رفضت تركيا عرضا من فرنسا للوساطة في النزاع الدائر بشمال سوريا، حيث تنفذ القوات التركية عملية عسكرية ضد مسلحين أكراد منذ يناير/ كانون الثاني الماضي.

وتسعى أنقرة إلى طرد مسلحي "وحدات حماية الشعب" الأكراد، الذين تعتبرهم امتدادا لـ"حزب العمال الكردستاني" المحظور في تركيا.

وجاء عرض الوساطة من خلال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أثناء لقاء مع وفد يمثل "قوات سوريا الديمقراطية" وشمل أعضاء في "وحدات حماية الشعب".

لكن المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم قالن، سارع إلى رفض العرض، قائلا إن على الدول "اتخاذ موقف واضح ضد كافة أشكال الإرهاب".

وفي وقت لاحق، انتقد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، عرض الوساطة، واصفا استضافة الأكراد بأنه "عداء صريح" لتركيا.

ماذا وراء العرض الفرنسي؟

التقى الرئيس الفرنسي بالمجموعات الكردية، حيث أعرب عن أمله في إجراء حوار بين الحكومة التركية والمسلحين.

وبحسب بيان صادر عن مكتب ماكرون، فقد أثنى الرئيس الفرنسي على "تضحيات" قوات سوريا الديمقراطية في القتال ضد تنظيم "الدولة الإسلامية".

ماكرون
Reuters
أعرب ماكرون عن أمله في أن تتمكن باريس من المساعدة على إقامة حوار

وتعد "قوات سوريا الديمقراطية" حليفا رئيسيا للولايات المتحدة في الحرب ضد التنظيم. وتشكل "وحدات حماية الشعب" جزءا أساسيا منها.

وزودت الولايات المتحدة وفرنسا المسلحين الأكراد بالأسلحة، كما وفرت لهم التدريب، وذلك دعما لهم في المعركة ضد تنظيم الدولة الإسلامية.

وتنكر "وحدات حماية الشعب" أي صلة مباشرة بـ"حزب العمال الكردستاني" الذي تعتبره أنقرة منظمة "إرهابية"، وهو ما تؤيده الولايات المتحدة.

وقال ماكرون إن فرنسا تدعم تحقيق "الاستقرار" في المنطقة الأمنية بشمال شرق سوريا، بهدف الحيلولة دون اكتساب تنظيم الدولة الزخم مرة أخرى.

وذكر مسؤولون أكراد أن ماكرون تعهد بإرسال المزيد من القوات إلى المنطقة، لكن الحكومة الفرنسية رفضت التعليق على الأمر.

وعانت فرنسا من هجمات، أعلن تنظيم الدولة الإسلامية مسؤوليته عنها، بينها تلك التي حدثت في باريس في عام 2015 وأسفرت عن مقتل 130 شخصا.

ومنذ أسبوع، قتل رجل موال للتنظيم ثلاثة أشخاص في سلسلة هجمات بجنوب فرنسا.

كيف جاء الرد التركي؟

رد المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم قالن، عبر موقع "تويتر" للتواصل الاجتماعي بإعادة التشديد على أن "حزب العمال الكردستاني" و"وحدات جماية الشعب" يحاولان اكتساب شرعية تحت مظلة "قوات سوريا الديمقراطية".

وقال قالن "نرفض أي جهود تدعو إلى "الحوار"، أو "الاتصال" أو "الوساطة" بين تركيا وتلك المنظمتين الإرهابيتين".

وأضاف أن "الدول الصديقة" لا ينبغي أن "تضفي الشرعية على هيكل الإرهاب".

وعلى المنوال ذاته، قال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إنه "لا يحق لفرنسا أن تشتكي من التنظيمات الإرهابية وأعمالها بعد موقفها هذا".

واعتبر أردوغان أن استضافة ممثلي الجماعات الكردية في باريس بمثابة "عداء صريح" لتركيا.

ما هي خطورة الوضع بشمال سوريا؟

بدأت تركيا في 20 يناير / كانون الثاني الماضي عملية عسكرية أطلقت عليها اسم "غصن الزيتون"، لطرد وحدات حماية الشعب الكردية من منطقة عفرين السورية.

وفي وقت سابق من الشهر الحالي سيطرت قوات تدعمها تركيا على مركز مدينة عفرين بعد انسحاب وحدات حماية الشعب الكردية منها.

ويقول نشطاء إن العملية شهدت مقتل 280 مدنيا، وهو ما تنفيه أنقرة.

وتشير تقارير إلى أن ما يصل إلى 250 ألف مدني اضطروا للنزوح عن مساكنهم تحت وطأة القتال.

وهددت تركيا بالهجوم على مدينة منبج الخاضعة لسيطرة "قوات سوريا الديمقراطية"، والتي تمت استعادة السيطرة عليها من تنظيم الدولة الإسلامية في عام 2016. وهناك قوات أمريكية تتخذ من المدينة مركزا لها.