«إيلاف» من أبوظبي: قالت الدكتورة أمل عبد الله القبيسي رئيسة المجلس الوطني الاتحادي (البرلمان الإماراتي)، رئيسة المجموعة الاستشارية البرلمانية الدولية رفيعة المستوى المعنية بمكافحة الإرهاب والتطرف التابعة للاتحاد البرلماني الدولي إن الإرهاب بات أداة توظفها بعض الدول والأنظمة في تحقيق أهداف سياساتها الخارجية، منوهة بأنه "في هذا الإطار يبرز موضوع تمويل الإرهاب ورعايته بطرق مباشرة وغير مباشرة، وبما يجعل ملاحقة عناصره وتتبع أنشطته مسألة بالغة التعقيد، وتتطلب تعاوناً دولياً جاداً ومستمراً وفاعلاً، وتضافر جهود الدول كافة من أجل مواجهة هذا التهديد الأكثر خطورة في القرن الحادي والعشرين".

قمة عالمية لمكافحة الإرهاب

وكشفت القبيسي خلال افتتاحها للاجتماع الثاني للمجموعة الاستشارية البرلمانية الدولية رفيعة المستوى المعنية بمكافحة الإرهاب والتطرف، الذي انطلقت فعالياته اليوم في العاصمة الإماراتية أبوظبي وتنتهي غدا الخميس بمشاركة رؤساء وأعضاء برلمانات وأعضاء في اللجنة التنفيذية للاتحاد البرلماني الدولي من 15 دولة يمثلون مختلف المجموعات الجيوسياسية في الاتحاد، عن دراسة مجموعة من المقترحات البرلمانية الرامية لدعم الجهود الدولية في محاربة الإرهاب وتجفيف منابع تمويله، موضحة أن المجموعة تدرس بالتعاون مع الاتحاد وأجهزة الأمم المتحدة المعنية عقد قمة برلمانية عالمية متخصصة في مكافحة الإرهاب والتطرف، بهدف الارتقاء بآفاق التعاون في هذا المجال بين كافة برلمانات العالم بالشراكة مع الاتحاد البرلماني الدولي والأمم المتحدة.

 

شبكة برلمانية عالمية

وتضمن جدول أعمال الاجتماع الثاني للمجموعة عدداً من البنود منها الاطلاع على نتائج البرنامج المشترك بين الاتحاد البرلماني الدولي ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، وتحقيق أهداف المجموعة وأهمها دعم القدرات البرلمانية الوطنية وتبادل الخبرات بين البرلمانات في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف، وإنشاء شبكة برلمانية عالمية للتشريعات الوطنية المعنية بمكافحة الإرهاب والتطرف.

وتهدف هذه المجموعة إلى تنسيق الجهود بين الاتحاد البرلماني الدولي والأمم المتحدة عبر إطار مؤسسي غير مسبوق، وتبادل الخبرات والمعارف بين البرلمانات من خلال شبكة معلومات برلمانية متخصصة، والاسهام في دعم القدرات البرلمانية الوطنية في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف.

 

موقف الإمارات

وأضافت الدكتورة القبيسي "نحرص من خلال عملنا ضمن هذه المجموعة على دعم موقف دولة الإمارات وجهود كافة دول العالم المحبة للسلام والتعايش، والمهتمة بمكافحة الإرهاب والتطرف، حيث يحتل هذا الملف أولوية استثنائية ضمن اهتمامات قيادتنا الرشيدة وجهود دولة الإمارات".

وأكدت أن "نشر التسامح والاعتدال والانفتاح وقبول الآخر وقيم التعايش الإنساني تمثل أحد أهم أدوات مكافحة التطرف والإرهاب، وتلك هي مبادئ شعب الامارات الأخلاقية وقيمها الإنسانية الراسخة، التي تتجسد في واقع دولتنا ومسيرة تطورها الحضاري، منذ تأسيسها على يد القائد الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وهو نهج تقتدي به قيادتنا الرشيدة وعلى رأسها الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة".

وأشارت إلى أن الدبلوماسية البرلمانية باتت قادرة على لعب أدوار فاعلة ومؤثرة وداعمة تتكامل مع الدبلوماسية الرسمية للدول، وهو هدف وضعته ضمن أهداف الخطة الاستراتيجية في المجلس الوطني الاتحادي.

 

الحقد والكراهية

وأضافت رئيسة البرلمان الإماراتي "يسعدنا أن نستضيف الاجتماع الثاني للمجموعة، لعل اجتماعنا اليوم على أرض الامارات يمثل فرصة مثالية للتعرف إلى ما يمكن أن نقوم به، كبرلمانيين، في مواجهة التطرف والحقد والكراهية والتشدد والانغلاق ونبذ الآخر، باعتبار الأفكار والأيديولوجيات المتطرفة، مداخل مؤكدة لممارسة العنف والإرهاب في مراحل تالية".

