بهية مارديني: اعتبر عبد السلام النجيب عضو الأمانة العامة في تيار الغد السوري أن حالة الاستعصاء التي وصلت اليه الحالة السورية، سياسيا، تستلزم من السوريين كافة" المزيد من العمل لإنهاء المقتلة السورية" وعن جملة من القضايا المصيرية والمستجدات السياسية والعسكرية تحدث موضحا موقف التيار.

وقال في لقاء مع "إيلاف" أن مؤتمر سوتشي الذي شارك به التيار الى جانب بعض القوى السياسية المعارضة مع أطياف من النظام، نتجت عنه بعض الايجابيات وكذلك كان له بعض السلبيات.

وأوضح أنّ الايجابيات "تركزت في أنه نتج عنه اول اعلان مباديء مشترك بين النظام والمعارضة منذ بدء الثورة العام ٢٠١١، والمباديء الواردة في البيان الختامي تصلح لان تكون مباديء فوق دستورية، حيث تمتلك كافة عناصر الحكم الرشيد، والنظام الديمقراطي تقريبا".

قال ايضا: "أوصى مؤتمر سوتشي بلجنة دستورية مختلطة واذا تحقق ذلك، فإنها ايضا لاول مرة منذ عام ١٩٦٣ يتنازل النظام عن احتكاره للتشريع الدستور لصالح التوافق".

أما حول بعض السلبيات فاعتبر أن "بعض من ارسلهم النظام لم يأتوا بروح تصالحية، وإنما كأنهم أتوا مهرجان انتصار، ولم يحاولوا على الأقل غالبيتهم، ان يطَّلعوا على وجهة النظر الاخرى".

أما الامر الثاني، فقد رفض النظام البيان الختامي ورفض قيام الامم المتحدة بتشكيل اللجنة الدستورية، واذا استمر ذلك الرفض ، فإن ذلك سوف يعيدنا الى المربع الاول"، على حدّ تعبيره.

سلة الحكم

أكد النجيب أن الصراع في سوريا "أساسه سياسي، الشعارات كانت الشعب يريد إسقاط النظام، اي المعارضة تريد التغيير السياسي في البلاد، وشعارات النظام كانت الاسد او نحرق البلد، اي انه متمسك بالسلطة حتى النهاية. وبالتالي سلة (الحكم) هي اعقد واصعب سلة في المفاوضات، وأكثرها حساسية. واذا أعطيت هذه السلة الاولوية، فإن الانسداد سوف يظل قائما مهما كثر عدد الجولات". 

وأكد انه اذا تحققت اللجنة الدستورية المختلطة، فان ذلك سوف يفتح الباب امام أن يكون أولا الحوار الوطني من خلال اللجنة الدستورية وثانيا الدستور الحالي (٢٠١٢) يكرس حالة الاستبداد في البلاد كذلك ثالثا يتم التفاوض حول الإصلاح الدستوري، وفي رأينا، يجب ان يكون دستورا جديدا بالكامل، وهذا ما نص عليه قرار ٢٢٥٤.".

السلم الأهلي

رأى القيادي في تيار الغدّ السوري المعارض، أنه "اذا تحقق الإصلاح الدستوري فإنه يكون أساس لثلاثة أمور :السلم الأهلي، المصالحة الوطنية، الانتخابات بحسب الدستور الجديد، والتي يجب أن ينجم عنها نظام سياسي جديد، من الممكن ان يحتوي على عناصر من النظام القديم، وعناصر من المعارضة، واخرون مستقلون وتكنوقراط".

وتحدث عن "الإتفاق على الإصلاح الدستوري بين النظام والمعارضة والمستقلون"، وإن حصل، "فهو يصلح كي يكون اتفاق سلام، لانه اتفاق سياسي بالدرجة الاولى حول مستقبل البلاد". 

وحول التحديات التي تواجه اللجنة الدستورية أجاب النجيب "رفض النظام تشكيلها من قبل الامم المتحدة، وممارسة عملها خارج سلطته". 

