عفرين: تقوم القوات التركية والفصائل السورية الموالية لها بعمليات تمشيط الاثنين في مدينة عفرين، غداة دخولها اليها موجهة ضربة قاصمة للمقاتلين الأكراد من شأنها أن تعيد توزيع خارطة النفوذ في سوريا.

وكرر الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الاثنين نيته التوجه إلى مناطق أخرى في سوريا. وعلى جبهة أخرى في سوريا، تتعرض الغوطة الشرقية قرب دمشق ومدينة دوما تحديدا لقصف عنيف، في اطار الحملة العسكرية المستمرة ضد هذه المنطقة منذ 18 فبراير.

شمالاً، أفاد المرصد السوري لحقوق الانسان الاثنين عن قيام القوات التركية والمقاتلين الموالين لها بعمليات "تمشيط داخل أحياء مدينة عفرين لتأمين المدينة" غداة سيطرتهم عليها إثر عملية عسكرية بدأتها انقرة في 20 يناير ضد المقاتلين الاكراد.

ووثق المرصد مقتل 13 مقاتلاً من الفصائل الأحد وإصابة أكثر من 25 آخرين بجروح جراء انفجار ألغام داخل المدينة. وكان المقاتلون الأكراد انسحبوا من المدينة قبل دخول القوات التركية إليها.

وقال القيادي في الإدارة الذاتية الكردية ألدار خليل لوكالة فرانس برس ان الانسحاب جاء بهدف "حماية المدنيين وتجنيبهم القصف". وأوضح "تم إخلاء المدينة وخرجت القوات (الكردية) منها لسد الطريق امام أي حجة قد يحاول الاحتلال التركي إبرازها لتبرير قصفه".

وبعد انسحابها من عفرين، أعادت الوحدات الكردية، وفق مسؤولين، انتشارها في محيط المدينة. وتوعد الأكراد بـ"ضرب" القوات التركية حتى "تحرير" كامل المنطقة، التي تعد واحدة من أقاليم إدارتهم الذاتية الثلاثة.

النهب "جريمة"
لليوم الثاني على التوالي، تستمر عمليات النهب داخل عفرين، وفق ما أفاد مراسل لوكالة فرانس برس. وفور دخولهم الى عفرين التي بدت الأحد شبه خالية من سكانها، عمد مقاتلون سوريون موالون لأنقرة إلى أخذ مواد غذائية وأجهزة الكترونية وبطانيات وسلع أخرى من المحال والمنازل. وتحدث المرصد السوري عن "فوضى عارمة".

وندد قياديون في المعارضة السورية وشخصيات كردية بأعمال النهب. وقال محمد علوش، القيادي في فصيل جيش الاسلام المعارض، أبرز فصائل الغوطة الشرقية، في تغريدة على موقع "تويتر" الاثنين "ما حدث من نهب وسرقة للممتلكات الخاصة والعامة في عفرين جريمة وسقوط أخلاقي لمن قام به".

بعد التقدم الأخير في مدينة عفرين، باتت القوات التركية تسيطر على كامل "إقليم" عفرين الكردي. ويرفرف العلم التركي في نقاط عدة داخل المدينة وفوق مباني الإدارة الذاتية، وكتبت المقاتلون الموالون لانقرة اسماء فصائلهم على جدران الشوارع.

وتخشى أنقرة من إقامة الأكراد حكماً ذاتياً على حدودها على غرار كردستان العراق، ولطالما أكدت رفضها للإدارة الذاتية التي أنشأها الأكراد في ثلاثة "أقاليم" في شمال وشمال شرق البلاد، بينها إقليم عفرين.

ورأى الخبير في الشؤون الكردية موتلو جيفير أوغلو أن "خسارة عفرين تشكل ضربة كبيرة لمشروع الحكم الذاتي الكردي".
ويزيد التقدم التركي في عفرين من تعقيدات الحرب المتشعبة الأطراف في سوريا، مع سعي القوى الدولية المؤثرة الى تكريس نفوذها في الميدان.

القصف "الاعنف"
وفي الغوطة الشرقية، يتواصل القصف الجوي والصاروخي من قبل قوات النظام الإثنين، وفق ما افاد مراسل لفرانس برس في مدينة دوما التي شهدت هدوءا لمدة أسبوع أدخلت خلاله مساعدات إنسانية الى المدينة.

وأحصى المرصد مقتل 20 مدنياً في أقل من 24 ساعة في مدينة دوما، اضافة الى 14 آخرين في بلدات أخرى. ومنذ 18 فبراير، تسبب الهجوم بمقتل أكثر من 1420 مدنياً بينهم 281 طفلاً.

وأفاد مراسل فرانس برس في دوما الإثنين عن انقاذ عدد من الأشخاص ينتمون الى العائلة نفسها من تحت الأنقاض ولا تزال العمليات جارية لانتشال آخرين من تحت الركام. وأشار الى سقوط برميل متفجر قبل منتصف الليل أدى إلى اشتعال حريق وتدمير مسجد ومنازل في محيطه. 

وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لفرانس برس إن القصف على دوما هو "الأعنف" منذ أسبوع، ويأتي إثر هجوم مفاجئ نفذه فصيل جيش الاسلام على قوات النظام على جبهتي مسرابا وبيت سوى جنوباً انطلاقا من دوما. وتدور اشتباكات الاثنين أيضاً في جنوب الغوطة بين فصيل فيلق الرحمن وهيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً) من جهة وقوات النظام من جهة ثانية.

ومع تقدمها في الغوطة، تمكنت القوات الحكومية من تقطيع اوصالها إلى ثلاثة جيوب منفصلة هي دوما شمالاً تحت سيطرة فصيل جيش الإسلام، وحرستا غرباً حيث حركة أحرار الشام، وبلدات جنوبية يسيطر عليها فصيل فيلق الرحمن.

وأورد التلفزيون السوري الرسمي الإثنين أن الجيش يواصل تقدمه في الغوطة التي زارها الرئيس السوري بشار الأسد الذي شكر الجنود على "انقاذ" العاصمة، وفق ما نشرت حسابات الرئاسة على مواقع التواصل الاجتماعي الاحد.

وبدا الاسد في مقاطع فيديو وهو يرتدي نظارة شمسية ويقود سيارته من طراز هوندا بنفسه، ويذكر في أحد الفيديوهات المنشورة اسم كل منطقة مرّ فيها من دمشق وصلاً الى جسرين التي سيطرت قواته عليها أخيراً.

وقال الأسد إن هدف المجموعات المسلحة كان "خنق مدينة دمشق"، مؤكداً أن "شريان الحياة، الدم، الأوكسيجين بدأ يسير من أول وجديد في البلد". ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) الاثنين مقتل "أم وابنتها" جراء قذيفة للفصائل المعارضة طالت أحد أحياء دمشق.

وعلى وقع القصف والمعارك الإثنين، يتواصل النزوح من بلدات في جنوب الغوطة إلى مناطق تسيطر عليها قوات النظام. وقدّر المرصد السوري عدد الفارين الإثنين بأكثر من أربعة آلاف مدني، ما يرفع عدد النازحين من الغوطة الى نحو 70 ألف مدني منذ الخميس.