بيروت: يشدد المسؤولون الغربيون على أن الضربات المشتركة غير المسبوقة ضد النظام السوري يجب أن يعقبها دفع جديد للجهود الدبلوماسية من أجل تسوية النزاع الذي دخل عامه الثامن.

وبدت نتائج الضربات التي شنتها واشنطن وباريس ولندن على مواقع يشتبه بأنها مرتبطة ببرنامج السلاح الكيميائي السوري محدودة مع تقارير عن أن المواقع المستهدفة كانت خالية.

ويجمع المحللون على أن الرسالة السياسية التي أراد الغرب توجيهها من خلال الضربات تطغى على الخطوة العسكرية في ذاتها. ماذا سيكون مضمون هذه الجهود الدبلوماسية الجديدة وهل ستوافق دمشق وموسكو على الانخراط فيها؟

- محادثات بعد الضربات -
بعد الضربات التي شنتها الدول الثلاث رداً على هجوم كيميائي مفترض اتهمت دمشق بتنفيذه، شدد قادتها السبت على أن الهدف منها لم يكن فقط الحد من قدرة دمشق على استخدام الاسلحة الكيميائية بل الدفع باتجاه جهود جديدة للحل السياسي.

+ قالت رئيس الحكومة البريطانية تيريزا ماي أن العملية العسكرية لا تكفي وحدها إنما "الأمل الأفضل للشعب السوري يبقى الحل السياسي".

+ قال رئيس اللجنة الدولية للإغاثة ديفيد ميليباند "غارات الليلة الماضية ستصبح على هامش التاريخ اذا لم يوازها عمل دبلوماسي دائم وجدي".

+ وقالت ديما موسى من المعارضة السورية في الخارج إن "أي عمل عسكري يجب أن يهدف لتحريك العملية السياسية".

+ واعتبر الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون أنه بعد الضربات على مجلس الامن الدولي "ان يتخذ الان، موحدا، المبادرة على الصعد السياسية والكيميائية والانسانية".

- ما هي الإجراءات؟ -
بدأت الدول الثلاث التي وجهت الضربات العمل على مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي. وتبدو هذه الخطوة بمثابة محاولة منها للعودة كلاعب قوي في النزاع السوري بعد تراجع تأثيرها كما لاجبار دمشق على العودة الى طاولة المفاوضات.

+ يقول الباحث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية كريم بيطار "خلال الأسابيع القليلة الماضية، بدا الغرب وكأنه خارج اللعبة. وبدا أن مستقبل سوريا يتم نقاشه من قبل الروس والايرانيين والاتراك".

+ أعلن وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان السبت ان باريس "تريد استعادة المبادرة" في مجلس الامن بدءاً من الاثنين "لضمان الاتجاه نحو تسوية سلمية للازمة السورية".

+ يتضمن مشروع القرار وفق نسخة حصلت عليها وكالة فرانس برس إنشاء آلية تحقيق جديدة حول استخدام الاسلحة الكيميائية. ويدعو أيضاً الى ايصال المساعدات الانسانية وبدء محادثات سلام سورية برعاية الامم المتحدة.

+ قال دبلوماسي أميركي رفيع إن واشنطن ستضغط من أجل اجراء محادثات برعاية الأمم المتحدة ولـ"المضي قدماً في تسوية سياسية مع التركيز على أمرين... الاصلاح الدستوري وانتخابات حرة وعادلة".

- هل من نتيجة؟ -
استخدمت روسيا 12 مرة حق النقض الفيتو في مجلس الأمن الدولي لصالح حليفتها دمشق. وواجهت التهديدات بعمل عسكري والضربات الغربية بغضب شديد، لكنها اكتفت بتصريحات فضفاضة قبل الضربة وبعدها. 

وأعلنت فرنسا أنه جرى إبلاغ روسيا مسبقا بالضربات. ولم تستخدم موسكو بدورها أنظمتها للدفاع الجوي للرد على الصواريخ التي أطلقتها الدول الغربية ضد حليفتها.

ومنذ تدخلها العسكري في سوريا في العام 2015، غيرت روسيا موازين القوى على الأرض لصالح دمشق، كما انها امسكت بزمام المبادرة السياسية بالتعاون مع ايران وتركيا. وواظبت على دعم دمشق سياسياً، ومنع أي مشاريع قرارات تدينها في مجلس الأمن حتى بعد الهجوم الكيميائي في خان شيخون قبل أكثر من عام، الذي اضطرها لتكثيف جهودها لتحسين صورة الأسد.

ويقول كريم بيطار "ليس هناك سبب يجعل الأسد مجبراً على تقديم تنازلات كبيرة ما دام يشعر بأنه متمكن بالدعم الروسي والايراني".

ويوضح الخبير في الشؤون السورية فابريس بالانش "ترى دمشق أن روسيا تستفيد من الحرب لبناء قوتها على الساحة الدولية وليس لديها أي هاجس تجاه وضعها في موقف حرج".

ويبدو أن التوتر على خلفية التطورات في سوريا لم يؤثر كثيراً على التعاون بين موسكو والدول الغربية.

وأكدت الرئاسية الفرنسية أن ماكرون، الذي مد يد التعاون لموسكو قبل الضربات، لا يزال يعتزم القيام بزيارة مرتقبة لروسيا.

وقال مسؤول أميركي في واشنطن "نواصل العمل بقوة مع مبعوث الأمم المتحدة الى سوريا ستافان دي ميستورا، كما نعمل مع موسكو من أجل السير قدماً في العملية السياسية".