دبي: كشف مشاركون في ختام جلسات منتدى الاعلام العربي 2018 أن الساحة الإعلامية العربية تعرضت خلال السنوات الأخيرة لحملات إعلامية مضللة خاصة من جماعة "الإخوان المسلمين" وعبر قنوات الفتنة التي ساهمت بشكل كبير في إشعال الفتن وأحدثت حالة من عدم الاستقرار الأمني في بعض الدول واستهدفت فئة الشباب بصفة خاصة. كما أكدوا عدم نزاهة الولايات المتحدة كشريك في عملية السلام، وعدم قبول الفلسطينيين لها كطرف محايد، وأن إسرائيل لم ترض بغير الولايات المتحدة شريكاً في عملية السلام، وهو ما يحتاج إلى كثير من العمل خلال الفترة المقبلة لحلحلة القضية ووضعها في طريق الحل.

مخطط مكشوف

وتفصيلا استعرض الإعلامي الكويتي محمد الملا خلال جلسة بعنوان "حملات إعلامية متوازنة" انخراط وسائل إعلامية مضللة مثل قناة "الجزيرة " القطرية في خلق الأزمات العربية كجزء من مخطط إعلامي وسياسي مكشوف لزعزعة الاستقرار في بعض الدول من أجل الحصول على مكاسب سياسية منوها بتراجع دور المثقفين والنخب السياسية في بعض البلدان ما سمح لهذه القناة وبعض مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي بتولي إدارة أزمات المنطقة في فترة زمنية معينة خاصة خلال ما يسمى بالربيع العربي.

وأعاد الملا إلى الأذهان ما قامت به القناة القطرية من فبركة الأحداث خلال تغطية الحراك السياسي المصري في 28 يناير وخلال ما يسمى بـ أحداث "رابعة" التي قامت بها جماعة "الإخوان المسلمين" الإرهابية لمحاولة تحقيق مكاسب سياسية من خلال بث أكاذيب وأنباء مضللة مؤكدا ضرورة الاهتمام بتطوير صناعة إعلام حقيقية تستند إلى الموضوعية والتوعية المتوازنة التي تقوم على الرأي والرأي الآخر بعيدا عن بث السموم التي تستهدف تحقيق أغراض وأهداف ومخططات سياسية مرسومة مسبقا.

إعلام موجه

واعتبر أن الساحة الإعلامية العربية تعرضت على مدى سنوات طويلة لإعلام موجه من جماعة "الإخوان المسلمين" الإرهابية عبر قنوات عديدة منها "الجزيرة" التي أطلقت العنان لتلك الجماعة الإرهابية لنشر أفكارها المتطرفة التي تستهدف الشباب العربي بشكل خاص.

وقال إن الجماعة الإرهابية كانت تستهدف إطلاق شعارات براقة في مظهرها ولكنها كانت تهدف في الحقيقة إلى زعزعة الأمن والاستقرار في بعض الدول العربية.. واستعرض الكيفية التي تحولت بها "الجزيرة" إلى أداة إعلامية استخباراتية بهدف إلحاق الأضرار ببعض الدول العربية.

التضليل والتحريف

وأضاف الملا أن القنوات التحريضية أتقنت صناعة التضليل والتحريف الإعلامي وأصبح سمة من سماتها الرئيسية بما يتوافق مع أهدافها التآمرية المتمثلة في صياغة رأي عام مؤيد لما تدعمه من أجندات خاصة، لافتا إلى أن صناعة التضليل الإعلامي تعتمد على مشروع منظم ومخطط له يهدف إلى تشويش الأذهان والتأثير على العقل والتشكيك في الثوابت وخلق الاضطرابات وهدم المعنويات وإخفاء الحقائق فضلا عن الإبهام والتدليس عبر وسائل كثيرة وإمكانات ضخمة.

القدس وإسرائيل

وتحت عنوان "القدس في قلب المشهد الإعلامي" خصص منتدى الإعلام العربي خلال يومه الختامي إحدى جلساته لمناقشة ملف القضية الفلسطينية، وتسليط الضوء على واقع مدينة القدس في الإعلام العربي، لاسيما بعد القرار الأمريكي الأخير باعتبارها عاصمة لإسرائيل، وتبعات هذا القرار على عملية السلام، كما ناقش المتحدثون خلال الجلسة متاجرة بعض الأطراف الإقليمية بالقضية الفلسطينية ومحاولات التسلل إلى وجدان ووعي شعوب المنطقة من خلال المزايدات المفتعلة.

واستعرضت الجلسة التي أدارها الاعلامي والكاتب السياسي نديم قطيش، واستضافت نبيل يعقوب الحمر، شخصية العام الإعلامية لمنتدى الاعلام العربي 2018 مستشار ملك البحرين، وزير الإعلام البحريني السابق، وضياء رشوان رئيس الهيئة العامة المصرية للاستعلامات، وطارق المؤمني رئيس تحرير صحيفة "الرأي" الأردنية، تصاعد التعامل الإعلامي مع القضية الفلسطينية، وتصدّر القدس العناوين والشاشات مع تزايد المواجهات مع الاحتلال الإسرائيلي، بينما تعود أدراجها وتتوارى تغطيتها مع هدوء الأحداث.

