واشنطن: يبدأ الرئيس الاميركي دونالد ترمب ونظيره الفرنسي ايمانويل ماكرون الثلاثاء في واشنطن محادثات حول قضايا حساسة من بينها برنامج ايران النووي والتجارة الدولية. 

ويعقد الرئيسان لقاء ثنائيا خاصاً لمدة نصف ساعة، وبعده اجتماعاً أوسع لمدة ساعة مع مساعديهما، في تتويج لزيارة ماكرون الرسمية الى واشنطن والتي تستمر ثلاثة أيام. 

وقبل استقباله رسميا في البيت الابيض الاثنين، قام ماكرون بزيارة غير مقررة الى ضريح لينكولن برفقة زوجته بريجيت. 

وكان ماكرون استقبل ترمب في باريس في تموز/يوليو بعرض عسكري وعشاء في برج ايفل. 

ووصف ماكرون زيارته الى واشنطن بأنها "مهمة للغاية"، وبعد ذلك توجه الى البيت الابيض عبر ساحة لافاييت (نسبة الى الجنرال الفرنسي الشهير الذي شارك في حرب الاستقلال الاميركية) تحت الاعلام الفرنسية المرفرفة على المبنى، وذلك قبل استعراض حرس الشرف.

وكان في انتظاره امام الجناح الغربي الرئيس ترمب بابتسامة ويد ممدودة للمصافحة، وفي المقابل قبله الرئيس الفرنسي على الخدين. 

وبعد ذلك تناول الرئيسان وزوجتيهما العشاء في ماونت فيرنون، الفيلا التي كان يسكنها جورج واشنطن أول رئيس اميركي. 

وتحدثا بعدها عن وضع الاقتصاد، وشعبية ترمب في استطلاعات الرأي، وانتخابات منتصف الولاية في نوفمبر في الولايات المتحدة، والتشريعات المتعلقة بالانترنت والحملة ضد التطرف الاسلامي، بحسب مكتب الرئيس الفرنسي. 

وشعبية ترمب متدنية للغاية في فرنسا، كما يتعرض ماكرون مثل باقي قادة العالم -- من الياباني شينزو آبي الى البريطانية تيريزا ماي -- الى ضغوط متزايدة من الناخبين لتوضيح مزايا تقاربهم مع الجمهوري ترمب (71 عاما). 

الحرب "ضد الجميع...لن تعطي نتيجة"

من المقرر ان تدخل الرسوم التي فرضها ترمب على صناعة الصلب الأوروبية حيز التنفيذ في الأول من مايو، وفي حال رفض الرئيس الأميركي التوقيع على تنازل ما هناك مخاوف حقيقية من حصول حرب تجارية شاملة.

في هذه الاثناء تعمل فرنسا ودول أوروبية أخرى ايضا على الاتفاق النووي المعقّد مع ايران والذي يهدد ترمب بتقويضه اذا لم يلغي عقوبات على طهران بحلول 12 مايو كمهلة قصوى.

وفي حال انسحاب ترمب من الاتفاق وانهائه تقول ايران انها ستستأنف برنامجها النووي الذي يعتقد الغرب انه مصمم لانتاج قنبلة نووية.

ويعتبر المسؤولون الأوروبيون ان مطلب ترمب اعادة دراسة الاتفاق امر مستحيل، وهم يحاولون تبديد مخاوفه حول تجارب ايران الصاروخية وعمليات تفتيش منشآتها النووية وسلوك النظام الايراني في المنطقة.

وهناك احباط آخذ بالتنامي في عواصم أوروبية بأن تعنت ترمب حول الاتفاق الذي أبرم في عهد الرئيس السابق باراك أوباما يحوّل الانتباه عن قضايا ملحة أخرى في المنطقة.

وفي مقابلة أذيعت عشية وصوله الى واشنطن، استخدم ماكرون قناة "فوكس" المفضلة لدى ترمب لعرض وجهة نظره.

وقال ماكرون "اذا قمت بشن حرب ضد الجميع (...) حرب تجارية ضد أوروبا وحرب في سوريا وحرب ضد ايران، فان هذا لن يعطي نتيجة. انت تحتاج الى حلفاء. ونحن هم هؤلاء الحلفاء."

وسيكون ماكرون حريصا على تهدئة رغبة ترمب بانسحاب سريع للقوات الأميركية من سوريا، وسط تعاون بين الجانبين في الحرب ضد تنظيم الدولة الاسلامية وهجمات منسقة ضد منشآت الأسلحة الكيميائية التي تتهم دمشق باستخدامها. 

وقال ماكرون "أعتقد ان الدور الذي تلعبه الولايات المتحدة مهم جدا". وأضاف "لماذا؟ سأكون صريحا جدا. ففي اليوم الذي ننتهي فيه من هذه الحرب ضد تنظيم الدولة الاسلامية، واذا ما غادرنا بشكل كامل وأكيد، حتى من وجهة نظر سياسية، فسوف نترك الأرض للنظام الايراني ولبشار الأسد". 

"الآن سنعمل معا"

يحرص البلدان في العلن على تأكيد علاقتهما التاريخية، ويستذكران ان فرنسا كانت الحليف الأول للثوريين الأميركيين الذين حاربوا من أجل الاستقلال. وقد أحضر ماكرون معه غرسة سنديان زرعها مع ترمب في حديقة البيت الابيض كرمز للصداقة.

 وقد أحضرت الغرسة الصغيرة من غابة في شمال فرنسا قتل فيها اكثر من الفي جندي اميركي من المارينز خلال الحرب العالمية الثانية في معارك ضد الجيش الالماني النازي.

وزار الرئيسان المكتب البيضاوي وقد بدا عليهما الارتياح قبل التوجه الى ماونت فيرنون. 

وعلى الصعيد الشخصي وبالرغم من الاختلافات الحادة في الخلفية السياسية والسن واسلوب الحياة، يبدو ان ترمب وماكرون قد تمكنا من اقامة رابط قوي كزعيمين وصلا الى السلطة من خارج المؤسسات التقليدية. 

وقال ماكرون لفوكس نيوز "لدينا علاقة خاصة جدا، ربما لأننا من خارج النظام" التقليدي. 

وعندما سئل عن لقائهما الأول والمصافحة الشهيرة بينهما التي دامت لست ثواني خلال قمة لحلف شمال الأطلسي في ايار/مايو الماضي، اقر ماكرون انها كانت "لحظة مباشرة جدا وواضحة". وقال "وايضا لحظة ودودة جدا"، مضيفا "كانت تعني الآن سوف نبدأ بالعمل معا". 

والأربعاء سيستعرض الرئيس الفرنسي مهارته في اللغة الانكليزية وهو امر نادر بالنسبة الى الرؤساء الفرنسيين في خطاب يلقيه امام الكونغرس.