لندن: تنتشر نظريات المؤامرة في سائر أنحاء العالم، ولكنها تبدو في بعض البلدان أكثر انتشاراً من البعض الآخر. وتقول بي بي سي في تقرير من أفغانستان إن نظريات المؤامرة الرائجة في هذا البلد كثيرا ما تشير الى قوى اجنبية خبيثة لا تكف عن التآمر ضد البلد، في مقدمتها بريطانيا. 

ومن نظريات المؤامرة التي راجت في أفغانستان أن نجم افلام الكراتيه الراحل بروس لي مات مسموماً على يد زوجته، وأن هتلر ما زال حياً. ولكن النظرية التي ترفض ان تختفي في أفغانستان هي ان البريطانيين وراء كل الشرور في البلد. 

ويبدو أن هناك أسباباً وجيهة لهذه التهمة. إذ كانت أفغانستان على امتداد قرون منطقة عازلة بين الامبراطوريتين الروسية والبريطانية. وكانت القوتان الكبريان تمارسان لعبتهما الكبرى في التجسس وحياكة المكائد على أرض هذا البلد. وعندما رُسمت خريطة أفغانستان الحديثة لم يؤخذ رأي ملكها في الاعتبار. واندلعت ثلاث حروب انغلو أفغانية قبل ان تنال أفغانستان استقلالها عام 1919، ويغادر البريطانيون بصورة نهائية. 

أو بدا أنهم غادروا. فالأفغان يرون ان البريطانيين ما زالوا يتربصون في الظل يتجسسون عليهم ويتآمرون ويدفعون اوضاعهم نحو الأسوأ. وكانت هناك قصص عن جواسيس بريطانيين متنكرين بصفة أئمة مساجد لتضليل المؤمنين، وآخرين بصفة عرافين يتنبأون بالغيب، وعن كنوز مخبأة في أضرحة ويحرسها رجال يتظاهرون بأنهم متسولون. 

"دم انكليزي خبيث"

ولكن هوس الأفغان بنظريات المؤامرة ليس فريداً. وتنقل بي بي سي عن كردي ان والدته تلوم البريطانيين إذا انهار حائط في الحي بعد ليلة ممطرة. ويُعرض في ايران مسلسل تلفزيوني، إحدى شخصياته مسكونة بالشك في البريطانيين الذين دائماً يحيكون شيئاً في الظلام. وفي بنغلاديش إذا كنت تتصرف بحذاقة يسمونك "انكليزياً"، ومرادفها في كابل "دم انكليزي خبيث". 

ولكن منذ بداية الحرب الأهلية الأفغانية في الثمانينات، اتسعت قائمة المتآمرين وتضم اليوم الاستخبارات الباكستانية من بين اطراف أخرى. 

وشكا سائق سيارة اجرة أفغاني في لندن ذات مرة من ان الاجانب يريدون سرقة نفط أفغانستان وتهريبه بطائرات مدنية. آخرون يرون ان اليورانيوم هو ما يريد الاجانب سرقته. ونقلت بي بي سي عن قاضٍ في أفغانستان أن أسامة بن لادن جاسوس أميركي قُتل في النهاية لأنه كان يعرف الكثير. آخرون يعتقدون انه ما زال حياً يعيش في جزيرة جميلة في اميركا. 

ويتحدث قادة عسكريون أفغان عن دعم حلف الأطلسي لطالبان بالمال والسلاح، بل ان المترجمين الذين يجرأون على التحدث عن ذلك يُقتلون برميهم من مروحيات. وهناك قصص عن مخدرات تشتريها قوات الاطلسي من مهربين أفغان، وتنقلها الى الغرب في بطون الجنود القتلى، هي تجارة مربحة يبدو ان العائلة المالكة البريطانية نفسها ضالعة فيها. 

وعن وجود تنظيم الدولة الاسلامية "داعش" في أفغانستان الآن، قال زعيم قبلي بثقة "انها لعبة" بين الاستخبارات الباكستانية والاميركيين والبريطانيين "والأفغان يدفعون الثمن". المهم ان يكون هناك أجانب يُحملون المسؤولية. 

وتلاحظ بي بي سي في تقريرها أنه في أفغانستان المنقسمة بتعدد لغاتها وجماعاتها الاثنية وايدولوجياتها ما زال هناك شيء يوحد الأفغان كافة هو عدم ثقتهم بالأجانب.

أعدت "إيلاف" هذا التقرير بتصرف عن "بي بي سي". الأصل منشور على الرابط التالي:

http://www.bbc.co.uk/news/stories-43560523