أبرزت صحف عربية تحليلات للمرحلة القادمة من الصراع في سوريا بعد سيطرة القوات الحكومية وحلفائها على أكثر من نصف الغوطة الشرقية، وصدور تقارير عن تقدم القوات التركية في عفرين.

ويطرح معلقون تصورات مختلفة عما قد تحدده نتيجة القتال في الساحتين.

"فضيحتنا الأخلاقية"

يقول إلياس خوري في القدس العربي اللندنية: "ربما لا يملك أحد جوابا سياسيا على هذه المجزرة السورية المستمرة منذ سبع سنوات، فالنقاش السياسي حول مصير سوريا ومعها مصير بلاد الشام بأسرها خرج من أيدي شعوب المنطقة، وصار جزءا من مجزرة القيم في عالم اليوم. لكن الجواب يبدأ من مكان واحد، هو تأسيس موقف أخلاقي ضد الاستبداد والقمع والأصولية والعنصرية، ودفاعا عن حق الإنسان في الكرامة والحرية".

ويضيف الكاتب: "إذا لم يتأسس موقف ديمقراطي علماني يساري جديد على هذه القيم، فهذا يعني أن مجتمعاتنا استسلمت للهباء. الغوطة هي فضيحتنا الأخلاقية".

وتقول الرأي اليوم اللندنية في افتتاحيتها: "السؤال الذي يتردد بقوة حاليا في أوساط كبار المحلّلين الاستراتيجيين الخبراء في شؤون الشرق الأوسط، هو أين ستكون المواجهة القادمة بعد نجاح الجيش العربي السوري في السيطرة على أكثر من نصف الغوطة الشرقية، وتقسيم الجزء المتبقّي الواقع تحت سيطرة المسلَّحين إلى ثلاثة جيوب رئيسية محاصرة كلّيا أو جزئيا؟"

وتتابع: "المواجهة الأمريكية السورية قادمة حتما، والمسألة مسألة اختيار الوقت المناسب، والحصول على ضوء أخضر من غرفة عمليّات الحُلفاء".

كما تقول افتتاحية الثورة السورية: "المعارك والجبهات المفتوحة في الشمال والجنوب وجزء من الشرق ستكون تبعا لحصيلة معركة الغوطة، وما حملته من مفاجآت كانت تمثل أوراق قوة إضافية لمصلحتها النهائية، والتي تؤشر بشكل حاسم أن الجيش العربي السوري وحلفاءه باتوا أقرب إلى الحسم من أي وقت مضى، وهذا يقدم فائضا من الأوراق تصب جميعها في كفة محور مقاومة الإرهاب بالضرورة الحتمية.. ميدانيا وسياسيا".

وتتابع الجريدة: "تمثل الغوطة حيزا يشغل ما هو أبعد من مساحة البلدات والمدن والمزارع، وحتى الموقع الجغرافي على أهميته ومتاخمته للعاصمة دمشق، والتي باتت وفق ما اصطلح على تسميتها بالخاصرة الرخوة، خصوصا أن الموازين والاعتبارات والمعادلات لا تتشكل بأبعادها العسكرية والسياسية فحسب، بل تفتح سياقا موازيا للاعتبارات المتداخلة المشتقة أساسا من جوهر المواجهة بين المحورين، والترتيبات التي تقتضي التفكير بما بعد المعركة، خصوصا أن الموازين السياسية ستعكس حالة الصراع الجذري بين المحورين".

اقرأ أيضا: الجيش التركي يعلن "تطويق عفرين" السورية

"الإرهاب الأشد وقعا"

ويقول فايز سارة في الشرق الأوسط اللندنية: "المبرر الرئيسي لحرب إبادة الغوطة وسكانها، كما يطرحه الحلف الثلاثي، هو محاربة الإرهاب الذي يصفون به تشكيلات المعارضة المسلحة في الغوطة، وهي التشكيلات ذاتها التي انخرطت في العملية التفاوضية في جنيف وآستانة، وهي طرف في اتفاق خفض التصعيد بالغوطة الذي تم الوصول إليه بضمانة كل من روسيا وإيران وتركيا العام الماضي، وقد امتنعت روسيا وإيران عن مواجهة خروقات نظام الأسد للاتفاق، بل شاركتا فيها قبل أن تصطفا مع حليفهما في الحرب الراهنة على الغوطة، الأمر الذي يسقط بالمعنى السياسي وصف الإرهاب عن تشكيلات المعارضة المسلحة في الغوطة، ويجعل كل من يقف إلى جانب نظام الأسد، مثل إيران، توصف به".

ويتابع: "وسط مقولة أطراف الحلف وأنصارهم أنهم يحاربون إرهاب جماعات التطرف، إنما يتجاهلون أن ما يقومون به هو الإرهاب الأشد وقعا ونتائجا، لأنه إرهاب مزدوج، يقوم على تشارك إرهاب الدولة مع إرهاب الميليشيات التابعة لها، وهذا لا يوقع أكثر الخسائر البشرية والمادية فقط، بل يعزز البيئة الحاضنة للإرهاب، ويولد جماعات أكثر تطرفا وتشددا".

وفي الصحيفة ذاتها، تكتب لينا الخطيب: "مفهوم السيطرة المستخدم في الحديث عن سوريا في المجال العام في الغرب، غالبا ما يتم اختزاله إلى الأمور العسكرية. وهذا أمر مثير للجدل؛ لأنه يتجاهل البعد غير العسكري لما تشمله السيطرة، مثل الاقتصاد والحوكمة".

وتضيف الكاتبة: "إن إهمال شمل هذين الجانبين عند الحديث عن السيطرة يشوه حقيقة الديناميكيات في سوريا، من حيث صلتها بالأطراف المختلفة المشاركة في الصراع على الأرض، وكذلك الديناميكيات المتعلقة بمشاركة الجهات الأجنبية."