إيلاف من الرباط: قالت الإعلامية المغربية فاطمة الأفريقي، إن الإعلام الجديد المتمثل في المواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي يمثل كارثة عظمى على صورة المرأة، لكونه يفتقر للضوابط التي يفرضها ويعتمدها الإعلام التقليدي.

صورة مخيفة
وأفادت الإفريقي أثناء مشاركتها في ندوة حول موضوع "المرأة والإعلام"، بالمعهد العالي للإعلام والاتصال بالرباط، مساء الجمعة، أن مواقع التواصل تقدم صورة مخيفة وخاطئة حول المرأة، من خلال العناوين والموضوعات المعتمدة، والتي تركز في مجملها على جوانب سلبية، من قبيل الخيانة والتحرش والدعارة، وحالات شاذة للانحراف يتم تسليط الضوء عليها، عوض تناول قصص نجاح خارقة للعادة لنساء، لا أحد يتكلم عنهن أو يعرف تفاصيل عمّا قمن به من إنجازات.

أضافت الافريقي "ولوج المرأة لمجال الإعلام لا يهدف بالضرورة إلى تحسين صورتها، وإنما الدفاع عن مجموعة من القضايا التي تهم المجتمع والوطن بشكل عام. من جهة ثانية، على الصحافي ألا يكرّس للصورة النمطية المهينة للنساء في كثير من الأحيان، وأن يكون صوتًا للفئات الهشة والضعيفة في المجتمع، خاصة أننا نفتقر لوجود وعي كاف بقضية المرأة لكي نقدمها إعلاميًا، لذلك، نجدنا لاشعوريًا نعيد إنتاج الصورة نفسها التي تربينا عليها رجالا ونساء".

واعتبرت الافريقي أن حضور المرأة في المؤسسة الصحافية بالمغرب قليل بالمقارنة مع الحضور الرجالي، رغم أن معاهد الصحافة تشهد إقبالا واسعا للإناث، وهو ما يرجع بالأساس الى تحديات اجتماعية وثقافية تحول دون ولوجهن هذا الميدان رغم دراسته، فضلا عن عقلية المجتمع المغربي الذي يجعل من مهنة الصحافة صعبة على النساء.

ضغط اجتماعي
وزادت الافريقي قائلة"هناك ضغط اجتماعي وأسري على النساء اللواتي يلجن مهنة المتاعب، بسبب الصعوبات التي تطرحها، حيث يكون لزاما عليهن العمل لساعات طويلة وأحيانا ليلا، والقيام بتغطيات صحفية في مدن وأماكن بعيدة عن مكان سكناهن، لذا فالصورة الاجتماعية للأنثى الصحافية تبقى مخيفة بالنسبة الى المرأة، التي تختار في غالب الأحيان العمل بالإدارات والوزارات، رغم الحلم الذي يراودهن في رسم مسار مهني ناجح، لكن ضغط الأسرة والمجتمع يحول دون تحقيقه على أرض الواقع".

وأفادت الإفريقي أن المرأة التي تتمكن من القيام بمختلف الأعباء المنزلية التي تفرضها الحياة الزوجية، إضافة إلى سفرها في إطار تغطية اللقاءات والأحداث المهمة، محظوظة اجتماعيا، لأنها محاطة بأسرة تدعمها وزوج يساندها، ولا يعتبرها ملكية شخصية.

تعقيبًا على ما تتعرّض له صحافيات من تحرش وابتزاز جنسي، قالت "المرأة الصحافية ينظر لها بنظرة أخلاقية متدنية أحيانا من قبل بعض الأسر، التي تعتبرها جريئة ومتحررة، يترجمها في المقابل حدوث تخوف وحضور ضعيف لها في المجال الإعلامي، ما نعيشه في المغرب سيضر حتمًا بصورة المرأة، فما تتم إثارته من حوادث تحرش واغتصاب على نطاق واسع، خاصة التشهير في قضية معروضة على القضاء، حيث الكل ينسى قرينة البراءة، ونبدأ في المس بعرض نساء وتشويه صورتهن، رغم أن القضاء لم يقل كلمته بعد، فهذا خدش لصورة النساء الصحافيات عموما".

أحزاب ذكورية
وبخصوص مساعي الحكومة من أجل العمل على تحسين صورة المرأة في الإعلام، أكدت الإفريقي على وجود مبادرات حكومية وحقوقية وورشات قانونية وتشريعية من اجل تحقيق هذا الهدف، لكن ذلك يصطدم بوجود مفارقة عجيبة من خلال تعاطي القنوات التلفزيونية والإذاعية بالمغرب، حيث تنخرط البرامج المقدمة للمتلقي بشكل يومي في تلقين النساء كيفية الظهور بشكل جميل وأنيق وأن يكن طباخات ماهرات داخل البيوت، وكأن المرأة إنسان آلي (روبوت)، عليه القيام بمهام عديدة في الوقت نفسه.

واعتبرت الإعلامية المغربية أن من واجب الحكومة الدفاع عن صورة المرأة في الإعلام، بتقديم حل توافقي، ينبني على أساس أن تتوافر الأعمال المبرمجة لاحقا على حد أدنى من احترام مكانة النساء، إضافة إلى ضرورة حضورهن في جميع البرامج من دون تمييز.

وأشارت الى أن الإعلام يمثل انعكاسا للواقع السياسي المغربي داخل الأحزاب، حيث يبرز الرجال بشكل أكبر من النساء، بسبب وجود أحزاب ذكورية، إضافة إلى تعمد المرأة تغييب نفسها بنفسها عن اللقاءات الحوارية التي يتم بثها في القنوات العمومية.

واعتبرت الإفريقي أن اللحظة الفاصلة في حياتها كانت حركة 20 فبراير، فالشباب المغرب جعلها تحس بالخجل، لأنها رفقة جيلها لم يعبروا عن رأيهم، بالمطالبة بأشياء عادلة تهم المجتمع.

فوضى وانقسام
وحول جرأتها في التعبير عن رأيها بخصوص قضايا عديدة، قالت "عبّرت عن رأيي بجرأة، لكننا مضطرون للصمت في غضون هذه الأيام الصعبة التي تمر بها البلاد، وسنصمت طويلا، جرأتي حرمتني من ترقيات والحصول على فرص عمل أخرى في المؤسسة التي أعمل فيها، لم تكن هناك مذكرة صريحة بحقي، لكن هناك شيء غير واضح يحصل، لكني مرتاحة لأنني كسبت نفسي وضميري وقلت كلمة حق".

حول الانتقاد الذي يتم توجيهه الى القنوات المغربية بشأن إقصاء البرامج التثقيفية، أوضحت أن نسب المشاهدة هي المسؤولة عن هذا الأمر، حيث تنال البرامج الترفيهية والمسلسلات التركية نصيبا كبيرا من المشاهدة في مقابل نسب ضعيفة لبرامج الفكر والثقافة.

زادت قائلة: "هناك تيار جارف من التفاهة في السياسة والثقافة والفن والإعلام، في ظل وجود فوضى وانقسام، اختفت معها القيم، وبالتالي، فلا بد من منظومة جديدة للتوازن، على اعتبار أن المغرب انعكاس لما يحدث في العالم بأسره، بما في ذلك الدول المتقدمة، من تراجع المادة الإعلامية، خاصة في ميدان الإعلام الجديد".