نبيل الحمر: انشقاق الصف الفلسطيني يؤثر سلبا على القدس

وفي مداخلته خلال الجلسة أكد نبيل الحمر أن القدس ستظل في قلب كل عربي لا سيما الإعلاميين الذين يكافحون من أجل القضية الفلسطينية منذ عقود، مؤكداً عدم وجود توافق في تغطية القضية وتواريها في بعض الأحيان وذلك بسبب انشقاق الصف الفلسطيني الذي يؤثر بشكل سلبي على الاهتمام الإعلامي بالقضية.

وأضاف أن المشكلة الأساسية في الصراع العربي الإسرائيلي تكمن حالياً في توقف علمية السلام، والحاجة إلى وجود استراتيجية عربية موحدة لتعامل مع ملف القضية الفلسطينية، والتوصل لحل في إطار قرارات الأمم المتحدة والمبادرة العربية للسلام، وذلك على الرغم من العدوانية والتعنت الشديد من جانب الكيان الإسرائيلي.

وعوّل الحمر على ملف تنمية الداخل الفلسطيني والدعم الذي تقدمة دول الخليج لفلسطين، معتبراً التنمية الاقتصادية من العناصر الأساسية التي من شأنها المساعدة في الحل إلى جانب الجلوس إلى طاولة المفاوضات بصف فلسطيني موحد.

ضياء رشوان: يجب التفاوض مع الإسرائيليين من منطلق قوة

من جانبه أكد ضياء رشوان أن القضية الفلسطينية والقدس على وجه الخصوص ستظل في صدارة المشهد السياسي والإعلامي العربي، وهو ما تشير له الأرقام الواردة من محرك البحث "جوجل" والتي أظهرت أن عدد عمليات البحث عن كلمة " القدس" بلغ حتى الآن 66 مليون مرة، ما يعني انه هناك إجماع عربي وتعاطف دولي مع القضية لا سيما من المؤسسات والمنظمات الدولية.

وأضاف أنه على الرغم من التقليل من ردة الفعل العربية تجاه القرار الأمريكي باعتبار القدس عاصمة للكيان الإسرائيلي، إلا أن العرب تحركوا على مختلف الصعد وصاحب التحرك السياسي تحرك شعبي، ما دفع الإدارة الامريكية إلى عدم التصعيد إلى ما هو أبعد من ذلك في التعامل مع ملف القدس.

ونوّه رشوان بضرورة التفاوض مع الإسرائيليين من منطلق قوة لا من منطلق ضعف، وهو ما يزيد من جدية المفاوضات ويضع الشركاء أمام خيارات محددة للخروج ببعض النتائج المرضية.

تحرك عربي

وخلال الجلسة قال طارق المؤمني أن القضية الفلسطينية والقدس على وجه الخصوص تشغل حيزاً كبيراً من اهتمام العرب، وخير دليل على ذلك التحرك الدبلوماسي العربي الذي نتج عنه تصويت 128 دولة في الأمم المتحدة ضد القرار الأمريكي باعتبار القدس عاصمة لإسرائيل على الرغم من الضغوط الأمريكية الكبيرة التي مورست على الكثير من الدول لاسيما العربية منها.

وربط بين ما شهدته المنطقة من تطورات خلال فترة ما عرف بالربيع العربي، والذي اريد بها إشغال العرب في اضطرابات داخلية، وتداعيات ذلك على الملف الفلسطيني، حيث تعاني الكثير من الدول العربية من أوضاع اقتصادية تعيق إلى حد ما تحركها الإقليمي والدولي في صالح القضية الفلسطينية.

ثورة إيران

وحول التدخل الإيراني في الملف الفلسطيني أكد رئيس تحرير صحيفة "الرأي" الأردنية أن إيران منذ الثورة الإسلامية في العام 1979 قررت أنه لا قيمة لسياساتها الخارجية من دون ان يكون لها دور في القضية الفلسطينية، فدعمت الفصائل المسلحة مالياً وعسكرياً لخدمة مطامعها التوسعية على حساب الدول العربية.

وفي نهاية الجلسة أكد المتحدثون عدم نزاهة الولايات المتحدة كشريك في عملية السلام، وعدم قبول الفلسطينيين لها كطرف محايد، وأن إسرائيل لم ترض بغير الولايات المتحدة شريكاً في عملية السلام، وهو ما يحتاج إلى كثير من العمل خلال الفترة المقبلة لحلحلة القضية ووضعها في طريق الحل.

