الرباط: اعترف سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة المغربية، بأن اللغة العربية في بلاده لا تحظى بالمكانة التي تستحقها، مؤكدا أن وضعها الدستوري تعزز بعد دستور سنة 2011، لكن لم يواكبه تطور على مستوى الواقع.

وقال العثماني «نحن واعون بأن اللغة العربية عمليا وعلى أرض الواقع لم يتعزز بعد موقعها بالشكل الكافي»، داعيا الجميع إلى تضافر الجهود لخدمتها «يجب أن يضع اليد في اليد لكي نعطي اللغة العربية المكانة التي تستحقها».

وأضاف العثماني ، في كلمة ألقاها في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الوطني الخامس للغة العربية، الذي انطلقت أشغاله مساء اليوم الجمعة، بالرباط، أن اللغة العربية «كان لها الفضل في نقل عدد من المعارف والعلوم من العالم الإسلامي إلى غرب أوروبا».

وشدد رئيس الحكومة المغربية على أن اللغة العربية التي كانت أداة لنقل العلوم والمعرفة في زمن معين «لن تعجز اليوم عن أن تكون مستوعبة لكل العلوم»، وذلك في رد غير مباشر منه، على الدعوات التي تطالب باعتماد اللهجة المحلية في التعليم.

جانب من حضور افتتاح المؤتمر الوطني الخامس للغة العربية بالمغرب

وأفاد العثماني في المؤتمر الذي ينظمه الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية حول موضوع «الخيارات اللغوية للمغرب وتطوير النموذج التنموي»، بأن اللغة العربية «لا خوف عليها عالميا لأنها لغة أممية لها من القوة ما يجعلها حية باستمرار»، معتبرا أنها «تتجاوز المغرب والدول العربية».

ورغم ذلك، عاد رئيس الحكومة ليؤكد بأن اللغة «تحيا بالاستعمال وتموت بالإهمال»، معتبرا أن المجتمع المدني والمؤسسات الوطنية ووسائل الإعلام لها «أدوار مركزية في دعم اللغة العربية ونهضتها في وططنا»، مبرزا أن من واجب «تاريخنا وتراثنا وحضارتنا التي تناقلتها أجيال المغاربة عبر التاريخ وأوصلوا لنا هذا الإرث أمانة يجب أن نرعاها، ونضمن وصولها للأجيال اللاحقة إما كما ورثناها أو احسن مما ورثناها».

فؤاد بوعلي رئيس الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية بالمغرب

من جهته، قال فؤاد بوعلي، رئيس الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية، في كلمة بالمناسبة، إن أساس «التنمية لا يتم إلا باللغة الوطنية»، معتبرا أن تحييد اللغة واستبعادها من النقاش الدائر بالبلاد حول النموذج التنموي «لا يمكن أن يكون إلا اجترارا للفشل وتكرارا له»، حسب تعبيره.

وشدد بوعلي على ضرورة إيلاء اللغة العربية الاهتمام اللازم واحترام مكانتها الدستورية، مبرزا أن أي تنزيل سليم للدستور «لا يمكن أن يتم إلا داخل توافق وطني حول قضية اللغة التي تمثل قضية مجتمع وليس مؤسسات فقط». 

وزاد رئيس الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية موضحا أنه «لا يحق لأحد أن يفرض على أبناء الوطن لغة المستعمر»، وذلك في إشارة إلى التيار الفرنكوفوني بالبلاد الذي يسعى جاهدا لفرض اللغة الفرنسية في التعليم والإدارات المغربية والتمكين لها.

وفي أشبه ما يكون بتحذير من بوعلي للدولة والمسؤولين، قال«إن أي قفز على الحقائق سيؤدي إلى تشظي الهوية وتفرقها»، مجددا التأكيد على أن الائتلاف الوطني من اجل اللغة العربية ظل ملتزما بـ«خطاب مستحضر لقيم المشترك الجمعي التي ناضل من أجلها أبناء الشعب دفاعا عن الثوابت الوطنية في ظل السيادة والوحدة».

وينتظر أن يناقش المشاركون في المؤتمر الذي تستمر أشغاله ليوم غد السبت، في جلسات علمية وندوات فكرية موضوع الخيارات اللغوية ودورها في إرساء النموذج التنموي وتطويره، إذ يرتقب أن يخرج المؤتمر بعدد من التوصيات التي سترفع بهذا الشأن.

وشهد الافتتاح مشاركة عدد من الأدباء والمثقفين والباحثين، بالإضافة إلى وزراء وممثلي عدد من المؤسسات المعنية باللغة والثقافة بالبلاد، والذين شددوا في عدة مداخلات على أهمية ومركزية اللغة العربية في إنجاح النموذج التنموي الذي يجري الإعداد له في المغرب، استجابة للدعوة التي وجهها العاهل المغربي الملك محمد السادس لمختلف المؤسسات، من أجل الإسهام في هذا الورش الطموح.