الدار البيضاء : ارتفع عدد المشتكيات في قضية الصحافي المغربي توفيق بوعشرين إلى تسع مشتكيات حضرت من بينهن أربع فقط لجلسة المحاكمة التي جرت الخميس بمحكمة الاستئناف في الدار البيضاء. ورغم أن الجلسة استمرت زهاء ثماني ساعات، تخللتها ثلاثة توقفات بسبب المشادات الكلامية بين محامي الضحايا ودفاع المتهم والنيابة العامة، إلا أن القاضي لم يتمكن من التأكد من هوية المتهم وتوجيه التهم إليه. 

وقرر القاضي بعد عصر الخميس تأجيل الجلسة إلى الخميس المقبل بطلب من دفاع بوعشرين، الذي التمس التأجيل بسبب الحالة الصحية لبوعشرين التي قال إنها لا تمكنه من المتابعة.

وبدأت الجلسة بنداء القاضي على المشتكيات المطالبات بالحق المدني، وعددهن تسع، كلهن يشتغلن في الشركة الإعلامية المملوكة لتوفيق بوعشرين. وسجل حضور أربع مشتكيات فيما تغيبت خمس مشتكيات عن الجلسة. كما نادى القاضي على المصرحات وعددهن خمس نساء تغيبت من بينهن إثنتان، وقدم أحد المحامين شهادة طبية محررة باللغة الهولندية لتبرير سبب غياب إحداهن التي تعمل مضيفة طيران ، وتوجد خارج المغرب للعلاج.

في غضون ذلك ، طلب محمد زيان، الذي يتولى الدفاع عن بوعشرين، الكلمة ليقدم للقاضي شهادة طبية أدلت بها إحدى المشتكيات العاملة في شركة بوعشرين الإعلامية ، والتي تشير إلى أن الحالة الصحية للمشتكية لا تسمح لها بالعمل من 23 مارس إلى 3 أبريل. 

وقال زيان للقاضي إن هذه الشهادة تشكل دليلا على ضلوع المشتكية في التزوير، مشيرا إلى أنها حاضرة في المحكمة ، وأنها لا تعاني من أي عذر صحي يمنعها من الحضور. واعتبر زيان أن هذا التزوير يقع تحت طائلة مقتضيات القانون المتعلقة بجرائم الجلسات، داعيا القاضي إلى تطبيقها.

ورد دفاع المشتكيات بقوة على زيان متهما إياه بترهيب الضحايا وتجريحهن. وصرخ زيان مرددا بأعلى صوته "هذه كذابة .هذه مزورة". ورغم دعوات القاضي إلى الهدوء استمر التوتر والصراخ بين المحامين، فاضطر القاضي ومستشاريه إلى الانسحاب من القاعة .

في هذه الأثناء وقعت إحدى المشتكيات مغمى عليها، وأمرت النيابة العامة رجال الاسعاف بالتدخل لنقلها خارج القاعة.

وبعد عودة الجلسة للانعقاد عاد النقاش بين دفاع المتهم والمشتكيات والنيابة العامة ليشتد حول الشهادة الطبية التي أدلى بها زيان. واعتبر الوكيل العام أن تلك الشهادة وثيقة شخصية سلمت من طرف طبيب ملزم بكتمان السر المهني، متسائلا كيف وصلت إلى المحامين. وأوضح ممثل النيابة العامة أن الشهادة الطبية التي أدلى بها زيان لا تتعلق بموضوع المحاكمة، مشيرا إلى أنها تدخل في إطار قانون الشغل، وأن على المشغل إذا أراد أن يطعن فيها ان يسلك الإجراءات المنصوص عليها في قانون الشغل ويطلب إجراء فحص مضاد.

ونبه دفاع المشتكيات ، من جهته ، إلى أن الشهادة الطبية سلمتها الضحية للشركة التي تعمل فيها كصحافية، وأن هذه الشركة في ملكية المتهم بوعشرين الذي يحاكم بسبب تحرشه الجنسي بالمشتكية. وطالب الدفاع من المحكمة إعادة الشهادة إلى الجهة التي أدلت بها.

وفي سياق تدخل أحد أعضاء هيئة دفاع بوعشرين، التي تضم زهاء 30 محام ومحامية، أشار إلى أن المشتكية المعنية تدخلت لحمل زميلتها التي أغمي عليها على كتفها، متسائلا كيف يمكنها أن تدعي المرض وتدلي بشهادة طبية تقر بعدم قدرتها على العمل. وأدى كلام المحامي إلى إصابة المشتكية بنوبة غضب جعلتها تصرح في وجهه وتقوم من مكانها متجهة إليه، وتعالت أصوات باقي الضحايا بالصراخ والعويل، كما اشتدت حدة الخصام بين المحامين، فاضطر القاضي لرفع الجلسة للمرة الثانية.

وبعد عودته قرر القاضي مواصلة الاستماع لردود المحامين والنيابة العامة في موضوع الشهادة الطبية التي تقدم بها زيان. 

وفي سياق ذلك ، قدم زيان طلبا ثانيا يتعلق بإحدى المصرحات التي سبق أن قدمت شكوى إلى محكمة النقض متهمة ضابط الشرطة القضائية الذي استمع إليها خلال التحقيق بالتزوير في المحاضر. 

والتمس زيان من المحكمة إخراج المصرحة من القضية. وردت عليه النيابة العامة بأن الغرفة الجنائية لدى محكمة النقض أصدرت قرارا بعدم قبول الشكوى.

كما أثار دفاع بوعشرين مسألة تخصيص قاعة محادية للقاعة التي تجري فيها المحاكمة للضحايا والمصرحات. وردت النيابة العامة بأنها خصصت تلك الغرفة للشهود والضحايا بهدف توفير الحماية لهن من الضغوط التي يتعرضن لها خاصة من طرف وسائل الإعلام. وعقب دفاع بوعشرين بأن قانون حماية الشهود لا يشمل المشتكيات والمنتصبات كأطراف مدنية.

ونبهت النيابة العامة إلى أن الدفاع بدأ يطرح مطالب وملتمسات في حين أن المحكمة لم تتأكد بعد من هوية المتهم ولم توجه إليه التهم. والتمس من هيئة المحكمة وضع حد للنقاشات الجانبية والدخول في إجراءات المحاكمة. وبعد خلوة هيئة الحكم للبت في الطلبين اللذين تقدم بهما دفاع بوعشرين، والمتعلقين بإعمال الإجراءات المتعلقة بجرائم الجلسات في حق المشتكية التي أدلت بشهادة طبية، وإعفاء المصرحة التي اتهمت ضابط الشرطة بتزوير محضر الاستماع إليها، قررت هيئة الحكم رفض هذه الطلبات. وتدخل دفاع بوعشرين ليلتمس التأجيل، مشيرا إلى أن المتهم أصيب بالتعب ، ولم يعد وضعه الصحي يسمح له بمتابعة المحاكمة. وأجل القاضي الجلسة إلى يوم الخميس المقبل.