وافق مجلس النواب المصري أمس على تعديل مواد في قانون العقوبات، لتشديد العقوبات على حائزي أو مستوردي أو مصنعي المواد المتفجرة والمفرقعات.

ووفقا للتعديل الجديد، تكون عقوبة حيازة المتفجرات السجن المؤبد لمدة 25 عاما، ويمكن أن تصل إلى الإعدام إذا استُخدِمَت هذه المتفجرات في "غرض إرهابي" وفق نص إحدى المواد المعدَلة.

ويقضي التعديل كذلك بمصادرة المباني والمنشآت إذا كانت مملوكة للجناة، كما يقرر عقوبة الحبس لمدة لا تزيد عن ثلاث سنوات لكل من علِم بارتكاب الجريمة ولم يبلغ السلطات، حتى لو كانوا من أقارب الدرجة الأولى للمتهم أو من أفراد عائلته.

"يتعارض مع منطق الأشياء"

يقول النائب طلعت خليل، عضو مستقل بمجلس النواب المصري، لبي بي سي إن ما جاء به التعديل القانوني الجديد يتعارض مع منطق الأشياء.

ويوضح خليل أن التطبيق العملي يثبت استحالة أن يقوم أب بالإبلاغ عن ابنه، أو زوجة تبلغ عن زوجها، حتى لو علمت بحيازته للمتفجرات لاستخدامها في عمل إرهابي.

ويرى الفريق المعارض لهذا التعديل الشريعي أن مسألة معرفة السلطات بالجريمة تكون قد تمت بالفعل، إذ يفترض القانون أن الأجهزة المعنية علمت بحيازة الشخص للمتفجرات وألقت القبض عليه بالفعل. وبالتالي، لا يُفترض أن تعاقب أسرة الجاني لأنها لم تبلغ، فالعنصر المُجَرَّم بالقانون تمت إزالتُهُ بمجرد علمِ السلطات بالجريمة.

ويخشى المعارضون، وفقا للنائب طلعت خليل، أن يؤدي التشريع الجديد لتفسخ المجتمع، وتحويل أفراد الأسرة إلى مخبرين أمنيين يبلغون عن بعضهم بعضا، وقد تستخدم الكيدية في هذه البلاغات بغرض الانتقام أو تصفية الحسابات.

"حاضنة شعبية واجتماعية"

من ناحية أخرى، يقول النائب محمد أبو حامد، عضو مجلس النواب المستقل، إن التشريع الجديد خضع لبحث دقيق داخل اللجنة التشريعية للمجلس، بعد أن ورد من الحكومة وبه فقرة خاصة بإعفاء أقارب المتهم من الدرجة الأولى إذا لم يبلغوا عن هذه الجريمة .

غير أن اللجنة التشريعية رأت ضرورة إدراج أسرة المتهم وأقاربه من الدرجة الأولى ضمن دائرة من تشملهم عقوبة الحبس بسبب عدم الإبلاغ عن جريمة "حيازة المتفجرات" رغم علمهم بها، حسبما قال أبو حامد.

ويتساءل أبو حامد: "كيف يستقيم أن يعلم أب أن ابنه يجهز نفسه أو سيارته بمواد متفجرة بغرض ارتكاب جريمة إرهابية تؤدي إلى مقتل العشرات دون الإبلاغ عنه حماية للمجتمع وصيانة لأمنه؟!"

وأضاف أن قانون العقوبات المصري يجرم فعل التستر على مجرم، والجميع متساوون أمام القانون بغض النظر إن كانوا من أقارب الجناة أو غيرهم، إذ يهدف التعديل الجديد للحد مما يصفه النائب البرلماني "بالحاضنة الشعبية والاجتماعية" أينما وجدت للمتشددين والإرهابيين المفترضين.

لا عقاب بدون جريمة

ووفقا للقاعدة القانونية التي تقول بإنه لا عقابَ بدون جريمة، فإن المعضلة الحقيقية التي تقف أمام هذا التشريع، وفقا للخبير الدستوري شوقي السيد، ستكون في التطبيق على أرض الواقع.

ويقول السيد لبي بي سي إن الأمر متروك للقاضي الذي يحقق في هذه القضية، وسيكون لزاما عليه إثبات معرفة أو عدم معرفة أقارب المتهم بارتكابه الجريمة، والتحقق من إمتناعهم عن الإبلاغ.

كذلك سيكون على القاضي التعرف على الأسباب التي دفعت أقارب المتهم إلى عدم الابلاغ عنه، وتقدير هذه الأسباب لإنزال العقاب من عدمه.

ويوضح الفقيه الدستوري أن التشريع هو فعل إنساني بغرض سد ذريعة أو خلل يؤدي إلى ارتكاب الجرائم، مشيرا إلى أن الكثير من الجرائم التي حدثت في مصر خلال الفترة الماضية، وقعت بسبب عدم إبلاغ المواطنين أو أهالي الجناة عنهم، ما تسبب في وقوع حوادث إرهابية مازال المجتمع يعاني منها حتى الآن.

وسيدخل التعديل الشريعي الجديد حيز التنفيذ بعد تصديق رئيس الجمهورية عليه ونشره بالجريدة الرسمية، ليضاف إلى تعديلات أخرى أقرها البرلمان المصري مؤخرا على قانون العقوبات، بغرض مساعدة الحكومة المصرية التي تقول إنها تخوض "حربا ضروسا ضد الإرهاب".