كما ان التصعيد العسكري والمجازر ضد المدنيين خصوصا في الغوطة الشرقية، "يمكن أن تودي بالعملية برمتها الى المجهول. وخصوصا في ظل ما يجري في الغوطة عسكريا، فإن هذا سوف يدلل على ان النظام لا يبحث عن توافقات، وإنما انتصار ساحق، وعودة المعارضة الى التسليم بسلطته، وهذا سوف لن يؤدي الى تحول ديمقراطي في البلاد. اضافة الى ان العديد من اطياف المعارضة سوف ترفض المشاركة في اعمال اللجنة مع استمرار المجازر والحصار".

مأزق النظام

شدد على ان مخرجات سوتشي كانت مأزقا للنظام، اذا قبل بها وتعاون فسوف يقدم تنازلات، واذا استمر في الرفض سوف يهدد ذلك علاقاته مع روسيا، فاختار الخروج من هذا المأزق عن طريق المجازر واجتياح الغوطة". 

ورسم النجيب خريطة الوضع الحالي بان الدول المتدخلة في الشأن السوري كل منها تبحث عن مصالحها، وليس مصالح الشعب السوري بطبيعة الحال، لذلك فإن "الخلافات فيما بينها تحل بتقاسم المصالح فيما بينها، وهذا في اغلب الأحيان ضد مصالح الشعب السوري. ولا تملك المعارضة الان درجة معقولة من التأثير على اي دولة، بل تكاد تكون في غالبيتها معارضة تابعة لهذه الدولة او تلك، بينما يملك النظام هامشا من الاستقلالية عن حلفائه الروس والايرانيين".

ولفت الى أن أميركا وروسيا متفقتان على الإطار العام للحل، قرار ٢٢٥٤ مثلا، ولكنهما غير متفقتان على طريقة الوصول اليه، ولا يوجد بينهما قدر كبير من الثقة المتبادلة، محذرا من أن "المعادلات ان لم تتغير، فإن فرص الحل سوف تكون ضعيفة".

وأشار الى رفض النظام لمفهوم الدستور الجديد، او النطاق الواسع الإصلاحات الدستورية، وإنما رغبته في اجراء بعض التعديلات على الدستور الحالي، وهذا سوف يتسبب في فشل اللجنة الدستورية اذا تم تشكيلها. 

أقل تقاولا

وحول موقف تيار الغد السوري قال النجيب إنه "الآن اقل تفاؤلا مما كان عليه قبل الهجوم على الغوطة، و الرسمي للنظام لمخرجات مؤتمر سوتشي".

ولفت الى أن تيار الغد السوري يحبذ تغيير النظام السياسي الى برلماني وليس رئاسي، وهذا ينزع الفتيل امام مشكلة الصلاحيات الرئاسية. من الممكن ان يمارس مجلس الوزراء مجتمعا الصلاحيات التنفيذية الكاملة.

كما اوضح ان المجلس التشريعي يجب ان يكون غرفتين، واحدة لممثلي الاحزاب، والثانية لممثلي المجتمع الأهلي (الأعيان، الشيوخ، زعماء الطوائف والمكونات الاثنية، الشخصيات الهامة...).

واوضح النجيب أنه إذا تحقق الاتفاق على الإصلاح الدستوري، فسوف "يأتي استحقاق (البيئة الامنة والمحايدة) لإجراء الانتخابات. هذا الوضع هو بمثابة (مرحلة انتقالية). اذا استمر النظام في الحكم حينها، فإن مسألة الضمانات يجب البحث فيها بشكل موسع، مثلا كافة المراكز الانتخابية خالية من اي وجود أمني او مسلح لأي طرف، وتحميها القبعات الزرق... ولكن هذا لا يكفي، لان النظام سوف لن يسمح بإجراء الحملات الانتخابية للمعارضة".

واكد "نحن نعتقد ان البيئة الامنة لإجراء الانتخابات في ظل استمرار نفس النظام الحالي واجهزته الأمنية وطريقة تفكيره وسلوكه، هي محض احلام وخيال".

وانتهى الى أن "اللجنة الدستورية يمكن أن تصلح كأساس للحل السياسي في سوريا، ولكن اذا بقيت المعادلات والسلوكيات السائدة محليا واقليميا ودوليا على وضعها الحالي، فإن العملية لن تحرز اي تقدم".