ما بين محيط مرتبك في سوريا وليبيا واليمن، وأزمة سد النهضة مع أثيوبيا، وارتفاع الغلاء، فضلًا عن قلق داخلي من تبعات الخطوات الجديدة في مسار "الإصلاح الاقتصادي"، يواجه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في ولايته الثانية تحديات إقليمية وداخلية عدة، ومطالب بمواجهتها خلال السنوات الأربع المقبلة.

إيلاف من القاهرة: أكد خبراء ومحللون أن الولاية الثانية للرئيس عبد الفتاح السيسي، والتي من المقرر أن تبدأ في الثلاثين من يونيو المقبل، سوف تكون أكثر صعوبة من الولاية الأولى من حكم البلاد. ويواجه السيسي تحديات إقليمية وداخلية عدة، ومطالب بمواجهتها خلال السنوات الأربع المقبلة.

الأولوية للاقتصاد
ويرى الخبراء أن الوضع المرتبك في ليبيا وسوريا واليمن وأزمة سد النهضة مع أثيوبيا والسودان تمثل تحديًا خارجيًا صعبًا أمام الرئيس. 

في الوقت نفسه، فإن التحدي الاقتصادي هو الأكبر للرئيس المصري في الفترة المقبلة، وذلك ضمن التحديات الداخلية التي يواجهها، وإلى جانبه الملف الأمني، خصوصًا في شبه جزيرة سيناء، التي فيها أكثر البؤر الإرهابية اشتعالًا، مما يفسر استمرار العمليات العسكرية في نطاقها طوال الولاية الأولى من حكم السيسي، كما يواجه أزمات أخرى متمثلة في توفير الدعم للتعليم والصحة، والعمل على إعادة التدفقات السياحية.

يعتبر ملف الأوضاع الخارجية في المنطقة العربية من أصعب الملفات التي تواجه الرئيس المصري في ولايته الجديدة، لاسيما في ظل توتر الأوضاع في سوريا واليمن وليبيا، إضافة إلى الأزمة الأخطر، وهي أزمة سد النهضة مع أثيوبيا.

ووفقًا لتصريحات مساعد وزير الخارجية السابق السفير صلاح فهمي، فإن السياسة الخارجية لمصر تواجه تحديات صعبة خلال السنوات الأربع المقبلة، في ظل حالة الارتباك الموجودة في القضية السورية وليبيا.

حماية الحدود مع ليبيا
أضاف لـ"إيلاف" أن مصر مطالبة بالثبات على موقفها في دعم القضية السورية، والمطالبة بضرورة التوصل إلى حل سياسي يوقف نزيف الدماء الذي يتعرّض له الشعب السوري، كما ترفض مصر التدخل الغربي الأميركي في القضية السورية، وهذا ما أكد عليه الرئيس السيسي في كلمته في القمة العربية التي انعقدت في السعودية أخيرًا.

وأشار إلى أن الوضع في ليبيا يعتبر التحدي الأكبر الأمني أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، في ظل توتر الأوضاع الأمنية هناك، وهجرة معظم "دواعش" سوريا نحو الأراضي الليبية، فمصر تسعى إلى تأمين الحدود الغربية.

ولفت إلى أن أزمة حوض النيل، وتعثر مفاوضات سد النهضة، يعتبران تحديين كبيرين كذلك للرئيس أمام شعبه خلال الأشهر المقبلة، وسط تضاؤل فرصة التوصل إلى حل سياسي لأزمة سد النهضة، فالرئيس مطالب بالحفاظ على حصة مصر من مياه النيل، والبالغة 55 مليار متر مكعب، خاصة أن الشعب لن يتغاضى عن حقوقه في مياه نهر النيل، ولن يسامح الرئيس على ذلك.