وأكدت الدكتورة القبيسي أن "مجتمع الامارات يمتلك نموذجاّ استثنائياً في الانفتاح والتعايش، حيث تتعايش على أرض الإمارات نحو 202 جنسية مختلفة، في مجتمع يمتلك منظومة قيمية وأخلاقية راسخة ومبادئ متجذرة باتت جزء لا يتجزأ من هوية وثقافة الشعب الإماراتي، منذ أن غرسها القائد المؤسس لدولتنا الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وهناك إطار مؤسسي ينظم هذا التعايش ويرسخه، فالمبادئ والقيم الأخلاقية الحضارية لابد لها من إطار تشريعي يضمن استقرارها وتجذرها في المجتمعات، ولدينا أيضاً وزارة للتسامح".

 

صناعة المستقبل

وقالت "إدراكاً من دولتنا للدور الرئيسي الذي يلعبه الشباب وضرورة حمايته من جماعات التطرف والإرهاب، فإن لدينا أصغر وزيرة في العالم، وزيرة الشباب، كما قامت الدولة بإنشاء مجلس الشباب من أجل منح الشباب والشابات الفرصة للمشاركة في العملية السياسية وتشكيل المستقبل الذي يريدونه بحيث يمكنهم صناعته اليوم، كذلك فإن دولة الإمارات تعمل ضمن شراكات دولية تهدف إلى مكافحة التطرف وقامت بالعديد من الإجراءات لمكافحة أسبابه وتجفيف منابعه، ومن هذه الجهود، تأسيس مركز هداية وهو عبارة عن مشروع شراكة دولية يهدف إلى القضاء على التطرف، وكذلك مركز صواب، والذي يسعى إلى مكافحة التطرف على مواقع التواصل الاجتماعي.

وذكرت "يتضمن جدول أعمال اجتماعنا الاطلاع عن كثب على جهود هذه المؤسسات وأفضل الممارسات التي قامت بها في مجال مكافحة التطرف، كما تعد الامارات شريك أساسي في التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب، وتضطلع بدور حيوي في محاربة داعش والقاعدة ومختلف تنظيمات الإرهاب في دول عدة.

 

ازدراء الأديان

وتابعت القبيسي تقول "تعزيزا لدور الامارات في مكافحة الإرهاب، فقد وافق المجلس الوطني الاتحادي (البرلمان) على العديد من التشريعات المعنية بمكافحة الإرهاب والتطرف العنيف، ومنها قانون اتحادي صدر عام 2004 في شأن مكافحة الجرائم الإرهابية، وآخر صدر عام 2015 بشأن مكافحة التمييز والكراهية، ويقضي بتجريم الأفعال المرتبطة بازدراء الأديان ومقدساتها ومكافحة كافة أشكال التمييز على أساس العرق، أو الدين، أو اللون، ويحظر خطاب الكراهية والتحريض عبر مختلف وسائل وطرق التعبير، ويعد القانون الأول من نوعه في العالم العربي، فضلاً عن الجهود التي يبذلها المجلس الوطني الاتحادي في مكافحة الإرهاب عبر ممارسة الدور المنوط به في الاتحاد البرلماني الدولي، والاتحادات البرلمانية الإقليمية، وكذلك التعاون ضمن الأطر التبادلية الأخرى بين المجلس وبرلمانات دول العالم المختلفة من خلال دبلوماسية برلمانية نشطة تضع مكافحة الإرهاب والتطرف في مقدمة أولويات اهتمامها".

 

معركة شرسة

وقالت الدكتورة القبيسي رئيسة البرلمان الإماراتي رئيسة المجموعة الاستشارية البرلمانية الدولية رفيعة المستوى المعنية بمكافحة الإرهاب والتطرف التابعة للاتحاد البرلماني الدولي "لقد عملنا خلال الاجتماع الأول للمجموعة في فبراير 2018، على تحديد العديد من الإجراءات وآليات عمل المجموعة، وناقشنا البرنامج المشترك بين الاتحاد البرلماني الدولي ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، وحددنا الأولويات، كما أكدنا على ضرورة أن يتم وضع قاعدة بيانات عن آلية محاربة الإرهاب والتحديات في دول الأعضاء، وتدركون جميعاً أن هذه المجموعة تكتسب أهميتها من اعتبارات عدة أهمها، برأيي، أنها إطار مؤسسي غير مسبوق للتعاون بين الاتحاد البرلماني الدولي والأمم المتحدة، فضلاً عن أنها معنية بملف يمثل هاجساً لدول العالم كافة، وتحدياً للكثير من الدول، التي تخوص معركة شرسة في مواجهة هذه الظاهرة البشعة على المستويات العسكرية والأمنية والفكرية والثقافية.

