الرباط: اختتمت اخيرا بالرباط، أشغال الدورة الـ45 لأكاديمية المملكة المغربية، التي تواصلت أشغالها، على مدى ثلاثة أيام، في موضوع "أمريكا اللاتينية أفقاً للتفكير"، على إيقاع مراسيم تكريم محمد شفيق، عضو أكاديمية المملكة المغربية والعميد السابق للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية والمتخصص في اللغتين العربية والأمازيغية والشخصية التي بصمت الفضاء الثقافي والفكري بالمغرب.

وقال عبد الجليل الحجمري، أمين السر الدائم للأكاديمية، بهذه المناسبة: "محمد شفيق وبالإجماع رجل متميز، شخص هائل وواحد من أبرز الشخصيات في مشهدنا الثقافي"، مشدداً على أنه "مفكر فريد لا غنى عنه، يمتلك مواقفا فكرية مطلقة"، باسطا مساره الغني والمتميز، حيث قال: "لقد تولى مسؤولياته العديدة بعزم وتصميم، خاصة في مجال التعليم، ولم يتوقف أبداً عن الإشارة إلى أخطاء السياسات السياسوية التي انتهى بها المطاف إلى أن تكون سبب الكوارث الحالية".

واختتم الحجمري كلمته، قائلاً: "سيكون من الضروري مواصلة القراءة والاستماع إلى محمد شفيق، حتى لا يستمر في الوعظ في صحراء من الصمت الصاخب".

ولد شفيق عام 1926 في منطقة صفرو (وسط المغرب)، والتزم منذ سن مبكرة بالنضال من أجل استقلال المغرب. وبعد حصوله على شهادات في التاريخ واللغة العربية والتفتيش التربوي، بدأ مساره في التدريس، ثم في الإدارة كمفتش مدرسة، قبل أن يتقلد، في 1967، منصب مفتش مركزي في وزارة التربية الوطنية، ويعين، بين عامي 1970 و1972، نائباً لكاتب الدولة في التعليم الثانوي والتقني والعالي، ويصبح، في عام 1972، كاتباً للدولة لدى الوزير الأول، وينضم إلى الديوان الملكي مكلفاً مهمة بين عامي 1972 و1976. وبعد هذه الفترة، سيتم تعيين شفيق مديراً للمدرسة المولوية، في الوقت الذي كان فيه العاهل المغربي الملك محمد السادس يتابع دراسته فيها بين عامي 1976 و1982. وفي عام 1980، أضحى عضواً في أكاديمية المملكة المغربية. وفي وقت لاحق، عندما تم إنشاء المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، في 17 أكتوبر 2001، عينه العاهل المغربي الملك محمد السادس عميدًا لهذه المؤسسة، وهو المنصب الذي شغله حتى نوفمبر 2003. وبالموازاة مع هذا المسار الغني في خدمة الوظيفة العمومية، تميز شفيق في عالم البحث، لا سيما في مجال الثقافة الأمازيغية. وصدرت له، فضلا عن سلسلة من المقالات العلمية حول مسألة الأمازيغية، العديد من المؤلفات المرجعية التي كانت رائدة في المشهد الثقافي، بما في ذلك "أفكار متخلفة" (1972)، و"ما يقوله المؤذن" (1974)، و"نظرة عامة على ثلاثة وثلاثين قرنًا من التاريخ الأمازيغي" (1989)، و"المعجم العربي الأمازيغي" (قاموس الأمازيغية): المجلد 1 (1990)، المجلد 2 (1996)، المجلد 3 (1999)، و"أربعة وأربعون درساً باللغة الأمازيغية" (1991)، و"الدارجة المغربية، مجال توارد بين الأمازيغية والعربية" (1999)، و"اللغة الأمازيغية وبنيتها اللسانية" (2000 )، و"من أجل مغرب عربي مغاربي" (2000).

واعتبرت أفكار شفيق، كما جاء في بيان للمؤسسة، "جديدة واستفزازية في سياق ثقافي كانت فيه المناقشات حول اللغة والثقافة الأمازيغية على أشدها". و"لطالما دفعت رؤيته ونهجه التأريخي والفكري إلى إظهار أنه لا يوجد تضارب بين اللغتين العربية والأمازيغية".

كما أن شفيق ناشط في مجال حقوق الإنسان، وهو عضو في المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وكان أيضًا عضوًا مؤسسًا في المنظمة المغربية لحقوق الإنسان.