«إيلاف» من دبي: يتطور الطب الوراثي بشكل مستمر، حتى صار يقدم علاجات طبية مختلفة، آخرها فقدان البصر. فبعدما يصل مريض ما إلى حافة اليأس من الخضوع لتجارب طبية قد لا تجدي، ربما يرى بصيص نور في آخر النفق، إنه النور الذي يمثله عقار "لوكستورنا" (Luxturna) الذي يُحقن في العين، والذي يستخدم فيروسًا غير ضار يمثل نوعًا فاعلًا من جينة في خلايا المرضي تعرضت للخلل.

يستهدف هذا العقار طفرة واحدة نادرة في هذه الجينة، لكنه أنعش الأمل بعد عقود من الخيبات بعلاجات جينية ممكنة لاضطرابات بصرية أخرى، على الرغم من أن العائق الوحيد الذي قد يقفر في الطريق هو سعر هذا العقار، إذ يصل إلى 425 ألف دولار لكل عين.

بصيص أمل

بحسب تقرير نشره موقع "سياتل تايمز" الأميركية عن المواطن الأميركي توبي ويليس وهو أول من خضع لهذا العلاج، يتوقع أن يكون العقار أشد فاعلية في الأطفال الذين تُشخص أعراض قصر النظر الحاد فيهم باكرًا، قبل أن يتسبب المرض في أضرار لا يمكن إصلاحها في عيونهم. ففي حالة ويليس مثلًا، وهو الذي يعاني تدهورًا مستمرًا في قدرته على الرؤية، يأمل الأطباء أن يحافظ على مقدار من البصر في البداية، ثم تحسين قدرته على تمييز الأشياء.

بالنسبة إلى الأطباء الذين راقبوا مرضاهم بلا حول ولا قوة - مثل ويليس - يصابون بالعمى يومًا بعد يوم، أي علاج ولو غير مثالي يمثل انفراجًا وأملًا. وبالنسبة إلى الباحثين في العلاج الجيني، إنه فتح مبين، خصوصًا أن ويليس شهد تحسنًا كبيرًا في القدرة على الرؤية، بعدما فقد الأمل. قال تيموثي شيري الذي يستكشف طرائق مختلفة لإصلاح أشكال العمى الموروثة في معهد سياتل لبحوث أمراض الأطفال: "أعتقد أن هذا العلاج يغير قواعد اللعبة، وما يلهمني فعليًا هو أننا تأكدنا من أن الفكرة الأساسية من هذا العلاج قابلة للتحقق".

كان على ويليس أولًا أن يخضع لاختبار لمعرفة إذا كان فقدان الرؤية عنه ناتج من نسخة معيبة من جينة RPE65، وهذا أمر حيوي لإعادة تدوير الجزيئات المستخدمة لتحويل الضوء إلى إشارات كهربائية يتعامل بها الدماغ ليرى الإنسان الصور. ووجد اختصاصيو الوراثة ان ويليس يحمل طفرة معيبة في هذه الجينة موجودة في نحو 1000 إلى 2000 أميركي فقط، علمًا أن ذلك يعني أنه ربما يستفيد من العلاج الجديد. يطلق على الاضطراب البصري الناجم عن الطفرة اسم "ليبر"، وهذا تشخيص أكثر دقة مما حصل عليه ويليس حين كان في سن المراهقة، وبدأ بصره يتدهور.

دقة عالية جدًا

يستغرق إجراء العلاج بعقار "لوكستورنا" نحو ساعة من الزمن لا أكثر، لكن مستوى الدقة المطلوب عال جدًا، إذ ثمة خطر من أن يؤدي إلى دمار الأعصاب، بحسب آرون ناجيل، الجراح والباحث في جراحة العين. فمع وجود ضوء صغير ينير داخل مقلة العين، يتم الأمر بإدخال إبرة دقيقة من خلال منفذ في العين، لزرق 0.3 ملليتر من المحلول الفيروسي بين الطبقة الحساسة للضوء في شبكية العين وطبقة ظهارة الصباغ الشبكية. هناك، تؤدي جينة RPE65 مهمتها.

في مرحلة التجارب السريرية، شهد 27 مريضًا من 29 تحسنًا في البصر، استمر سنة في الأقل، وتمكن أكثر من 70 في المئة من المرضى من التنقل بشكل أفضل في ضوء منخفض جدًا. كما شهد بعض المشاركين في التجارب تحسنات دراماتيكية، إذ تمكنوا من رؤية النجوم أول مرة. إلا أن مريضًا واحدًا أصيب بتراجع كبير في الرؤية.

يمكن هذا العلاج أن يؤدي إلى إعتام عدسة العين، فهذه المشكلة شائعة في المصابين بضعف البصر، كما في حالة ويليس، ومن المحتمل أن يكون سببها الالتهاب، لذلك تستبدل عدسات العين المعتمة بأخرى جلية.

 

أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن موقع "سياتل تايمز". الأصل منشور على الرابط:

https://www.seattletimes.com/seattle-news/health/medical-breakthrough-seattle-man-is-first-adult-to-get-new-gene-therapy-for-vision/