إيلاف من القاهرة: بعدما احتفل الأقباط في مصر أمس بما يعرف بـ"سبت النور"، يحتفلون اليوم الأحد بعيد القيامة المجيد، واتخذت السلطات الأمنية إجراءات مشددة في محيط الكاتدرائية بالقاهرة، وانتشرت قوات الشرطة بالزي الرسمي، وانتشر أفراد من الأمن بزي مدني في شارع رمسيس الذي يقع به مقر الكاتدرائية، ومنعت السيارات من الوقوف في الشارع كله، بدءً من ميدان رمسيس بوسط القاهرة، وحتى ميدان العباسية.

وخضع جميع من يدخل الكاتدرائية للإجراءات الأمنية، وتشمل المرور عبر أجهزة الكشف عن المتفجرات، والتفتيش الذاتي من قبل فرق الكشافة التابعة للكنيسة. ويشترط دخول الكاتدرائية أن يحمل الشخص كارت دعوة شخصية من البابا تواضروس، للمشاركة في الاحتفالات بعيد القيامة.

وشملت إجراءات الأمن منع دخول السيارات أو الاقتراب من مقر الكاتدرائية لمسافة مائة متر على الأقل، خشية وقوع أعمال عنف أو تفجيرات باستخدام السيارات المفخخة. كما منع حمل الحقائب الكبيرة، أو المأكولات أو الآلات الحادة أو أية مواد تساعد على الاشتعال.

وخضع جميع الكنائس في مصر لإجراءات مماثلة، ووضعت الحواجز الأمنية أمام بواباتها، وخضع الداخلون إليها لإجراءات أمنية منها المرور عبر البوابات الإلكترونية، وإظهار الهوية، وتفتيش الحقائب والأمتعة، كما أغلقت بعض الشوارع الصغيرة التي تقع بها كنائس.

وقدم الرئيس عبد الفتاح السيسي التهنئة إلى الأقباط، وقال في رسالة لهم: "أدعونا جمعيا أن نتذكر تعاليم السيد المسيح التي تهدى الإنسانية إلى سبل السلام والحب".

وأضاف في كلمة له عير صفحته على فيسبوك: "السلام على عيسى بن مريم. السلام على مصر وأهلها".

واستقبل البابا تواضروس العديد من قيادات الحكومة المصرية للتهنئة بعيد القيامة، ومنهم شيخ الأزهر، الدكتور أحمد الطيب، ووزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، ومفتى الجمهورية الدكتور شوقي علام. وزار وزير الداخلية اللواء مجدي عبد الغفار، على رأس وفد رفيع من القيادات الأمنية الكنيسة أيضًا لتقديم التهنئة للبابا.

وقال شيخ الأزهر خلال لقائه بالبابا تواضروس: "يجب علينا أن نتذكر أن بيننا أصول ورسالة وتحدى مشترك، وقبل كل ذلك نحن في المقام الأول مواطنون ورسالتنا هي السلام ونتوقف كثيرا عن كلمة "الإنجيل السلام" في المسيحية و"السلام عليكم ورحمة الله وبركاته" في الاسلام"، مشيرًا إلى أن "بيت العائلة المصرية سيصنع شيئا في عدم إتاحة الفرصة لوجود فتنة بين المسلمين والمسيحيين".

وأضاف: "دعوات الإلحاد بدأت تتسرب إلى بلادنا، وهذا يؤرقني، ويجعلنا نشدد على ضرورة التكاتف لمواجهة هذه الدعوات، منوها أنه قد وقر في أذهان الغرب أن الأديان هي سبب الحروب وبالتالي يقتنعون بأن العيش في سلام يتطلب إلغاء الأديان، وأن كل دين يظن أن فيه الحقيقة المطلقة، وبالتالي يسعى لفرض نفسه على الساحة وهذا ينشئ العنف".

ولفت إلى أن "الحل هو احترام الآخر والاحترام هنا يكون في احترام العقيدة وهذا لا يعنى الاعتقاد بعقيدته". وقال البابا تواضروس: "تلاقينا في العيد يزرع في الناس الأمل، ويجعل العيد أكثر فرحة"، مشيرا إلي أن "الرئيس عبد الفتاح السيسي، يجعلنا نلتقي في مناسبات كثيرة".

وأضاف: "عيد القيامة يعتبر نوعا من الأمل والرجاء، لأنه جاء بعد ظلمة كبيرة".

وقدم وزير الدفاع الفريق أول صدقي صبحي برقيـة تهنئـة للبابا، جاء فيها: "يسعدني أن أهنئ قداستكم بمناسبة عيد القيامة المجيد، داعين الله أن يعيدها على قداستكم وعلى الأقباط من أبناء الوطن بالصحة والخير والبركات".

وأضاف: "أود أن أعرب لكم عن اعتزازي واعتزاز القوات المسلحة بمواقفكم الوطنية التي أكدت أن شعب مصر بمسلميه وأقباطه نسيج واحد يجمعهم وطن واحد وآمال واحدة في بناء مصر وتاريخها الزاهر المجيد.. كما أنني أشيد بهذه المناسبة بعطاء وتضحيات رجال القوات المسلحة من الأقباط ووفائهم بالمهام والمسئوليات التي يحملون أمانتها لتظل القوات المسلحة برجالها الدرع القوى الحامي للوطن والحصن المنيع للشعب.. بارككم الله ورعاكم.. وكل عام وقداستكم بخير".

وأجرى الرئيس المؤقت السابق، عدلي منصور اليوم الأحد، اتصالا هاتفيا بقداسة البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية؛ لتهنئته بعيد القيامة المجيد.

وقال المتحدث باسم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية القس بولس حليم: "إن المستشار عدلي منصور قدم التهنئة للبابا تواضروس الثاني وجميع المصريين بمناسبة عيد القيامة المجيد"، متمنيا أن ينعم الله على مصر بكل الخير والسلام.

وبهذه المناسبة، وجه البابا رسالة بابوية إلى أقباط المهجر، ترجمة إلى 17 لغة حول العالم، قال فيها: "هو قمة أعيادنا وفرح أفراحنا، والذي نسميه بثلاثة أسماء هي (عيد الفصح، وعيد القيامة، ويوم الأحد)، وهذا العيد يعنى العبور من الظلام إلى النور".

وأضاف البابا: "القيامة هي الحدث الأكبر في تاريخ البشرية الذي يزرع الأمل في حياة البشر، وهذا يجعلنا نقف أمام نوعين من البشر؛ أولهما يصنع الألم والآخر يزرع الأمل، ومن يصنعون الألم وظلام العقول والقلوب في حياة البشر هم من يصنعون الخوف والقلق بين البشر ما يصل إلى العنف والحروب وأيضاً يزرعون الأكاذيب والشائعات والشكوك ويقدمون اليأس للآخرين".

وقال البابا: "أما النوع الآخر فهم الذين يزرعون الأمل، وأنت تستطيع أن تختار من أي فريق أنت، حيث يمكنك أن تزرع الأمل بالكلمة المشجعة وفتح باب الرجاء وصنع السلام ومسامحة الآخرين". واختتم البابا كلمته قائلًا: "أهنئكم من أرض مصر الأرض المحبوبة عند ربنا".