لم تحظ الضربات التي شنتها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا في سوريا بإجماع داخل الاتحاد الأوروبي، وسيحاول وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان احتواء هذا الانقسام، خلال اجتماع الاثنين مع نظرائه في لوكسمبورغ.

إيلاف: رغم أن المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل أعلنت أن الضربات التي نفذتها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا كانت "ضرورية ومناسبة"، إلا أن أعضاء آخرين في الاتحاد الأوروبي يتحفظون عن أي خطوة قد تؤدي إلى مزيد من التصعيد. 

وبينما اتفق أعضاء الاتحاد الأوروبي الـ28 على أن الهجوم على دوما كان غير مقبول، ويجب ألا يمر بدون عقاب، لم يتطرق بيان صادر من وزيرة خارجية التكتل فيديريكا موغيريني إلى تأييد الضربات، مكتفيًا بالتأكيد على أنه ستتم "محاسبة المسؤولين عن هذا الانتهاك للقانون الدولي"، في إشارة إلى الهجوم الكيميائي المفترض.

وقال مصدر أوروبي إن البيان "لم يكن مفاجئًا". لكن دول الاتحاد الأوروبي منقسمة، بحيث تقف فرنسا وبريطانيا في جهة، ودول محايدة في جهة أخرى، فيما في الوسط تبنى أعضاء في حلف شمال الأطلسي مواقف متباينة من الضربات. وفي هذا السياق أكدت إيطاليا أن "هذا العمل المحدود (...) لن يكون بداية تصعيد".

وأكد مصدر أوروبي أن "بيان الدول الـ28 هو أقصى ما يمكنهم قوله"، فيما كان تأييد حلف شمال الأطلسي أكثر وضوحًا. ينبع التباين بين الحكومات الأوروبية من خشية رد فعل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي يدعم نظيره السوري بشار الأسد.

عشية الضربات، حذر الرئيس الروسي من أي عمل "متهور وخطير في سوريا" يمكن أن تكون له "تداعيات غير متوقعة"، وذلك خلال مشاورات هاتفية مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.

السعي إلى موقف موحد
وقال مسؤول أوروبي رفض كشف هويته "على الاتحاد الأوروبي أن يبقى موحدًا. علينا تجنب أن تتبنى كل دولة سياسة منفردة حيال موسكو. هذا مهم لوجود الاتحاد". 

وسارعت موسكو إلى استغلال الانقسامات في الاتحاد الأوروبي، التي بدت واضحة في ردود الفعل على عملية تسميم الجاسوس الروسي السابق سيرغي سكريبال وابنته في بريطانيا. وقال دبلوماسي أوروبي إن "الجميع خلصوا إلى الأمر نفسه. الجميع قرأوا الوقائع بالطريقة نفسها، لكنهم لم يصدروا ردود الفعل نفسها". 

في المحصلة، عمدت 19 دولة عضوا في الاتحاد الأوروبي إلى طرد دبلوماسيين روس، في حين اكتفت خمس دول باستدعاء سفرائها للتشاور، ولم تتخذ ثلاث أخرى أي خطوة. 

وبعد ضغط مكثف من بريطانيا وفرنسا وألمانيا، وقع قادة دول التكتل الـ28 بيانًا صدر في قمة ببروكسل في الأسبوع الماضي، واتهم روسيا بتنفيذ العملية. لكن الأمر تطلب كثيرًا من الجهود لإقناع المترددين. 

خلال اجتماعهم الشهري في لوكسمبورغ، سيحاول وزراء خارجية الاتحاد التوافق على السياسة الواجب انتهاجها حيال موسكو في محاولة للتوصل إلى تسوية للنزاع السوري.

زيادة الضغوط
وقال وزير الخارجية الألماني هيكو ماس الجمعة "لا يمكن أن نستمر على هذا النحو. علينا زيادة الضغط على روسيا لإجبارها على تغيير موقفها. إنه الشرط الأساسي لتسوية قضية النزاع السوري".

وعلق نظيره الفرنسي جان إيف لودريان الأحد "ينبغي أن نأمل الآن بأن روسيا أدركت أنه بعد الرد العسكري (...) علينا أن نوحد جهودنا من أجل عملية سياسية في سوريا تتيح الخروج من الأزمة. إن فرنسا مستعدة للتوصل إلى ذلك".

وفي مقابلة متلفزة مساء الأحد، أوضح إيمانويل ماكرون أنه يريد "إقناع" الروس والأتراك بالجلوس إلى طاولة المفاوضات، مشددًا على أنه يريد "التحدث إلى الجميع".

وتأمل باريس بأن توافق موسكو على إحياء آلية تحقيق مشترك حول الأسلحة الكيميائية بين الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، علمًا بأنها لم تعد موجودة منذ 2017. ولم يتم تمديد التفويض الممنوح لها إثر لجوء موسكو تكرارًا إلى حق الفيتو.