غزة: يروي الشاب محمد المغاري من على سرير المستشفى الذي يتواجد فيه بعد ثلاثة أسابيع من إصابته برصاصة اسرائيلية على حدود قطاع غزة، أن هناك فجوة في ساقه تحت الجبس بإمكانه تمرير إصبعه من خلالها من جانب الى آخر.

وقتل 41 فلسطينيا بينهم صحافيان منذ بدء مسيرات احتجاجية على الحدود بين قطاع غزة واسرائيل في 30 مارس في كل يوم جمعة للمطالبة بحق العودة. وأصيب أكثر من 1700 فلسطيني بالرصاص الحي، 80 في المئة منهم في أطرافهم السفلية، بحسب وزارة الصحة في غزة.

يقول الشاب البالغ من العمر 28 عاما "أصبتُ برصاصة في ساقي أحدثت تفجيرا في العظام، تدمّر 30 سنتم من عظم الساق تماما إضافة الى العضل كاملا". يضيف أن هناك جسورا عدة من البلاتين على ساقه اليسرى "المفتوحة تحت الجبس"، بحسب قوله. "بإمكاني ان أضع كفة يدي من جهة وأخرجها من الاخرى".

ويتابع بحسرة ان الاطباء كانوا على وشك بتر ساقه، مشيرا الى انه كان يعمل في مطعم. ويقول "لن أتمكن من العمل الان لسنتين على الاقل بسبب إصابتي. كنت أنوي أن اتزوج قريبا، لم اعد افكر في الامر حاليا". وأصيب المغاري خلال مشاركته في الاحتجاجات على الحدود الشرقية لمدينة غزة.

يبدي الاطباء قلقا إزاء تدفق مئات الجرحى الى المستشفيات بجروح خطيرة، لا سيما في منطقة الركبة. وتعرض الجيش الاسرائيلي لانتقادات بسبب استخدام غير متكافئ للقوة وكذلك بسبب نوعية الذخيرة المستعملة في مواجهة المتظاهرين. تقول وزارة الصحة في قطاع غزة ان الاطباء أجروا منذ بداية ابريل 21 عملية بتر في الاطراف. وستستمر التظاهرات حتى 15 مايو، ذكرى "النكبة".

وتعتبر رئيسة بعثة منظمة أطباء بلا حدود في الاراضي الفلسطينية ماري إليزابيث انغر أن "ما هو غير عادي هو ان الجروح كبيرة جدا، والعظام يمكن ان تكون تفتت الى أجزاء عدة". وتقدم هذه المنظمة الدولية حاليا خدمات طبية لاكثر من 600 من هؤلاء الجرحى في ثلاث عيادات تتبع لها في قطاع غزة.

وتشرح انغر ان "تأثير الاصابات سيكون طويل الامد، ليس فقط على الاشخاص لكن على النظام الصحي، على عائلاتهم والمجتمع بكامله".

نقص الادوية 
ويقول مدير عام المستشفيات الحكومية في قطاع غزة الطبيب عبد اللطيف الحاج "غالبية الاصابات كانت برصاص متفجر يفتت العظام والاوعية الدموية ويحدث تمزيقا شديدا في الانسجة مع تمزق في الشرايين والاوردة،... ما يستدعي اجراء عمليات جراحية معقدة".

ويقول الجيش الاسرائيلي إنه يستخدم "الرصاص الحي كحل اخير"، مشددا على ان قواته تستخدم "الذخيرة والاسلحة المشروعة في القانون الدولي".

ويشكو الحاج من النقص الحاد في المستلزمات الطبية اللازمة في مستشفيات القطاع المحاصر منذ أكثر من عشر سنوات، مشيرا الى ان المحاليل الملحية، ومواد التعقيم، والادوية المانعة للجلطات والمضادات الحيوية الوريدية ستنفذ بعد ثلاثة اسابيع. ويشير الى ان أجهزة تثبيت العظام تنقص ايضا.

لا يخفي ان الطواقم الطبية تضطر لاخلاء المستشفيات في نهاية الاسبوع من بعض المرضى تمهيدا لاستقبال جرحى جدد في ايام الجمعة. ويقول "نحن مضطرون للمفاضلة في الاولويات بين وضع المرضى بسبب نقص الاسرّة".

وتبدي الطبيبة ماتيلدا بيرثيلو من منظمة اطباء بلا حدود خشيتها من "أن يتعرض المرضى بسبب بقائهم في المنازل بدون عناية مناسبة الى خطر كبير بسبب حدوث التهابات".

أخشى أن أفقد ساقي
يقول المغاري إنه يأمل "في السفر لتلقي العلاج في الخارج، أخشى ان افقد ساقي". ويقول الشاب معاذ سالم (27 عاما) الذي يلف الجبس ساقه اليمنى وقطعة أخرى من الجبس ركبته اليسرى، "أصبت قبل أسبوعين برصاصتين في ركبتي الاثنتين".

ويشرح "أجروا لي عملية في الركبة اليسرى، لكنهم لم يتمكنوا بعد من إجراء عملية في الركبة اليمنى لان فيها كسورا شديدة تحت الركبة وفي الرباط الصليبي".

ويضيف الشاب، وهو أب لطفلين وكان يعمل كهربائي سيارات، "أخبرني الاطباء انهم سيقيّمون وضع قدمي بعد ستة شهور الى سنة، لن اتمكن من العمل حاليا لكنني اتمنى ان اعود الى عملي يوما ما".