اتهمت روسيا الولايات المتحدة بالضغط على دول أخرى للمشاركة في حملة الطرد الجماعي للديبلوماسيين الروس كرد على محاولة اغتيال الجاسوس الروسي السابق، سيرغي سكريبال، وابنته باستخدام مادة كيماوية سامة في بريطانيا.

وقال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إن واشنطن "تنظم عملية ابتزاز كبرى" لروسيا مشيرا إلى أنه لم يعد هناك إلا "قليل من الدول المستقلة في أوروبا الحديثة".

وقامت 25 دولة مختلفة بطرد 140 ديبلوماسيا روسيا من أراضيها فيما يعد أكبر عملية عقاب ديبلوماسي في التاريخ.

واتفق زعماء الاتحاد الأوروبي، الأسبوع الماضي، على أنه من المرجح أن تكون موسكو ضالعة في تسميم سكريبال وابنته جنوبي إنجلترا، لكن موسكو تنفي أي دور لها فيما تعرض له.

وقد أدانت المتحدثة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، قرار دول الاتحاد الأوروبي قائلة إن هذه الدول "تفسر التضامن مع بريطانيا بشكل مختلف"، وأكدت موسكو أنها سترد بشكل "مناسب" على القرار الأمريكي.

أكبر عملية طرد غربية لدبلوماسيين روس منذ ذروة الحرب الباردة

من جانبها، قالت رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، أمام مجلس العموم إنها تقدر القرارات التي اتخذتها الدول الصديقة والحليفة، وقالت إن تلك أكبر عملية إبعاد جماعية لديبلوماسيين روس في التاريخ.

واعتبرت ماي أن الخطوة رسالة قوية لروسيا بأن الغرب لن يتسامح مع "محاولاتها المتكررة لانتهاك القانون الدولي وعرقلة قيم الغرب".

الرد الروسي

وأكد لافروف أن بلاده سترد بشكل مناسب على القرار الذي وصفه بأنه "غير ودي واستفزازي"، مشيرا إلى أن بلاده لا يمكنها "التغاضي عن هذه الصفاقة".

وحدد لافروف الولايات المتحدة وحملها المسؤولية الأولى عما يجري قائلا: "عندما تقع عملية طرد ديبلوماسيمن دولة ما يُهمس إلينا سرا بالاعتذار ونفهم بالتأكيد أن هناك ابتزازا ضخما وضغوطا هائلة وهي الوسيلة الأولى للأسف لواشنطن في التعامل على الساحة السياسية الدولية".

وأضاف لافروف "أعتقد أننا كنا على حق عندما أكدنا من قبل أنه لم يعد هناك إلا قليل من الدول المستقلة في أوروبا الحديثة".

ويُعتقد أن الخارجية الروسية تجهز خطة لجملة من القرارات كرد على حملة طرد ديبلوماسييها وستطرحها على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قريبا.

وأكد عضو البرلمان الروسي، فلاديمير زاباروف، أن بلاده سترد بالمثل على قرار الولايات المتحدة طرد 48 ديبلوماسيا في السفارة الروسية في واشنطن علاوة على 12 آخرين من بعثة روسيا في الأمم المتحدة في نيويورك.

وكانت القنصلية الروسية في سياتل الامريكية قد نشرت على حسابها في تويتر تغريدة تسائلت فيها بعد قرار إغلاقها موجهة استفسارا للخارجية الامريكية قائلة: "أي قنصلية أمريكية في روسيا ستختارون غلقها لو كان الخيار لكم؟ ووضعت 3 خيارات بين 3 قنصليات أمريكية مختلفة في روسيا.

هل هي حرب باردة جديدة؟

تحليل بول أدامز بي بي سي موسكو

"لايمكن اعتبار أن خطوة غير ودية كهذه ستمر دون رد" هكذا قالت الخارجية الروسية يوم الاثنين.

لكن كيف سيكون الرد الروسي؟ حسنا، أوضح المتحدث باسم الحكومة الروسية (الكريملين)، ديميتري بوسكوف، الأمر وقدم مؤشرات له عندما قال "بالطبع كما حدث في السابق سنلتزم بمبدأ المعاملة بالمثل".

لذلك فالساحة السياسية مهيأة لجولة جديدة أو جولات من طرد ديبلوماسيين من موسكو وأظن أننا سنرى قريبا عشرات الديبلوماسيين الغربيين يحزمون حقائبهم ويغادرون العاصمة الروسية وربما مدنا أخرى.

وبالطبع ستكون أكبر حصة للديبلوماسيين الأمريكيين بما أن التركيز الآن لم يعد على الخطوة التي بدأتها بريطانيا بل يتحدث الساسة هنا في موسكو عن حقبة الحرب البارد السابقة والتي انصب الصراع قيها على واشنطن.

وفي الواقع فإن عبارة "حرب باردة جديدة" يتم استخدامها بشكل واسع في موسكو.

دول رفضت المشاركة

ورغم مشاركة 25 دولة حتى الآن في حملة طرد الديبلوماسيين الروس فإن هناك عدة دول رفضت منها دول في الاتحاد الأوروبي مثل اليونان والبرتغال، كما أعلنت أستراليا أنها لا تنوي طرد أي من الديبلوماسيين الروس على أراضيها.

أما نيوزيلندا فأكدت أنها لم تكتشف وجود أي من أعضاء البعثة الديبلوماسية الروسية يمارس نشاطا جاسوسيا وقالت إنها لن تتردد في إبعاد أي ديبلوماسي روسي إذا ثبت تورطه في نشاط مثل هذا.

من جانبها، أكدت بلجيكا أنها لا تعتزم حاليا إبعاد ديبلوماسيين روس وبرر رئيس الوزراء شارلز ميشيل ذلك بأن بلاده تستضيف مقر الاتحاد الاوروبي وحلف شمال الاطلسي (الناتو) وتستضيف سفارتين لروسيا في الهيئتين.