اختراقات نوعية

وتابعت "لا يخفي عليكم جميعاً أننا نحتاج إلى تسريع وتيرة العمل في المجموعة من أجل تحقيق إنجاز نوعي يسهم في ترجمة أهدافها التي نسعى جميعاً إلى تحقيقها، ونقل رسالة إلى زملائنا في الجمعية العامة للاتحاد البرلماني الدولي بأن المجموعة تمثل إضافة نوعية جديدة لأنشطة الاتحاد والشراكة مع الأمم المتحدة، وأننا نمثلهم بشكل حقيقي في محاربة الإرهاب والتطرف وتحقيق اختراقات نوعية وتقديم دعم جاد للجهود الدولية ذات الصلة، وعلينا أن نتجاوز مرحلة البحث والنقاش على الصعيد النظري لنبدأ خطة عملنا الفعلية وتحقيق الأهداف الخاصة بالمجموعة في إطار زمني محدد ووفق آليات دقيقة وواضحة."

مارتن تشونغونغ أمين عام البرلمان الدولي: الإرهاب لا يعرف حدودا ومكافحته تتطلب تدخلا برلمانيا على أعلى المستويات

من جهته قال مارتن تشونغونغ الأمين العام للاتحاد البرلماني الدولي: "يشكل الإرهاب تحدياً كبيراً، ومكافحته تتطلب تدخلاً برلمانياً على أعلى المستويات. وبما أن الإرهاب لا يعرف حدوداً، فإن التصدي له يتطلب تعاوناً عالمياً مكثفاً"، مشيراً إلى أن "الجهود الدولية افتقرت لغاية الآن إلى عنصر الوقاية، حيث تأتي جميعها كرد فعل على الأعمال الإرهابية".

وقال إن "هذه المجموعة هي واحدة من عدة مبادرات للاتحاد البرلماني الدولي والمجلس الوطني الاتحادي وأيضا نعمل في مجال تشجيع المساواة بين الجنسين والقمة التي تجمع رؤساء البرلمانات، مشيدا بعمل المجموعة وبهذا الاجتماع بحيث " نتوصل الى تطوير جهود الاتحاد في بناء القدرات البرلمانية الوطنية ومتابعة الجهود الهادفة إلى تمكين البرلمانات الأعضاء على مكافحة الإرهاب والتطرف عبر الأطر القانونية، وأيضا نريد من خلال الاتحاد التعاون بين البرلمانات في تعزيز الحوار، وهذا هو هدف الاتحاد على مدى 30 عاما منذ تأسيسه، وأيضا مبادرات لمساعدة البرلمانات على الترويج للأفكار التي وضعها ويتبناها.

كما أعرب عن شكره للأمم المتحدة على دعم عمل هذه المجموعة الاستشارية السياسية، مضيفا أنه تم تقديم عرض الأمين العام للأمم المتحدة على طبيعة عمل المجموعة ودورها، والتي تساعد على تنفيذ قرارات الأمم المتحدة وأيضا البرلمانات الوطنية على تنفيذ القرارات بالتعاون مع حكوماتها، مضيفا أن عمل هذه المجموعة عالي المستوى لأن مكافحة الإرهاب تتطلب عملا على مستوى عالي من أجل مكافحته كونه لا وطن له ولا يعرف حدودا.

الوقاية من الإرهاب

وشدد تشونغونغ على أن هذا الاجتماع الثاني سيركز على الوقاية وهو أمر كان غائبا عن الجهود الوطنية لمكافحة الإرهاب والتطرف حيث كان سيتم سابقا التعامل بردة الفعل بعد وقوع الأعمال الإرهابية، ومن ثم الأطراف تأخذ زمام المبادرة، مشددا على دور البرلمانات كجهات قادرة على الترويج لجهود مكافحة الإرهاب وتطوير التشريعات وإقرار المخصصات المالية والتركيز على الشباب وإشراكهم في هذه المجالات، وقال "هذا جوهر عمل البرلمانات وما أسست عليه الدساتير الوطنية".

وأضاف الأمين العام للاتحاد البرلماني الدولي سيركز الاجتماع على العمل والنظر إلى التشريعات ووضع قاعدة بيانات للتشريعات لتعرف البرلمانات ما هو موجود في أماكن أخرى من العالم لتطوير تشريعاتها، فضلا عن تعزيز عملية التفاعل والتعاون والشراكة للتعرف على الممارسات الدولية وإلقاء الضوء على الوضع الحالي للإرهاب وجهود مختلف البرلمانات التي قامت بها لمكافحة الإرهاب.

تهديد الأمن والسلم الدوليين

وقال أمين عام البرلمان الدولي ردا على سؤال أن عمل هذه المجموعة حيادي ولا تتخذ أية مواقف أو اعتبارات سياسية كونها تقدم الاستشارات الفنية حول مكافحة الإرهاب وتقديم الدعم للبرلمانات الوطنية ولجهود مكافحة الإرهاب الدولية، لأن موضوع الأمن والسلم الدوليين من صميم عمل الأمم المتحدة، هي التي تحدد التهديدات التي تمس الأمن والسلم الدوليين.

وأكد أن دولة الإمارات من أكثر دول العالم لها مواقف ثابتة في مكافحة الإرهاب وتستند إلى مجتمع متسامح ومتعايش، وقال دولة الإمارات خير مثال على الممارسات الجيدة التي يمكن أن نتشاركها مع دول أخرى.