شهر من التهدئة، استعادت اعمال القصف زخمها: وتعرضت الاحياء الخاضعة لسيطرة الفصائل المعارضة لاعنف عمليات القصف منذ سنتين على وقع البراميل المتفجرة والقذائف والصواريخ. واتهمت الدول الغربية روسيا والنظام السوري بارتكاب "جرائم حرب".

وقد سمحت هذه العملية للنظام السوري باستعادة الاحياء الخاضعة للفصائل المعارضة واحدا تلو اخر.

وفي 22 ديسمبر وبعد خروج آخر قافلة لمقاتلي المعارضة والمدنيين من شرق حلب، اعلن النظام استعادة سيطرته على كامل حلب.

نرحل او نموت

كانت داريا في ريف دمشق من اولى المدن التي انتفضت ضد النظام السوري. واستعادتها بالكامل قوات النظام اواخر اب/اغسطس 2016 بعد اجلاء آلاف المقاتلين والمدنيين الذين رزحوا على مدى اربع سنوات تحت وطأة حصار خانق وقصف مستمر.

وفي 2017 استعاد النظام السوري منطقة وادي بردى قرب دمشق، والتي كانت خرجت عن سيطرته في 2012، قبل ان يستعيد احياء اخرى في العاصمة من ايدي مقاتلي المعارضة (برزة، والقابون، وتشرين). وتوجه آلاف من المقاتلين والمدنيين الى محافظة ادلب (شمال غرب) الخاضعة لسيطرة فصائل ابرزها "هيئة تحرير الشام" وهي ائتلاف يغلب عليه الجهاديون واعلن ارتباطه سابقا بالقاعدة.

وفي الاشهر الاخيرة استعاد النظام من الفصائل المعارضة العديد من المناطق المحيطة بدمشق، بموجب "مصالحات" تُرجمت على الارض باجلاء مقاتلين مقابل انهاء اعمال القصف والحصار.

وفي تقرير بعنوان "نرحل او نموت" اعتبرت منظمة العفو الدولية ان الترحيل القسري من قبل القوات الحكومية بموجب "مصالحات" هو جزء من هجوم منهجي وواسع النطاق على السكان المدنيين، وبالتالي فانه يشكل جرائم ضد الانسانية.

واورد تقرير المنظمة ان "الحكومة السورية، وبدرجة أقل جماعات المعارضة المسلحة، فرضت حصارا على مناطق مكتظة سكنيا وحرمت المدنيين الطعام والدواء وحاجات اساسية أخرى في انتهاك للقانون الانساني الدولي".