بروكسل: يهدد الاختراق الكبير الذي حققه الشعبويون الأحد في إيطاليا واحتمال عودة المعادين للهجرة إلى السلطة في هذا البلد بعرقلة المشروع الفرنسي الألماني لإصلاح الاتحاد الأوروبي بعدما اكتسب زخما مع التوصل إلى اتفاق لتشكيل حكومة في برلين، وفق ما رأى محللون.

فبعد بضع ساعات فقط من موافقة اعضاء الحزب الاشتراكي الديموقراطي الالماني على تشكيل ائتلاف حكومي جديد مع المحافظين بزعامة انغيلا ميركل، رحب الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ب"خبر سار لاوروبا".

لكن مساء اليوم نفسه، حققت القوى المناهضة لاوروبا واليمين المتطرف اختراقا تاريخيا في الانتخابات الايطالية، اذ باتت حركة "النجوم الخمس" المعادية لهيئات النظام اول حزب في البلاد مع 31 في المئة من الاصوات فيما حاز تحالف حزب "فورزا ايطاليا" بزعامة سيلفيو برلوسكوني و"الرابطة" برئاسة ماتيو سالفيني (يمين متطرف) 37 في المئة.

وسيجبر عدم تحقيق اي من الجانبين غالبية واضحة القادة السياسيين الايطاليين على اجراء مفاوضات يرجح ان تكون شاقة وطويلة، ما يضع الاتحاد الاوروبي في حال من الترقب.

واكتفى المتحدث باسم المفوضية الاوروبية الاثنين بالقول "لدينا ثقة" بقدرة ايطاليا "على تشكيل حكومة مستقرة".

لصالح الاصلاحيين 

اوضح يانيس ايمانوليديس مدير الدراسات في مركز السياسة الاوروبية لفرانس برس ان "بعض المعارضين لاصلاح اوروبا بناء على رغبة باريس سيؤكدون ان الوقت ليس مؤاتيا الان للمجازفة انطلاقا من البلبلة التي تسود ايطاليا".

واضاف "في المقابل، سيقول اخرون انه لا بد من تغيير الامور لان الناخبين ضاقوا ذرعا بالوضع الاقتصادي وكيفية التعامل مع ازمة المهاجرين".

وذكر بان "قضايا المهاجرين هي احد الاسباب التي جعلت اليمين المتطرف يحقق هذه النتيجة، ولا بد من اخذ هذا الامر في الاعتبار".

كذلك، اعتبر ايمانوليديس ان المواجهة داخل الاتحاد الاوروبي بين انصار اوروبا ومناهضيها ستصب في النهاية لصالح الاصلاحيين على غرار ايمانويل ماكرون.

ويرى المحللون ان الخطر الاكبر على الصعيد الاقتصادي يتجلى في زيادة روما لنفقاتها على حساب الانظمة الاوروبية ما ان يبدأ القادة الايطاليون الجدد بالوفاء بوعودهم الانتخابية.

وراى فيديريكو سانتي الباحث في مركز "يوراجيا غروب" للابحاث ان هذا الامر قد يتسبب ب"خلافات بين روما والمفوضية الاوروبية".

ولاحظ ان "ايطاليا تواجه اصلا خطر عدم احترام الاهداف المالية التي حددها الاتحاد الاوروبي واي خطوة اضافية خارج هذا الاطار قد تؤدي الى عجز مفرط".

اكثر اعتدالا

واعرب سانتي عن اعتقاده ان حركة "النجوم الخمس" واليمين المتطرف سيكونان "اكثر اعتدالا مما اوحى به خطابهما الانتخابي ما ان يصبحا في الحكم" لانهما يريدان "الاثبات انهما حزبان حكوميان يمكن الوثوق بهما".

واستبعد في هذا السياق "الخروج من منطقة اليورو وطبعا الخروج من الاتحاد الاوروبي".

لكن جاك آلن المحلل في "كابيتال ايكونوميكس" اعتبر ان "احراز تقدم اضافي على طريق الاندماج الاوروبي قد يكون امرا صعبا"، موضحا ان الحكومة الايطالية الجديدة قد تدشن عملها ب"التصدي للجهود الهادفة الى زيادة مساهمات ايطاليا في موازنة الاتحاد الاوروبي" بعد خروج المملكة المتحدة.

وابدى ايضا خشيته من ان تطلب حركة "النجوم الخمس" مجددا اجراء "استفتاء حول موقع ايطاليا في منطقة اليورو"، الامر الذي كان احد ابرز بنود برنامجها لبضعة اشهر خلت.

من جهته، لا يتوقع هولغر شميدينغ الخبير الاقتصادي لدى مصرف بيرينبرغ سوى "تقدم محدود حول الاتحاد المصرفي وتحقيق بضع خطوات على طريق اقامة صندوق تأمين مشترك".

وتوقع ايضا "تقدما في مسائل غير اقتصادية مثل الدفاع".

ورأى انه سواء شهدت ايطاليا اتفاقا على ائتلاف حكومي او لا، فان "الموقف الالماني" حول اوروبا لن يعرف تبدلا كبيرا، "ف(انغيلا) ميركل في نهاية المطاف هي من يمسك بزمام الامور".