يبدو أن دونالد ترمب لا يأبه كثيرًا لسلام مع كيم جونغ أون، لكنه يلتقيه في قمة تاريخية كي يحقق انتصارًا يسكت منتقدي سياسته الداخلية. أما الكوريون الشماليون فيرفضون شروط واشنطن. فهل تكون قمة بلا جدوى؟.

إيلاف من الرياض: منذ الإعلان عن نية رئيسي الولايات المتحدة دونالد ترمب وكوريا الشمالية كيم جونغ أون عقد قمة وسمت بـ "التاريخية"، والآمال معلقة على مفاعيل القمة إن حصلت: خفض منسوب النزاع بين البلدين، والتوصل إلى تسوية لملفات عدة عالقة بينهما، والحدّ من تصاعد التوتر في شبه الجزيرة الكورية.

في إطار الاستفتاء الأسبوعي، سألت "إيلاف" قراءها: "هل يمهد اللقاء بين الرئيسين الأميركي والكوري الشمالي إلى سلام قريب؟​"، فأجاب 51 في المئة من المشاركين في الاستفتاء بـ "لا"، في مقابل 49 في المئة أجابوا بـ "نعم".

السبت الماضي، انتهت الاجتماعات بين مسؤولين كبار من كوريا الشمالية والسويد من دون إحراز تقدم ملموس بشأن عقد القمة الموعودة. 

وبحسب وكالة الصحافة الفرنسية، جرت لقاءات واتصالات هاتفية مكثفة رفيعة المستوى منذ الخميس بين السويد التي تمثل المصالح الدبلوماسية الأميركية في بيونغ يانغ وبين كوريا الشمالية للتحضير للقمة التاريخية، لكن من دون تأكيد رسمي حتى الآن. هذه المساعي رفعت منسوب الأمل في أن تحقق القمة سلامًا مفقودًا.

قنوات اتصال
اتصل ترمب هاتفيًا الجمعة بنظيره الكوري الجنوبي مون جاي إن، الذي كانت حكومته نقلت مقترح قمة نسب إلى كيم جونغ أون، وقبله ترمب على الفور، وأبدى "تفاؤلًا حذرًا" حياله، واعتبرا أن كوريا الشمالية ستحصل "على مستقبل أفضل" في حال سلكت "الطريق السليم" باتجاه نزع السلاح النووي. 

وقال البيت الأبيض إن ترمب أكد عزمه على لقاء كيم جونغ أون بنهاية مايو. لكن لم يحدث حتى الآن أي اتصال مباشر بين مسؤولين كوريين شماليين وأميركيين.

إلى ذلك، أفادت قناة "CBS" الأميركية أن الاستخبارات الأميركية فتحت مع بيونغ يانغ قناة اتصال سرية لتبادل المعلومات، سعيًا إلى توفير نقل مباشر للمعلومات بين البلدين. وأشارت القناة إلى أن مدير وكالة الاستخبارات المركزية مايك بومبيو الذي عيّنه ترمب وزيرًا للخارجية في 13 مارس الجاري، يدعم السياسات "الدبلوماسية الهادئة" من خلال قناة سرية، متجاوزًا القناة الدبلوماسية من خلال الأمم المتحدة.

هذه الاجتماعات وإعلان النيات من الجانبين توطد القليل من الأمل في أن يحل السلام قريبًا على الكوريتين.

الترسانة النووية
لكن المعضلة الأساسية في هذا اللقاء "التاريخي" إن حصل فهو البرنامج النووي الكوري الشمالي. فهل ستتخلى بيونغ يانع سريعًا عن ترسانتها النووية؟، هذا ما يشكك فيه المراقبون. قال البيت الأبيض الأحد في بيان إن أي محادثات مع كوريا الشمالية يجب أن تؤدي إلى إنهاء برنامجها النووي.

أضاف البيان: "الولايات المتحدة تتفق مع كوريا الجنوبية المستضيفة للألعاب الأولمبية والمجتمع الدولي على أن نزع الأسلحة النووية يجب أن يكون ثمرة أي حوار مع كوريا الشمالية".

تابع البيان: "هناك مسار أكثر إيجابية بانتظار كوريا الشمالية في حال اختارت نزع سلاحها النووي. سنرى إن كانت رسالة بيونغ يانغ اليوم بأنها ترغب في إجراء محادثات تشكل أولى الخطوات على مسار نزع أسلحتها النووية".

بعيد جولة المفاوضات قبل الأخيرة، هددت الأمم المتحدة كوريا الشمالية "بتدميرها بالكامل"، ووصفت زعيمها بأنه "رجل صاروخ" يقوم "بمهمة انتحارية". 

وأرسل ترمب في 23 سبتمبر قاذفات أميركية قرب السواحل الكورية الشمالية، في رد على إمكانية إجراء تجربة نووية في المحيط الهادئ تحدثت عنها بيونغ يانغ. وهذا ما يعرقل أي مفاوضات مقبلة: تمسك الجانبين بمواقف متصلبة، خصوصًا أن واشنطن تطلب من بيونغ يانغ خطوات ملموسة وحاسمة في هذا الشأن.

نوايا مبيتة
بعيدًا من هذا، يرى مراقبون أن الرؤساء السابقين للولايات المتحدة قدموا السياسة الاستراتيجية الخارجية على السياسة الداخلية والحسابات الشخصية، لكن ترمب يخالفهم في ذلك، إذ يسعى بجهد إلى تحقيق أي انجاز سياسي دولي يساعده على إسكات الانتقادات الداخلية التي توجّه إليه في كل يوم، ويمنحه مكانة في التاريخ السياسي الخارجي للولايات المتحدة، إذ سيكون أول رئيس أميركي يجلس على مائدة واحدة مع زعيم كوري شمالي.

هذا الأمر غاية في الأهمية بالنسبة إلى ترمب وغروره الآن، حتى لو تعارض مع مبادئ السياسة الأميركية التي اشترطت دائمًا تخلي كوريا الشمالية عن برنامجها النووي قبل أي حوار مباشر.

لذلك، يبدو أن أي قمة بين الرجلين لن تأتي بالكثير على صعيد السلام في الكوريتين، إذ لا نوايا حقيقية من الجانب الأميركية، ولا استعداد لتقديم أي تنازل من الجانب الكوري الشمالي.