«إيلاف» من برلين: عرضت وكالة الفضاء الألمانية صوراً لخضرة «الخيار» قالت انه تم زرعه في بيوت زجاجية في القطب الجنوبي بدون تربة. وأضاف خبراء المحطة القطبية الألمانية في انتاراكتيس ان طعم الخيار الفضائي لذيذ وانه اغنى من خيار الأرض بالماء.

وذكر الباحث الألماني بول زابل، المسؤول عن الحديقة الفضائية في محطة"نويماير3" في القطب الجنوبي، انه نجح حتى الآن في حصاد3,6 كغم من الخس و70 كغم من الفجل و18 كغم من الخيار. ويضيف انه لم يسبق له العمل كفلاح، أو كعامل زراعي في الحقول، لكنه يقود المشروع العلمي لزراعة المحاصيل الزراعية بدون تربة.

وتبلغ مساحة الحديقة الفضائية الألمانية في القطب 400 متر مربع، وهي عبارة عن بيت زجاجي كبير تابع لمحطة"نويماير3". ويشارك في المشروع وكالة الفضاء الألمانية ومعهد الفريد فيغينر للأبحاث العلمية، ويعتبر تمهيداً للحياة المستقبلية للبشر على القمر أو على المريخ. ويعمل في المحطة القطبية المذكورة عشرة من العلماء والمتخصصين.

ويعيش العلماء في المحطة القطبية مقطوعين عن العالم، فضلاً عن توفير العون الطبي لهم بين فترة وأخرى. ولأن المزرعة القطبية توفر المحاصيل الزراعية لهم كفّت وكالة الفضاء الألمانية عن تزويدهم بالفواكه والخضراوات منذ فبراير الماضي.

ويؤكد بيرنهارد غروب، من معهد الفريد فيغنر، ان متابعة نمو الخس والخيار في المحطة القطبية شيئ ممتع. وأشار إلى ان الخضروات التي تمت زراعتها بلا تربة في القطب لاتختلف من ناحية المذاق عن المحاصيل المزروعة في التربة في ألمانيا.

عصفورين بحجر

وذكر غروب ان نجاح التجربة في المحطة القطبية الجنوبية يعني امكانية توفير الغذاء لرواد الفضاء ولسكان المريخ المستقبليين دون الحاجة إلى تربة أرضية. ويضيف ان المشروع يضرب عصفورين بحجر، فهو يوفر الغذاء لرواد الفضاء من جهة، كما انه يوفر الأوكسجين اللازم للحياة خارج كوكب الأرض.

المهم أيضاً في المزرعة القطبية الزجاجية الصغيرة انها صمدت أمام شتاء قاس، وصمدت ضد عاصفتين صقيعيتن، وهذا يعني انها ستصمد أيضاً أمام العوامل الفضائية المفاجئة أيضاً.

ولاتكتفي الحديقة القطبية بتوفير الغذاء والأوكسجين لرواد الفضاء فحسب، لأن مهندسي وكالة الفضاء الألمانية زودوها بنظام لترشيح وتنقية الماء من جو البيت الزجاجي. ويعمل النظام على تدوير الماء بين الزراعة والاستخدام الشخصي.

نظام يسمى "ايروبونيك"

يراقب بيرنهارد غروب وفريق عمله عملية نمو المحاصيل الزراعية في المحطة القطبية على شاشة الكومبيوتر في مركز معهد فيغنر في مدينة بريمن. ويقولون انهم يستطيعون أيضاً التحكم عن بعد، وقراءة درجات الحرارة والرطوبة والاضاءة من المركز.

واطلق العلماء الألمان على الزراعة بدون تربة اسم" ايروبونيكAeroponik"، وتمكنوا حتى الآن من زراعة البنجر والبقدونس والكراث والطماطم والخيار والريحان...إلخ. ولا تختلف هذه النباتات من ناحية المظهر سوى بجذورها الأكبر(بسبب فقدان التربة)، وهي جذور تنموا داخل أكياس صناعية تعوض عن التربة.

ويتوقع العلماء، بعد انقضاء الشتاء، ومع دخول شهر مايس ان يحصلوا على ثمار تزن5 كغم كل اسبوع. فالنباتات في الظروف "الفضائية" التي تم توفيرها تنموا اسرع من النباتات الأخرى المزروعة في تربة الارض، بحسب غروب.

ويتولى نظام كمبيوتري تزويد جذور النباتات بالرطوبة والأوكسجين والضوء والمواد المعدنية والأملاح مرة كل خمس دقائق. ويحرص هذا النظام على تدوير الماء والهواء كما تتطلب ذلك الرحلات الفضائية الطويلة والحياة خارج كوكب الأرض.

ويلتقط نظام التدوير في الحديقة القطبية غاز ثاني أوكسيد الكربون الذي يزفره العلماء(أو رواد الفضاء) لتعزيز عملية التركيب الضوئي للنباتات. كما نقلت وكالة الفضاء الألمانية اسطوانات اضافية من هذا الغاز إلى محطة"نويماير3".

النباتات بدون تربة ترشِّق رواد الفضاء

يتولى الباحث كلاوس زيلينسكا، من شركة الابحاث الفضائية في بريمن، دراسة تأثير هذه التغذية على البشر وعلى رواد الفضاء. ويقول ان التجارب على البشر الذين تناولوا الأغذية المستنبتة دون تربة بقيوا بصحة جيدة، إلا انهم فقدوا شيئاً من أوزانهم، وانه بصدد دراسة أسباب هذه الظاهرة.

فضلاً عن ذلك، يبحث زيلينسكا بدأب عن أشنات وطحالب يمكن عبر تغييرات وراثية فيها ان تعيش على القمر أو المريخ وأن توفر الأوكسجين اللازم لرواد الفضاء. ويخطط الباحث في مارس القادم لتقديم نتائج ابحاثه إلى شركة الابحاث الفضائية في بريمن.

ويعتقد زيلينسكا بإمكانية تصميم منزل متكامل للعيش على القمر أو المريخ خلال خمس سنوات من الآن. وهو منزل يحتوي على حديقة فضائية ومختبر، ويعمل داخل دورة متكاملة، ويوفر الأوكسجين والمحاصيل الزراعية لسكان الفضاء الخارجي.

الطماطم الفضائية جاهزة

العلماء الألمان، من وكالة الفضاء الألمانية في مدينة كولون، نسّلوا نوعاً خاصاً وطبيعياً من الطماطم أطلقوا عليه اسم"ميكرو-تينا"، ضمن مشروعهم لزرع الطماطم في الفضاء المسمى"يورو-كوربيس"، وبدأوا بتربيتها داخل "غرفتين فضائيتين" خاصتين استعداداً لارسالها إلى الفضاء الخارجي.

والهدف من المشروع هو اكتشاف ما إذا كان رواد الفضاء، أثناء اقامتهم على القمر، أو أثناء رحلاتهم الطويلة، قادرين على توفير غذائهم بنفسهم. وسيجري ارسال حوضي الطماطم داخل قمر صناعي خاص يتخذ مداراً حول الأرض لفترة تكفي لمراقبة كيفية نمو الثمرة الحمراء. وتم تمويل المشروع بميزانية بأكثر من 10 ملايين يورو.