«إيلاف» من الرباط: حذر مشاركون في مؤتمر دولي بمراكش، الجمعة،حول "ما بعد داعش: التحديات المستقبلية في مواجهة التطرف والتطرف العنيف"، من الاطمئنان إلى هزيمة "داعش"، عسكرياً، في سوريا والعراق.

وقال حبوب الشرقاوي، رئيس فرقة مكافحة الإرهاب بالمكتب المركزي للأبحاث القضائية بالمغرب، في محاضرة افتتاحية، تناولت "المقاربة الأمنية للمملكة المغربية المعتمدة في مواجهة تحديات التطرف العنيف"، أن "انهيار تنظيم "الدولة الإسلامية" المرتقب بالمنطقة السورية - العراقية ، هو بمثابة ناقوس الخطر الذي يدق لجميع دول منطقة المتوسط شمالاً وجنوباً بل وللعالم برمته، من أجل التحرك لاعتماد استراتيجيات أمنية وقانونية من أجل مواجهة هذا التحول الجيو - استراتيجي حتى نتجنب حمامات دم مستقبلية".

ورأى الشرقاوي، الذي كان يتحدث في جلسة افتتاح المؤتمر، التي شهدت، أيضاً، تدخل كل من محمد العاني، المدير العام لمؤسسة مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث، ومحمد بنصالح، مدير معهد غرناطة للبحوث والدراسات العليا، أن دحر تنظيم "داعش" يستوجب "أن نبقى دائماً مجندين سواء على صعيد المؤسسات الأمنية الوطنية أو على صعيد التعاون الدولي من أجل التصدي للتحديات الناجمة عن دحر هذا التنظيم الإرهابي عسكرياً، إذ أن نفوذه عرف انتشاراً بواسطة من تمكن من استقطابه من الشباب عبر العالم إلى جانب من اكتسب خبرات قتالية وعسكرية من الذين التحقوا بصفوفه بالمنطقة المذكورة".

وأكد الشرقاوي أن اندحار تنظيم "داعش"، بعد الهزائم المتتالية التي مني بها في سوريا والعراق من قبل قوات التحالف الدولي وازدياد تشديد المراقبة الأمنية على الحدود السورية - العراقية ، كلها عوامل أدت بقيادات هذا التنظيم الإرهابي إلى "التفكير في نقل مركز إدارتها للإرهاب العالمي إلى ليبيا وإلى مناطق جديدة أخرى بغرب دول آسيا".

واعتبر الشرقاوي أن القضاء على "داعش" بسوريا والعراق "ليس انتصاراً نهائياً عليه"، بل "ولادة جديدة له بمناطق أخرى من العالم"، مشيراً، في هذا السياق، إلى ليبيا ومنطقة الساحل والصحراء الكبرى وغرب أفريقيا والقرن الأفريقي ووسط آسيا فوق التراب الأفغاني، من خلال "إنشاء قواعد خلفية جديدة"، قال إنها "ستكون مركزاً لتوجيه ضربات في مختلف بقاع العالم خاصة بأوروبا والولايات المتحدة اعتماد على الأساليب الإرهابية المستجدة المعروفة بـ"الذئاب المنفردة""، التي قال عنها إنها تمثل عنواناً لقدرة متطرفي "الدولة الإسلامية" على تطوير أساليبهم القتالية، "التي أصبحت تتجه بنسبة كبيرة إلى اعتماد أسلوب "الذئاب المنفردة"، مذكراً، في هذا الصدد، بالعمليات الإرهابية التي هزت فرنسا وإسبانيا وبلجيكا وغيرها، وهو الأسلوب الذي قال عنه الشرقاوي إنه "خرج إلى الوجود نتيجة نجاح الأجهزة الأمنية في تضييق الخناق على العناصر المتطرفة التي لم تجد بدا من اللجوء إليه لما يتميز به من سرية وصعوبة في الرصد، وهو سيكون، من دون شك، الأسلوب الذي سيعتمده، لامحالة، معظم المقاتلين العائدين إلى بلدانهم الأصلية عقب سقوط التنظيم من أجل اقتراف جرائمهم الإرهابية مما يؤكد أن درجة الخطر ماضية في الارتفاع إلى أعلى مستوياتها".

من جهته، اعتبر جون شارل بريزار، من "مركز تحليل الإرهاب" (فرنسا)، في مداخلة، خلال الجلسة الأولى، حملت عنوان "تطور التهديد الإرهابي في العالم بعد النهاية الميدانية لـ"داعش" في سوريا والعراق"، أن "هزيمة تنظيم "داعش" لا تعني أنها لا تشكل تهديداً للدول الأوروبية"، وأن "غياب أو تراجع خطاب "دولة الخلافة" لا يعني أن هذا الفكر غائب أو في تراجع".
ويهدف المؤتمر، الذي تنظمه مؤسسة مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث بتعاون مع معهد غرناطة للبحوث والدراسات العليا، على مدى يومين، بمشاركة خبراء وباحثين مختصين من العالم العربي وأوروبا والولايات المتحدة، فيما تتوزعه 6 جلسات، تتمحور حول "المُحدّدات المؤثرة في اعتناق الإيديولوجيا "الجهادية""، و"ما بعد داعش: الإرهاب في أفريقيا وأثره على الأمن العالمي"، و"التنظيمات الإرهابية في مرحلة ما بعد داعش: استراتيجيات الانتشار ومآلات التحولات"، و"ما بعد داعش: التهديدات الإرهابية لأوروبا والعالم العربي"، و"السجون بين انتشار الأيديولوجيا "الجهادية" ومراجعات الجماعات التكفيرية"، و"مستقبل الظاهرة "الجهادية" في مرحلة ما بعد "داعش""، إلى تقييم أداء المؤسسات الثقافية والدينية والمراكز البحثية العربية، في التفاعل النظري النقدي مع المُحدّدات الدينية والايديولوجية والثقافية والاجتماعية والسياسية للظاهرة "الجهادية"، في نسختها "الداعشية"، وتحديد دور وتأثير خطاب باقي الفاعلين الإسلاميين (من حركات الإسلام السياسي، و"السلفية التقليدية"، والحركات الدعوية..)، على خطاب الفاعل "الداعشي"، بالإضافة إلى تقديم السبل الكفيلة لمواجهة الخطر "الجهادي" والتطرف والتطرف العنيف في الدول العربية والإسلامية والأوروبية.

كما يسعى المؤتمر، حسب منظميه، إلى "دراسة المُحدّدات المؤثرة بشكل مباشر أو نسبي، في اعتناق الفاعل "الإسلامي" الدعوي أو السياسي، الخطاب "الجهادي"، وتلمّس إجابات عن أسئلة مُلحّة حول مصير العدد الكبير من أعضاء التنظيم بعد عودتهم إلى بلدانهم بعد أن اكتسبوا تجارب ميدانية في القتل والقتال وتنفيذ مختلف صنوف العمليات الإرهابية، وكذا رصد الجوامع والفوارق بين تنظيم "القاعدة" وتنظيم "داعش"، واحتمال ظهور نماذج جديدة من العمل "الجهادي"، تتجاوز سقف التنظيمين معا".