معبر الوافدين: سلم فصيل جيش الاسلام كافة أسلحته الثقيلة وغادر قادة الصف الأول الغوطة الشرقية قرب دمشق بموجب اتفاق اجلاء من مدينة دوما يستمر تنفيذه منذ أيام، لتنتهي بذلك احدى أكبر معارك الحرب السورية الدامية.

ورغم عدم اعلان استعادة كامل الغوطة الشرقية رسميا، أوردت الرئاسة السورية أنه خلال لقاء بين الرئيس بشار الأسد والمسؤول الايراني علي ولايتي تم التأكيد أن "تهديدات بعض الدول الغربية بالعدوان على سوريا (...) جاءت بعد تحرير الغوطة الشرقية وسقوط رهان جديد من الرهانات التي كانت تعول عليها تلك الدول في حربها الإرهابية على سوريا".

وتشكل دوما منذ أيام محور اهتمام المجتمع الدولي اثر تقارير عن هجوم كيميائي مفترض السبت أسفر وفق مسعفين واطباء عن مقتل أكثر من 40 شخصا ودفع بدول غربية على رأسها الولايات المتحدة الى التلويح برد عسكري.

وكانت دوما الجيب الاخير لمقاتلي المعارضة قرب دمشق، وتتواصل عملية إجلاء المقاتلين والمدنيين منها، بموجب اتفاق أعلنت عنه دمشق بعد يومين من القصف العنيف وغداة تقارير بهجوم بـ"الغازات السامة".

وفي اول تعليق لجيش الاسلام على الاتفاق بعد ايام على بدء تنفيذه، قال رئيس مكتبه السياسي ياسر دلوان لوكالة فرانس برس "طبعاً الهجوم الكيميائي هو ما دفعنا للموافقة والغارات التي بلغ عددها في اليوم نحو ٢٠٠ غارة وصاروخ".

وتستكمل عملية الإجلاء الخميس، وعند معبر الوافدين الذي تخرج منه الحافلات شاهدت مراسلة فرانس برس الخميس عشرات العناصر من الشرطة العسكرية الروسية والسورية. 

وفي نقطة تجمع قريبة، شاهدت حافلات تقل أشخاصاً من دوما ينتظرون اكتمال القافلة قبل انطلاقها باتجاه الشمال السوري.

وقال مصدر عسكري لفرانس برس إن "مسلحي جيش الاسلام وعائلاتهم يواصلون خروجهم من دوما حيث خرج حتى الان 33 حافلة" من اصل 80 حافلة الى نقطة التجمع تمهيدا لترحيلهم الى الشمال السوري.

- خروج القيادات -
وقال مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن لفرانس برس إن "معظم قيادات جيش الاسلام من الصف الأول، وبينهم قائده العام عصام بويضاني، غادرت دوما فجر الأربعاء ووصلت الى الشمال السوري مساء".

وأشار عبد الرحمن إلى أن مقاتلي جيش الاسلام "سلموا كافة أسلحتهم الثقيلة، وبينها مدرعات ودبابات وراجمات صواريخ" الى الروس.

وبدأت الشرطة العسكرية الروسية الخميس تسيير دوريات في مدينة دوما، وفق ما اعلنت وزارة الدفاع الروسية.

وينص اتفاق الاجلاء على دخول الشرطة العسكرية الروسية.

وتعليقا على التهديدات الغربية، اعتبر الرئيس الأسد الخميس أنه "مع كل انتصار يتحقق في الميدان، تتعالى أصوات بعض الدول الغربية وتتكثف التحركات في محاولة منهم لتغيير مجرى الأحداث".

وأضاف "هذه الأصوات وأي تحركات محتملة لن تساهم إلا في المزيد من زعزعة الاستقرار في المنطقة، وهو ما يهدد السلم والأمن الدوليين".

ومنذ التقارير التي أفادت في نهاية الاسبوع الماضي عن هجوم كيميائي، صعد الرئيس الاميركي دونالد ترامب لهجته ضد النظام وتهديداته بتنفيذ ضربة عسكرية ضده.

وبعد ان بدا خلال اليومين الماضيين، ان تنفيذ الضربة وشيك، أضفى تصريح للرئيس الاميركي اليوم ضبابية بشأن التوقيت، إذ قال في سلسلة تغريدات "لم أقل قط متى سيشن هجوم على سوريا. قد يكون في وقت قريب جدا او غير قريب على الاطلاق". 

في باريس، أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الخميس أن لديه "الدليل" على أن قوات الأسد نفذت الهجوم الكيميائي في دوما، لكنه قال إن الرد على سيتم في "الوقت الذي نختاره".

واعلن السفير السوري لدى الامم المتحدة بشار الجعفري ان مجموعتين من خبراء منظمة حظر الاسلحة الكيميائية تصلان الى سوريا الخميس والجمعة للتحقيق في الاتهامات التي وصفتها دمشق بـ"الفبركات".

- رفع العلم... وإنزاله -
وأعلن الجيش الروسي الخميس ارتفاع العلم الرسمي السوري في مدينة دوما، معتبراً أنه "مؤشر على السيطرة عليها وبالنتيجة على الغوطة الشرقية كاملة".

وقال سكان في دوما إن عدداً من الأشخاص رفعوا العلم السوري فوق الجامع الكبير في المدينة الذي شكل مركزاً لمجلسها المحلي. 

وتعتمد المعارضة السورية علماً مختلفاً يعرف منذ بدء النزاع قبل سبع سنوات بـ"علم الثورة".

واثر رفع العلم، طالب مسلحون لم تعرف هويتهم، بحسب سكان، بإنزاله وأطلقوا الرصاص في الهواء ونجحوا في تحقيق مبتغاهم.

وطالما اعتبرت القوات الحكومية استعادة الغوطة الشرقية هدفاً رئيسيا، باعتبارها احدى بوابات دمشق وشكلت تهديداً للعاصمة التي قتل فيها المئات جراء قذائف الفصائل المعارضة منذ العام 2012.

وخلال الهجوم لاستعادة الغوطة الشرقية منذ 18 شباط/فبراير، وثق المرصد السوري مقتل أكثر من 1700 مدني في القصف العنيف. 

ودفع الهجوم أكثر من 165 ألف شخص للخروج من الغوطة الشرقية، وفق وكالة الانباء السورية (سانا).

وخرج هؤلاء عبر معابر حددتها القوات الحكومية، ويتم نقلهم الى مراكز ايواء موقتة، منهم من لا يزال فيها وآخرون غادروها عائدين الى منازلهم.

واعتبرت المستشارة السياسية للرئاسة السورية بثينة شعبان الاربعاء خلال لقاء مع قناة "الميادين" التي تبث من بيروت، نقلت وكالة سانا مقتطفات منه الخميس، أن "انتصار الغوطة شكل نقطة حاسمة (...) وبعث رسائل للعالم أجمع بأن الجيش العربي السوري وحلفاءه قادرون على تحرير كل شبر من الارض السورية".

ومن شأن السيطرة على الغوطة الشرقية أن تتيح للجيش السوري التركيز على جبهات أخرى، قد تكون درعا جنوباً أو ادلب في شمال غرب البلاد.