انقرة: يسعى الرئيس التركي رجب طيب اردوغان من خلال دعوته المفاجئة لاجراء انتخابات عامة خلال اقل من شهرين، الى مباغتة المعارضة غير المستعدة، والاستفادة من تصاعد المشاعر القومية بعد عمليته العسكرية في سوريا، بحسب اعتقاد عدد من المحللين.

وسيكون اردوغان وحزبه الاكثر حظاً للفوز في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي ستجري في الوقت ذاته في 24 حزيران/يونيو، الا ان ذلك قد يكون مغامرة ايضا نظرا لتدهور الاوضاع الاقتصادية. 

وتعتبر هذه الانتخابات مهمة لانه بعدها ستدخل الرئاسة التنفيذية الجديدة حيز التنفيذ. ويشعر المعارضون بالقلق حيالها كونها تمنح رئيس الدولة صلاحيات سلطوية. 

وفي حال فوز اردوغان بولاية جديدة لمدة خمس سنوت، فسيتمكن بذلك من دخول العقد الثالث من السلطة، بعد ان شغل منصب رئيس الوزراء وبعدها الرئيس لمدة 15 عاماً. 

تقول دوروثي شميدت رئيسة برنامج تركيا في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية ان "اردوغان يريد أن يظهر أنه المتحكم المطلق في الاجندة السياسية". 

وكان الموعد الاساسي للانتخابات في الثالث من تشرين الثاني/نوفمبر 2019. 

واضافت شميدت ان "عامل المفاجأة هو احد أساليب (اردوغان) للسيطرة على المعارضة الداخلية والخارجية، وبالتالي ترجيح كفة السلطة الى جانبه". 

الاكثر حظاً بالفوز

لم يتسن لحزب الشعب الجمهوري، المعارض العلماني الرئيسي طرح مرشحه للرئاسة، بينما نشأ حزب "الخير" القومي بزعامة وزيرة الداخلية السابقة ميرال اكسينر مؤخرا في شهر تشرين الاول/اكتوبر الماضي. 

أما حزب الشعوب الديموقراطي الموالي للاكراد، فقد اضعفه اعتقال ابرز قادته. لذا، فإنه سيعطي الأولوية للحصول على نسبة العشرة بالمئة اللازمة للبقاء في البرلمان. 

وصدرت صحيفة "يني شفق" المؤيدة للحكومة الخميس بعنوان "ضربة قاضية".

وقال بيرك ايسين مساعد استاذ في قسم العلاقات الدولية في جامعة بيكينت في انقرة، ان التوقيت يقلل من فرص تشكيل تحالف للمعارضة من شأنه أن يهز مكانة اردوغان. 

وأضاف ان "اردوغان ربما يرغب في التوجه الى الانتخابات قبل ان تتمكن احزاب المعارضة من التوصل الى اتفاق بشأن تحالف انتخابي فيما بينها". 

وأوضح ان اردوغان هو "الاكثر حظاً بالفوز" نظراً لعدم وجود خطة لدى المعارضة التي لم تطرح اي مرشح باستثناء حزب اكسينر. 

ضغوط اقتصادية

تصاعدت المشاعر القومية في تركيا بعد أن سيطر الجيش على منطقة عفرين شمال سوريا وطرد منها المسلحين الاكراد.

ويخوض حزب اردوغان المنبثق عن التيار الاسلامي "حزب العدالة والتنمية" الانتخابات بالتحالف مع حزب "الحركة القومية" اليميني واصبح خطاب اردوغان ياخذ منحى قوميا بشكل متزايد في السنوات الأخيرة. 

لكن لا شك أن حالة الاقتصاد تطغى على تفكير اردوغان، المحارب الشرس الذي فاز في جميع الانتخابات منذ أن وصل حزب العدالة والتنمية الى السلطة عام 2002. 

ورغم ان النمو الاقتصادي في تركيا سجل 7,4% في 2017، الا ان التضخم المرتفع وعجز الحساب الجاري الحالي الكبير، وضرورة اعادة هيكلة الديون في كبرى الشركات يمكن ان تنذر بمشاكل. 

ويقول انطوني سكنر مدير منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا في شركة "فيريسك مابيلكروف" العالمية للاستشارات "لا شك في ان القرار اتخذ لاسباب من اهمها الضغوط الاقتصادية والقلق المرتبط بها حول انخفاض شعبية حزب العدالة والتنمية واردوغان عامي 2018 و2019". 

خسارة الثقة

بدت مؤشرات اجراء انتخابات مبكرة تظهر منذ مطلع العام حيث عقد اردوغان ورئيس وزرائه بن علي يلدريم تجمعات انتخابية كل عطلة نهاية اسبوع تقريبا. 

وفي هذا الوضع الذي تدينه المعارضة بغضب، فستجري الانتخابات في ظل حال الطوارئ المفروضة منذ المحاولة الانقلابية الفاشلة في تموز/يوليو 2016، وتم تجديدها للمرة السابعة امس الاربعاء. 

يضيف سكنر "اعتقد ان القرار كان خطوة مدروسة بعناية وتم خلالها احتساب الارباح والخسائر بدقة". 

لكن لن يكون الطريق ممهدا تماما امام حزب العدالة والتنمية في البلاد التي يسودها الاستقطاب بشكل كبير والمنقسمة بين انصار اردوغان ومعارضيه. 

وتمت الموافقة على توسيع صلاحيات الرئاسة التنفيذية خلال استفتاء في نيسان/ابريل 2017 مع 51,4% من الاصوات فقط رغم التغطية الواسعة والمحاباة التي حصلت عليها حملة "نعم" في وسائل الاعلام. 

وهي المرة الاولى التي يشعر فيها اردوغان بضرورة اجراء انتخابات مبكرة، رغم أنه امر بجولة ثانية من الانتخابات في تشرين الثاني/نوفمبر 2015 بعد ان خسر حزبه الغالبية الساحقة في انتخابات حزيران/يونيو 2015. 

وقال ديديه بيون نائب مدير المعهد الدولي للعلاقات الاستراتيجية في باريس "هناك ناخبون اغواهم اردوغان في مرحلة من المراحل والذين خسروا ثقتهم فيه بسبب تزايد السلطوية ... وربما يخسر اصواتهم".