دحر إرهاب سيناء
الحفاظ على الاستقرار الأمني، والقضاء على البؤر الإرهابية في سيناء، واحد من التحديات الكبرى التي تواجه السيسي داخليًا. 
وقال الخبير العسكري، اللواء علي حفظي، إن استمرار حالة الاستقرار الأمني في البلاد مقارنة بما كانت عليه قبل ثورة 30 يونيو، يعتبر من الملفات المهمة التي يسعى السيسي إلى تحقيق المزيد من النجاحات فيها، وفي الوقت نفسه يعطي الرئيس اهتمامًا خاصًا للقضاء على ملف الإرهاب في سيناء بشكل شبه نهائي مع بداية الولاية الثانية من حكمه للبلاد، ويأمل الرئيس في نجاح العملية العسكرية الشاملة في سيناء في القضاء على الجماعات الإرهابية بشكل كامل، والنتائج تشير إلى نحو ذلك".

وقال حفظي لـ"إيلاف" إن التحرّكات العسكرية المصرية، خلال السنوات الأربع الماضية استطاعت أن تُوقف الإمدادات غير المسبوقة للعناصر الإرهابية المسلحة، مما كان سببًا مباشرًا في تحقيق ضربات قوية للجماعات المسلحة على أرض سيناء، والحدّ بشكل شبه كامل من حدوث عمليات إرهابية في الداخل.

معضلة رفع الأسعار
أضاف أن هناك تحديًا كبيرًا يواجه الرئيس لا يقل نهائيًا عن مواجهة الإرهاب، وهو بناء تمركزات جديدة في سيناء للتمهيد إلى خطة التنمية، خصوصًا بعد حفر 4 أنفاق أسفل قناة السويس، بغرض تحفيز الاستثمار في شمال سيناء، في ظل ما أعلنه السيسي بأن تكلفة تنمية وتطوير سيناء ستصل إلى 275 مليار جنيه.

غير أن الملف الاقتصادي هو ما يشغل المصريين أكثر، لاسيما في ظل ارتفاع الأسعار، وانتشار البطالة. وقال الخبير الاقتصادي، الدكتور وائل يوسف، إن التحدي الوحيد الذي يشغل بال الرئيس عبد الفتاح السيسي في الولاية الثانية، هو عملية الإصلاح الاقتصادي، والحدّ من غلاء المعيشة، وعودة التدفقات السياحية، وعلاج تدهور منظومة التعليم والصحة، وهي الملفات المهمة التي تشغل اهتمام المواطن، وخاصة محدودي الدخل.

وأوضح لـ"إيلاف"، أن الدولة مطالبة بالبحث عن حلول اقتصادية لمواجهة غلاء المعيشة الذي يعاني منه المواطن منذ وصول الرئيس إلى حكم البلاد في يونيو 2014، وتفاقمت عقب قرار الحكومة بتعويم الجنيه المصري عام 2016، ما دون ذلك سوف يواجه الرئيس عبد الفتاح السيسي أزمات كبيرة مع المواطن، خاصة وأنه لن يتحمل المزيد من رفع الأسعار التي تتجه الدولة إلى تنفيذها بدءًا من شهر يوليو المقبل.

إصلاح التعليم والصحة
ولفت إلى أن الحكومة تتجه نحو رفع أسعار المواد البترولية بنسب تتراوح بين 35 إلى 40%، خلال العام المالي الجديد، وتطال هذه الزيادة السولار وبنزين 80، ومن المتوقع أن تصل نسبة الارتفاع في أسعار الكهرباء ما بين 30 إلى 45% خلال العام المالي الجديد.

أضاف أن البحث عن حلول سريعة لمواجهة تدهور منظومة التعليم والصحة، يمثل تحديًا شديد الأهمية لدى الشعب والرئيس، فمن غير المقبول عدم تحقيق تقدم كبير في تلك الملفات خلال الولاية الثانية للرئيس السيسي، خاصة وأنه اعترف من قبل بسوء التعليم والصحة، والحاجة الشديدة إلى تدخل الدولة للتطوير.