الرباط: قال نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية المغربي، المشارك في الحكومة ، إن الوضع اليوم يفرض وجود ممارسة سياسية وحزبية سوية، معتبرا أن أكبر خطر يمكن أن يهدد البلاد هو أن تفقد قدرتها على تأطير المواطنين، بوجود حاجة ماسة لطبقة سياسية ذات مصداقية ، و دولة تعمل على تقوية النموذج الاقتصادي ومحاربة الفوارق المجالية.

وذكر بنعبد الله ، في مؤتمر صحافي ، عقده الحزب الثلاثاء بالرباط، من أجل عرض مشروع الأطروحة السياسية للمؤتمر الوطني العاشر، المقرر تنظيمه أيام 11 و12 و13 مايو المقبل، ان الحزب يسعى لمعالجة الثغرات التي منعته من عدم تصدر المشهد السياسي في المغرب، خاصة أنه يمثل قوة سياسية حقيقية، و هو ما يتجلى من خلال انخراط مناضليه في قيادة مرحلة سياسية جديدة بشكل جماعي، بعيدا عن مساراتهم الشخصية.

حزب موحد

وقال بنعبدالله إن حرب التقدم والاشتراكية متعود على مواجهة مشاكل ناجمة عن المواقف التي يتبناها، لكنه يظل متشبثا بالنضال داخل المؤسسات والاعتماد على الجماهير، بهدف تحقيق التغيير المنشود.
و حول تأسيس تيار"قادمون" الذي يعد "حركة تصحيحية " ، تعبيرا عن غضب أعضاء من " التقدم والاشتراكية" من قياداته،أشار بنعبدالله في المؤتمر الصحفي الذي شهد حضور أعضاء المكتب السياسي للحزب و مجلس رئاسته، إلى أن كل ما يمس القيم الأساسية يشكل خطا أحمرا لا يمكن الاهتمام به، و شدد على وحدة الحزب، الذي لا يملك مناضلوه الوقت لإثارة مثل هذه الخزعبلات من طرف "مسارات شخصية".
و زاد الأمين العام للحزب قائلا"من يعتبر أن لديه الحق في احتكار تمثيل أفكار اليسار، وهو منحدر من حزبنا أو حزب آخر، أقول له "اللي مابغاش يتواضع، الله يعاونو" أي " من لا يريد أن يتواضع، فهو حر"، هناك أمور تافهة، لا يمكن أن نخوض فيها".

بلورة الدستور

و اعتبر بنعبد الله أن مسلسل تفعيل الدستور المغربي يتم ببطء، يفرض على جميع المكونات تعميق مضامينه و منح البلاد البعد الديمقراطي القويم الذي يحدده دستور 2011 ، على اعتبار أن كل مؤسسات الدولة وهياكلها وأفراد المجتمع المدني مسؤولون بشكل مباشر عما يحدث من بطء.
و قال بنعبد الله"قمنا بالاشتغال على دستور بهذه القيمة، وبالتالي فلا داعي لأن نكون متخوفين من بلورته بشكل جاد على أرض الواقع".
و بخصوص علاقته بالأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية عبد الإله ابن كيران ، و وزير الفلاحة والصيد البحري عزيز أخنوش، وكذا رئيس الحكومة الحالي سعد الدين العثماني، قال بنعبدالله " ابن كيران تجمعني به علاقة صداقة، وهي حريتي الشخصية، و بالتالي فلا يمكن لأحد أن يصادر ذلك، أخنوش عضو من أعضاء الحكومة و رئيس حزب، يجمعنا الاحترام والتقدير المتبادل الذي كان دائما حاضرا منذ عهد أحمد عصمان في التجمع الوطني للأحرار، أما العثماني، فنتمنى له النجاح في مهامه، و لم يصدر من قبلنا أي كلام سوء حوله، طيلة هذه المدة".
و تجنب بنعبد الله الإفصاح عن قراره بشأن الترشح للمرة الثالثة لمنصب الأمين العام من عدمه، مشيرا إلى أن قرار الترشح لا يمكن أن يتخذه بشكل فردي.

جراد منكوبة

و حول الاحتجاجات ذات الطابع الاجتماعي والاقتصادي التي تشهدها مدينة جرادة (شرق المغرب)، أكد بنعبد الله أن الحزب من أنصار التعامل الديمقراطي مع جميع مظاهر الاحتجاج التي تشهدها مناطق متفرقة، باستحضار منطق دولة الحق والقانون التي عليها ان تحضر بقوة، سواء تعلق الامر بالتعامل مع هذه المظاهر، أو الطريقة المتبعة في إيجاد حلول جذرية لها.
و قال الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية "تم التفاعل مع أقاليم إيجابا، بحيث تم ضخ مبالغ مالية ضخمة للمساهمة في مشاريع تنموية لفائدة السكان ، فلماذا لم تنل جرادة نصيبها؟ خاصة أنها تعد منطقة منكوبة، بعد ما حدث من توقف في الاستغلال القانوني لآبار الفحم الحجري؟".

تأطير المواطنين

و بشأن مراحل التحضير للمؤتمر الوطني العاشر للحزب، الذي سيحمل شعار"نفس ديمقراطي جديد"، و يحتضنه المركز الدولي للطفولة والشباب في بوزنيقة ( تقع بين الرباط والدار البيضاء)، أفاد بنعبدالله أنه يخضع لمرجعية أساسية، مرتبطة بما تنص عليه أحكام القانون الأساسي، والذي تمت بموجبه المصادقة على مقرر تنظيمي في دورة نوفمبر من السنة الماضية، ينظم كل مراحل المؤتمر وطنيا و على مستوى التعامل مع الجموع العامة المحلية والمؤتمرات الإقليمية.
و أعلن بنعبدالله أن حزب التقدم والاشتراكية حضر وثيقةً سياسية ، يعمل من خلالها على إشراك المواطنين والرأي العام، في أفق تحقيق أهدافه، بغية استجماع قوته و الظهور بالشكل الحقيقي الذي يتسم به، دون زيادة أو نقصان.

و اعتبرت الوثيقة الخاصة بالأطروحة السياسية الجديدة التي يحملها الحزب أن أهم ما طبع العمل السياسي في العقدين الأخيرين هو عزوف المواطنين والمواطنات عن المشاركة النشيطة في الحياة السياسية والمعارك الانتخابية.
و أفادت الوثيقة ان الواقع المغربي في مجال السياسة يظل واقعا مركبا، تهيمن عليه خريطة سياسية بالغة التعقيد، ميزتها الأساسية انها تأوي أحزابا من طينات متنوعة، في ظل نزوع الفصائل اليسارية نحو التقهقر و فقدان عدة مواقع فكرية و تنظيمة وانتخابية، وفي ظل تنامي مواقع فصائل الإسلام السياسي، و بروز أدوار جديدة لدى الأحزاب التي نشأت في كنف الإدارة.
و وصفت الوثيقة الديمقراطية المغربية الناشئة بكونها مؤهلة لاحتضان كل أشكال التوتر الاجتماعي التي يعبر المواطنون من خلالها على مطالبهم وقلقهم، في نطاق ممارسة حرية التعبير و التظاهر السلمي اللذين يقرهما الدستور.