موسكو: تشهد جمهورية انغوشيا في شمال القوقاز الروسي أزمة لم يسبق لها مثيل، أطرافها أئمة يتهمون السلطات المحلية بالفساد ومسؤولون سياسيون يريدون مراقبة المساجد بالكاميرات.

يعود أصل الازمة الى نقطة حساسة في هذه المنطقة الفقيرة ذات التقاليد المسلمة، اذ اتهم أئمة المساجد السلطات باختلاس أموال مخصصة لبناء مسجد كبير في العاصمة ماغاس يتسع لقرابة ثمانية آلاف مصل.

يشهد المشروع الذي يتضمن كذلك بناء جامعة ومركز ثقافي اسلاميين تباطؤا منذ أكثر من سنتين. ويقول مساعد مفتي انغوشيا محمد ختشيتيروف لفرانس برس "تم اختلاس الأموال والمدارس الدينية لا تحصل على تمويل، والأئمة ما عادوا يتقاضون مرتباتهم. الفساد في انغوشيا بلغ مستويات لا تصدق". يضيف "لأننا نفضح الفساد"، ترد السلطات بممارسة مزيد من الضغوط على الهيئات الدينية.

أشكال جديدة من الضغوط
بناء على طلب رئيس هذه الجمهورية الأفقر في روسيا يونس-بيك يفكوروف نُصبت كاميرات مراقبة في المساجد في مارس 2016 بعد اعتداء استهدف مسجدا في نازران. وتهدف المراقبة الى الحؤول دون تسييس الخطاب الديني، وفق ما أوضح الرئيس الانغوشي للاعلام الروسي.

لكن مفتي انغوشيا الشيخ عيسى خمخوييف وجّه الى ممثل الرئيس الروسي في القوقاز الشمالي اوليغ بيلافنتسيف رسالة اتهم فيها الرئيس يفكوروف بانه "يسعى الى ممارسة أشكال جديدة من الضغوط علينا".

دان المفتي مساعي "لمصادرة أراض" تعود إلى الأئمة، واغلاق إذاعة "انغوشت" التي يديرونها وأشار الى رفع دعاوى ضده بهدف الاستحواذ على الأرض المخصصة لبناء المسجد الجديد.

وأكد المفتي ان "التحيز ضد المسؤولين الدينيين مستمر". وحث في رسالته التي نشرها على فايسبوك سلطات موسكو على "اتخاذ تدابير" ضد يفكوروف مؤكدا انه يثير شعوراً "بالاستياء" لدى الشعب ويتسبب في "تفاقم الوضع في المنطقة".

ودعا المفتي مسلمي انغوشيا الى التجمع في 3 مارس في موقع بناء المسجد في ماغاس لمطالبة السلطات بإيكال ادارة المشروع الى الأئمة. وسرعان ما أبلغته النيابة بان المنظمين سيلاحقون أمام القضاء في حال مضوا في تنظيم التظاهرة من دون الحصول على ترخيص رسمي.

خطب مُسيسة
طالب الرئيس يفكوفور الذي يتولى منصبه منذ 2008، مرارا باستقالة المفتي ووجه السلطات الى مراقبة خطب المساجد حرصا على عدم "تسييسها".

وقال المتحدث باسم الرئيس خالد تنكييف لفرانس برس ان "المسجد مكان للصلاة. الخطب السياسية غير مقبولة فيه. على الأئمة ان يعززوا ثقة الناس بالسلطات" وليس أن ينتقدوها.

يمكن تفسير قلق السلطات باقتراب الانتخابات الرئاسية الروسية في 18 مارس وكذلك الانتخابات الانغوشية في سبتمبر المقبل والتي سينتخب النواب خلالها رئيس الجمهورية، وفق ما يقول غريغوري تشفدوف رئيس تحرير موقع "كوكيزيان نوت" المختص بأخبار شمال القوقاز.

يضيف ان "أئمة انغوشيا يمثلون قوة كبيرة. ففي غياب وسائل الاعلام الحرة وفي أجواء يندر فيها توجيه انتقادات للسلطات، يستمع مسلمو القوقاز للخطب بكثير من الانتباه".

يقول مساعد المفتي ختشيتيروف الذي كان يدير إذاعة "انغوشت" حتى اغلاقها في نهاية 2015، "لا ينبغي أن يقتصر كلامنا على الدين في المساجد. علينا كذلك أن نتطرق الى ما يحدث في المجتمع".

لكنه يضيف انه "من غير المطروح التلفظ بشعارات سياسية خلال الخطب. كل ما نريده هو أن يتوقف كبار المسؤولين عن تلقي الرشى".