نشر التعصب والإرهاب

وفي الجلسة التي حملت عنوان "بروز الوهمي وسقوط الموثوق" بمنتدى الاعلام العربي، أكدت الإعلامية نشوى الرويني خطورة الأخبار الكاذبة، ونشر المعلومات المضللة من قِبل وسائل إعلام موجهة، تسعى لتحقيق مصالح محددة اعتمادا على محتوى وهمي يستهدف وحدة الشعوب ونشر التعصب والإرهاب، مشيرة إلى قدرة الجمهور على الفرز والتعرف على المحتوى المفتعل والغير حقيقي، وهو ما يفسر التراجع الحاد في شعبية القنوات الإخبارية التي تبث الكذب والتحريض، وصعود قنوات أخرى اتخذت من المصداقية سبيلاً للوصول إلى عقل المتلقي.

أخبار مزيفة

وتطرقت إلى شروع بعض الدول وفي مقدمتهم دولة الإمارات العربية المتحدة في سنّ تشريعات لمكافحة ظاهرة الأخبار الملفقة، واستشهدت بأمثلة من العالم حيث طالبت القيادات الإعلامية في انجلترا مجلس العموم البريطاني بالتصدي لتلك الظاهرة، وفي فرنسا قالت وزيرة الثقافة الفرنسية فرانسواز نيسن أنه سيتم اتخاذ إجراء قضائي لوقف نشر الاخبار المزيفة، مشيرة إلى عمل بلدان أخرى مثل الفلبين وألمانيا والبرازيل وماليزيا على محاربة تلك الظاهرة من خلال إطار قانون يحكمها ويعاقب مروجيها.

وعرضت الرويني نتائج دراسة أمريكية حول تعامل الجمهور مع الأخبار المزيفة، والتي حللت 126 ألف خبر على "تويتر" من عام 2006 حتى العام 2017 وتم بثها عبر منصات التواصل بواسطة ثلاثة ملايين شخص، وأوضحت الدراسة أن تلك الأخبار يعاد تغريدها بنسبة تزيد 70% عن الأخبار الحقيقية، وأن القصة المزيفة تصل إلى 1500 شخص بمعدل ستة اضعاف القصة الحقيقية، كما أظهرت النتائج أن الجمهور يعتبر الأخبار المزيفة أكثر "عاطفية" عن الأخبار الحقيقية.

كما أوضحت الدراسات أنه يتم البحث عن مصطلح "أخبار مزيفة" ما بين 70 ألف إلى 180 ألف مرة في الشهر الواحد، وأن شهر الانتخابات الرئاسية الامريكية في العام 2016 شهد تسجيل أكثر من 159 مليون زائر لمواقع إخبارية مزيفة نصف اخبارها غير حقيقية.

وأشارت إلى حاجة الجمهور إلى تعلّم التحليل النقدي والتأكد من مصداقية الاخبار من خلال التحقق من الموقع الناشر للخبر، وتوجه القائمين عليه، وما إذا كانوا يطبقون المعايير المهنية أكاديمياً وصحافياً، إضافة إلى ضرورة معرفة مصدر محتوى الخبر عند نشره لأول مرة، وهل يعكس جهد في البحث والاستشهاد بحقائق وأسماء وأرقام، أم أنه مجرد معلومات ملفّقة.

تحريف التصريحات

وذكرت الرويني بعض الأمثلة لقصص إخبارية مزيفة أنتجتها بعض القنوات بهدف التضليل والخداع وفي مقدمتها ما قمت به قناة الجزيرة من تحريف لتصريحات قائد القيادة المركزية الامريكية، فيما يتعلق بحرب اليمن وبعد اكتشاف القيادة للتحريف وضعت تصريح الجزيرة المفبرك وأرفقته بالتصريح الصحيح ما دفع بمدير القناة إلى الاعتذار بشكل رسمي متعللاً بأنه خطأ في الترجمة.

كما أشارت إلى معاناة قناة "بي بي سي" البريطانية من تزييف موقعها باللغة الفارسية من قبل إيران، ما دفع هيئة الإذاعة البريطانية من تقديم شكوى رسمية للأمم المتحدة حول هذا الأمر وما ينتج عنه من تحريف للحقائق والاخبار التي لا تمت للقناة بأية صلة.

بث السموم

ولفتت الرويني إلى بعض المواقع المضللة التي تستغل حاجة الناس لتبث سمومها في إطار خبري معلوماتي يستهدف مصالح خاصة وموجّهة، عبر استخدام أسماء وإصدارات مشابهة لمواقع عريقة مع تغيير بسيط قد لا يلحظه المتابعون العاديون، وهو ما يدعو الإعلام إلى العمل على توعية الجمهور للتحقق من تلك المواقع قبل تداول ما تبثه من أخبار.

واختتمت الإعلامية نشوى الرويني حديثها بالإشادة ببعض التجارب العربية الناجحة في مجال مكافحة الاخبار الكاذبة، مثل مركز "صواب" في دولة الإمارات، و"هيئة مكافحة الشائعات" ومركز "اعتدال" السعوديين، وموقع "ده بجد" الذي يشرف عليه شباب مصريون.