لندن: كان ما أنجزه الفيزيائي الراحل ستيفن هوكينغ استثنائيًا، وكان ما فعله في العقود الأولى من حياته الأكاديمية لتوسيع معرفتنا بالكون أكبر مما يستطيع أن تحققه أغلبية الفيزيائيين في حياة كاملة. عُرف هوكينغ باكتشافه أن الثقوب السوداء تختفي ببطء من خلال عملية اصبحت تُعرف الآن باسم "إشعاع هوكينغ". وفي منتصف سبعينيات القرن الماضي، صار عملاقًا في الفيزياء الفلكية.

أسئلة بلا إجابات

كان له تأثير بالغ في المجتمع، حيث حرص على أن تكون أعماله شعبية في متناول الجميع، مع تعريف الجمهور إلى جوانب معقدة من الفيزياء النظرية.

أثبت هوكينغ أن اسئلة مثل: "ماذا يحدث عندما تسقط في ثقب اسود؟" أو "كيف نشأ الكون؟" هي اسئلة تهم الجمهور كما يبين بيع ملايين النسخ من كتبه وشهرته بسبب حبه للاكتشاف ومهارته في التواصل مع الآخرين.

كان فكاهيًا متفائلًا على الرغم من ابتلائه بإعاقة شديدة، وعجزه عن نقل افكاره بالكلام. وعلى الرغم من الوهن الذي أخذ يدب في جسده، فإن عقله بقي متقدًا متحفزًا واستمر في التدريس وكتابة البحوث العلمية.

عمل هوكينغ وحياته ومساهماته العلمية جعلته مصدر الهام لملايين في إنحاء العالم. لكن على الرغم من نجاحاته الباهرة في عدد من المجالات، فثمة دروس أربعة لم يتعلمها، كما يقول الفيزيائي الفلكي إيثان سيغل في مجلة "فوربس".

الدرس الأول

ما زلنا لا نعرف تمامًا ويقينًا إن كانت الثقوب السوداء تدمر المعلومات. ففي حين أن المعلومات التي يتضمنها كتاب يمكن أن تُطبع على حافة الثقب الأسود، سيتحلل هذا الثقب الأسود في النهاية إلى إشعاع حراري محض هو إشعاع هوكينغ. فماذا يحدث لمعلومات الكتاب؟ هل تُحفظ وتقع في الشِباك الكمية للاشعاع؟ أم تُفقد إلى الأبد في هاوية الثقب الأسود؟ فعلى الرغم من انجازات هوكينغ، تبقى هذه الأسئلة بلا إجابات. 

الدرس الثاني

الانفجار الكبير لا يستلزم التفرد. تخيل كل المادة والطاقة في الكون مكثفة في نقطة واحدة: نقطة التفرد. لكن هذا يتجاهل توسع الكون الذي كان في حالة فيزيائية مختلفة ربما لا تكون لها بداية متفردة بالمرة. وعلى الرغم من كل ما يقوله هوكينغ عما جاء قبل بداية الزمن، فإن الكون لا يفرض علينا الاعتقاد أن للزمن نفسه بداية.

الدرس الثالث

البشرية ليست محكومةً بالهلاك على يد المخلوقات الفضائية أو الذكاء الاصطناعي أو أيدينا نحن. ربما تكون المخلوقات الآتية من كواكب أخرى معادية، إن وجدت، لكن هناك أسباب وجيهة بالقدر نفسه للاعتقاد أنها ربما تكون مسالمة ومحبة للاستطلاع. حتى إذا كانت معادية، فإن البشر قادرون على البقاء كما تمكن النمل من البقاء رغم أنف البشر. وحتى بوجود التلوث والتغير المناخي، من المستبعد أن ينقرض الجنس البشري. والخطر الكامن في الذكاء الاصطناعي ليس أن تصبح الروبوتات واعية وتحاول أن تقتلنا، بل أن يبرمجها إنسان للانقلاب علينا.

الدرس الرابع

التواضع بشأن الأفكار التأملية غير الثابتة. تقول فرضية هوكينغ بعدم وجود حدود فرضية تأملية غير ثابتة، ومع ذلك يتحدث عنها بثقة حديثه عن الثقوب السوداء. ربما تكون الأفكار عن وجود "كون رضيع" و"نظرية توحيدية لكل شيء" و"أبعاد أعلى" شائعة، لكنها تفتقر إلى براهين. هذا لم يمنع هوكينغ من طرحها. وفي كل كتاب من كتبه، لا يقول لنا متى يغادر عالم المؤكَّد والمحقَّق إلى عالم التأمل، خصوصًا حين يتعلق الأمر بأفكاره.

كان هوكينغ عملاقًا في العلم وتوصيل المعرفة العلمية ورمزًا لما يمكن أن يحققه شخص معوق في هذا العالم. لكن الدروس التي تعلمناها منه، والدروس التي لم يعلمها لنفسه، مفتوحة لنا جميعًا. وخير طريقة لإحياء ذكراه هي زيادة معرفتنا وحبنا للاستطلاع من أجل حياة أفضل.

 

 

أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن "فوربس". الأصل منشور على الرابط:

https://www.forbes.com/sites/startswithabang/2018/03/14/the-4-scientific-lessons-stephen-hawking-never-learned/amp/