كشف عرض تذكاري جديد أقيم مؤخراً في متحف تيت مودرن للفن الحديث في لندن عن جوانب وتفاصيل مرتبطة بحياة الرسام الشهير، بابلو بيكاسو، وقصة صعوده التي وصلت أوجها عام 1932، وهو العام الذي وصف بـ"الاعجازي" بالنسبة للفنان الراحل.

ولمن لا يعرف، فإن بيكاسو حين اقترب من سن الخمسين، وكان ذلك بحلول عام 1932، كان يمتلك الكثير من الأموال وكان بنفس درجة ثراء الملك كرويسوس (إبان فترة القرن السادس قبل الميلاد) وكان يعيش في شقة وستوديو بشارع La Boétie الذي يقع في الحي الثامن الراقي، وكان يمتلك قصرا ريفيا في الشمال الغربي باتجاه نورماندي، وكان يستعين في تنقلاته بسيارة من انتاج شركة هيسبانو سويسا.

وتزوج بيكاسو منذ العام 1918 من راقصة باليه تدعى أولغا خوخلوفا، وكان وقتها في طريقه لبسط نفوذه على عالم الفن بطريقة لم يسبق أن وصلها أي رسام. لكن بحلول منتصف العام 1931، بدأ يشعر ببعض القلق. وربما عاش بيكاسو طوال حياته وهو يعاني رهبة مرضية من الموت، وأكثر ما كان يخشاه هو أن يموت قبل أن يترك خلفه ما يعتبره إرثاً مناسباً. 

وبحلوله عامه الـ 40 عام 1921، كان اسمه قد بدأ في البزوغ وبدأت تطارده أضواء الشهرة، لكنه كان يخشى ما يخشاه في تلك الفترة من ألا يقدم ما يكفي من أعمال فنية وأن يعود أدراجه لواقع الفقر الذي عانى منه في سنوات حياته الأولى بالعاصمة الفرنسية، باريس، وهو ما كان يخشاه بالفعل.

وفي العام 1930، سُرِق من والدته التي كانت تعيش في برشلونة 400 عملاً فنياً من أعماله الخاصة، في واقعة بائسة استمرت تداعياتها على مدار 8 أعوام، وتعرض خلالها بيكاسو لكثير من الانتقادات بسبب ما اعتبره البعض "دعاية ذاتية" ولإبقائه والدته في ظروف حياتية صعبة يحاصرها الفقر من جميع الاتجاهات. وفي نفس الوقت، كانت زوجته، أولغا، قد بدأت تعاني من تراجع في قدراتها الذهنية، فضلاً عن تضرر صحتها البدنية بسبب تعرضها بشكل متكرر لنزيف أمراض النساء.

وكان الحدث العام الوحيد الذي أقيم عام 1932، وهو العام الذي تم الاحتفاء به في معرض بيكاسو التذكاري الذي أقيم بمتحف تيت مودرن، هو أول عرض كبير يقام لبيكاسو طوال مسيرته.

وقال بيكاسو في منتصف يونيو عام 1932 "لما يتعين عليَّ أن أحرم نفسي من متعة مشاهدة كل ما قدمته من أعمال مرة أخرى على مدار ثلث قرن؟ لذا أنا هنا، نشيط ومقبل على الحياة، وأتولى رعاية معرض خاص بأعمالي للمرة الأولى كما الصبية في سن العشرين. ويبدو الأمر وكأني أشاهد رؤية استرجاعية لنفسي بعد وفاتي بعشرة أعوام".

ومؤكد أن بيكاسو كان مشتاقاً ومحباً للعمل بصورة لا يمكن إنكارها خلال العام 1932، فإلى جانب عديد اللوحات، الطباعات والمنحوتات، فإنه قام برسم 64 لوحة فردية وهو في سن الـ 51. وكان يدرك بيكاسو قيمة ما يقدمه من أعمال وكذلك قيمته الشخصية. 

وبدءً من العام 1932، بدأ يركز بيكاسو في أعماله على تقديم لوحات هادئة وحسية لنساء في وضعيات النوم، الاسترخاء، القراءة والانغماس في الأحلام. وربما كانت تلك الفترة بمثابة فترة خاصة في حياة بيكاسو، حيث كان يبدو وقتها أكثر حيوية وشباباً من أي وقت مضى، كما يمكن القول إنه كان أكثر حباً للجنس خلال تلك الفترة.

أعدت "إيلاف" المادة نقلا عن موقع " spectator" ، الرابط الأصلي أدناه
https://www.spectator.co.uk/2018/03/peak-picasso-how-the-half-man-half-monster-reached-his-creative-and-carnal-zenith