إيلاف من نيويورك: يبدو أن شهر أبريل الحالي لن يكون عاديا بالنسبة الى الرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي فرضت عليه الأحداث الأخيرة القتال على جبهتين رئيسيتين، واحدة داخلية، وأخرى خارجية.

وأدت "مداهمة مانهاتن" في نيويورك و"كيماوي دوما" في ريف دمشق، الى تفجير غضب ترمب، فشن هجمة عنيفة غير مسبوقة على المحقق الخاص روبرت مولر، وعيّر روسيا ورئيسها فلاديمير بوتين بسبب المواقف الداعمة لبشار الأسد في سوريا.

لن يطرد مولر

في الشق الداخلي ورغم الحديث العلني الذي ادلى به ترمب حول طرد روبرت مولر من وظيفته ثم المتحدثة باسم البيت الأبيض سارة ساندرز، غير ان المؤشرات لا توحي بأن الرئيس الأميركي سيأخذ القرار الصعب لان تداعياته قد تكون جدًا سلبية على البيت الأبيض.

تداعيات خطيرة

ولن تقف التداعيات الكارثية لقرار الطرد بحال اتخذ عند حدود رئاسة ترمب، فالحزب الجمهوري سيدفع ثمنا كبيرًا في الانتخابات النصفية يتمثل في خسارته للاكثرية في مجلسي الشيوخ والنواب بظل التقارير التي تشير الى استعادة الحزب الديمقراطي لجزء من القاعدة الشعبية التي انتخبت ترمب وحزبه في انتخابات 2016.

كما ان قرار الطرد سيصطدم أولا بمعارضة جمهورية شرسة، فالعديد من أعضاء الحزب في الكونغرس طالب الرئيس بترك مولر يقوم بعمله، وانخرط سناتور نورث كارولينا الجمهوري، ليندساي غراهام الى جانب زملاء له من الحزبين في دراسة تشريع يحمي مولر من الطرد.

روزنستاين سيدفع الثمن

وبظل هذه الأجواء، يبقى السؤال المطروح هل سيسمح ترمب للمحقق الخاص بمتابعة تحركاته التي وصلت في اليومين الماضيين الى دائرة الرئيس الداخلية، الإجابة على هذا السؤال ملك ترمب ووزير العدل المغضوب عليه جيف سيشنز، والأخير يتحمل مسؤولية ما الت اليه الأمور بعدما ارتأى تحييد نفسه عن التحقيقات الروسية في مارس من العام الماضي، ونقل صلاحياته الى نائبه رود روزنستاين، لذلك فإنه وبدلاً من طرد مولر ومواجهة عاصفة غير معروفة النتائج، قد يلجأ ترمب الى طرد وزير العدل ونائبه من اجل خنق حركة مولر، او يعود سيشنز عن قرار تحييد نفسه ويمسك مجددًا بالتحقيقات بصفته وصيًا عليها، ويدفع روزنستاين ومولر الثمن الكبير.

مقارعة بوتين

واذا كان ترمب يدفع في الداخل ثمن اتهام روسيا بالتدخل في الانتخابات التي اوصلته الى البيت الأبيض عام 2016، فإن الأمور في سوريا تأخذ شكلاً آخر، فالرئيس الأميركي صعد بشكل غير مسبوق تجاه روسيا وايران والنظام السوري، ورد على تهديدات روسيا باسقاط الصواريخ الأميركية، بتحد عالي اللهجة عبر تغريدة طالب فيها الروي بالاستعداد للصواريخ الذكية التي ستضرب سوريا.

بين أبريل وأبريل

المنحى التصعيدي الذي اتخذه ترمب منذ يوم الاحد الماضي، اثار تساؤلات حول أسباب تأخر الضربة العسكرية، ومقارنة ردة الفعل على كيميائي دوما بما حصل مع كيميائي خان شيخون في أبريل 2017 حيث ضرب الاميركيون بعد فترة قليلة مطار الشعيرات مع ابتعاد ترمب عن تهديد النظام السوري في كل يوم كما يحدث الان.

الانقسام الداخلي

أسباب عديدة ساهمت في اعتماد إدارة ترمب سياسة مغايرة عن تلك التي اعتمدت يوم قصف الشعيرات في حمص، فالانقسام السياسي الداخلي وصل الى حده الأقصى والخلافات تحضر على كل ملف تقريبًا من الضرائب الى الرعاية الصحية وتأهيل البنى التحتية وقضية الحالمين، والتحقيق الروسي، والعلاقة مع الخارج والاتفاقات التجارية، وحتى تغريدات ترمب على تويتر.

بنك الأهداف

كذلك فإن الإدارة أبلغت الروس مسبقاً بالضربة العسكرية المحدودة نتيجة الامال التي كانت معلقة يومها على تحسين العلاقات، بينما يريد ترمب حاليا حشد دعم دولي لقرار الضربة وما سيليها أيضًا لان الخبراء في واشنطن يتحدثون عن جدوى الاكتفاء بضربة عسكرية محدودة دون تغيير شامل في السياسة الأميركية تجاه دمشق، ويعكف الرئيس الاميركي وجنرالاته على دراسة بنك الأهداف بعناية لضمان عدم إصابة مواقع يتواجد فيها عسكريون روس تجنبًا للانزلاق الى مواجهة شاملة وإعطاء موسكو ذريعة للرد.