ترشحت 111 لبنانية للانتخابات النيابية المقررة في 6 أيار/مايو، الرقم الذي يعني قفزة كبيرة مقارنة بأعداد المرشحات في الدورات السابقة. مراسلة بي بي سي عربي في بيروت كارين طربيه توضح أنه على الرغم من هذا الرقم القياسي، إلا أن احتمال ازدياد نسبة تمثيل النساء في البرلمان اللبناني يبقى ضعيفا.

بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، خاطب رئيس الجمهورية اللبناني ميشال عون المرأة: "لا تنتظري أن يتنازل لك الرجل عما يعتبره دوره وحقه، لا تنتظري أن يعطى دورك كمنحة أو هبة من خلال كوتا ما، خذي المبادرة واعتلي المنابر، افرضي حضورك وخوضي السياسة من باب الفاعل لا المتلقي".

يضع رئيس الجمهورية مسؤولية تبوؤ المرأة للأدوار القيادة السياسية رهنا بمبادرتها. لكن الصورة ليست بهذه البساطة، وقد يكون الدليل الأكبر على ذلك هو مشهد الترشيحات النسائية، بعيدا عن الانبهار بالأرقام.

صحيح أن 111 امرأة قدَمن ترشيحهن للانتخابات النيابية، لكنَ العبرة ليست بالرقم العالي، إنما بحظوظ الوصول إلى البرلمان.

بداية، لا بد من ملاحظة بعض العوامل التي ساهمت في بلورة "اندفاع نسائي" طامح لمزيد من العمل السياسي؛ فعلى مدى السنوات الماضية بذلت جهود كبيرة من قبل جمعيات ومؤسسات لتمكين المرأة في المجتمع في مختلف المجالات ومن ضمنها السياسي، ثم أدت بعض الأزمات التي شهدتها البلاد - وما تبعها من تحركات مطلبية - إلى بروز أصوات نسائية تمكنت من فرض نفسها في المساحة العامة.

وجاء تغيير طبيعة النظام الانتخابي من أكثري إلى نسبي ليفتح المجال - ولو نظريا - أمام محاولات خرق المشهد السياسي الاعتيادي بلاعبيه المعروفين، فبدا وكأنه يمكن للنساء أن يترشحن للانتخابات دون "مونة" رجال هم قادة الأحزاب السياسية.

وهنا تماما مكمن العلة.

إن الغالبية الكبرى من اللاتي ترشحن للانتخابات لا ينتمين لأي من الأحزاب، وهذا ما يقلَص فعليا من فرصة وصولهن إلى المجلس النيابي على اعتبار أن الأحزاب هي التي تملك قوة الدفع الحقيقية في البلاد والتي تحرَك الشريحة الأكبر من الناخبين.

كما ان اعتماد ما يِسمى بالصوت التفضيلي في الانتخابات يلعب أيضا دورا ليس في صالح النساء؛ فالصوت التفضيلي يعطي للناخب حرية اختيار اسم من بين الأسماء المرشحة على اللائحة الانتخابية أفضلية الوصول إلى البرلمان من بين المرشحين الاخرين. بمعنى أنه إذا ما تمكنت لائحة ما من الحصول على نسبة أصوات تؤهلها الفوز بمقعد واحد، فهذا المقعد يذهب حكما لمن حصل على العدد الأكبر من الأصوات في اللائحة وهو ما يعني فعليا، إما الصوت التفضيلي الذي حصل على أكبر نسبة تصويت أو من يترأس اللائحة.

وفي الحالتين، فإن الغلبة تكون للرجال، خاصة في ظل وجود أنماط اجتماعية سائدة غالبا ما تفضل الرجال على النساء في الاختيارات السياسية.

وهذا ما يوصلنا إلى مسألة تركيب اللوائح وترتيبها؛ فالتحدي الأكبر للنساء هو في أن يتمكنّ من حجز أماكن لهن في اللوائح الانتخابية، لاسيَما تلك التي تعتبر قوية، وأن يكون ترتيبهن على تلك اللوائح متقدما، وإلا فستصبح النساء مجرد زيادة عدد تذيَل بهن اللوائح، أو قد يصبحن فعلا خارج المنافسة.

الآن وقد قامت النساء بالمبادرة، يجب أن يطرح السؤال عن مدى مسؤولية الرجال في مواكبة ذاك الاندفاع.

وبالحسابات الانتخابية، وفي ظل الثقافة الذكورية الأبوية السائدة، قد لا تكون التوقعات مشجعة، ولا يجب أن يلقى اللوم في ذلك على تقصير نسائي.

وهذا الامتحان هو الأبرز مرحليا لا سيًما وأن المهلة النهائية لتقديم اللوائح الانتخابية هي 27 آذار/مارس - عندها ربما تُصبح مجالات التفاؤل أو التشاؤم أكثر واقعية.