نشرت "واشنطن بوست" رسائل مسربة عن علاقات تربط حكام قطر بجماعات متهمة بالإرهاب في العراق، تلقت مالًا من القطريين مقابل الإفراج عن أفراد في العائلة المالكة هناك.

إيلاف من دبي: حين تتعاون دولة مع كيانات متهمة بالإرهاب، تفقد شرعيتها في محيطها الإقليمي أولًا، وتواجه خطر نزع الاعتراف بها عالميًا. تلك هي المعضلة التي واجهتها قطر أخيرًا. هذا مرتبط بما تناولته وسائل الإعلام العالمية على نطاق واسع، نقلًا عن "واشنطن بوست" الأميركية التي سلطت الضوء على تسريب رسائل حول ما سمته "صفقة" أبرمتها قطر مع جماعات متهمة بالإرهاب لتحرير رهائن قطريين كان بينهم أفراد من الأسرة الحاكمة خُطفوا في العراق في أبريل 2017، مقابل دفع مبالغ مالية.

"خيارين"

يظهر في التقارير دبلوماسي قطري يدعى زايد بن سعيد الخيارين، أدى دورًا في صفقة مشبوهة مع متهمين بالإرهاب. تؤكد تسريبات دبلوماسية عالمية إنه عيّن سفيرًا للدوحة في العاصمة الأذربيجانية باكو، في تحرك أقرب ما يكون إلى غسيل الأموال.

كان متوقعًا إبعاده من المشهد، خصوصًا بعد ظهور تقارير تؤكد أداءه دور كبير في المفاوضين مع متهمين بالإرهاب في قضية تحرير الرهائن، والذي كرمته على ما يبدو الحكومة القطرية بفضل تواصله مع إرهابيين من دول عدة، ودفع مبالغ مالية ضخمة لهم في "صفقة القرن"، ربما وصلت إلى مليار دولار. 

هو يثير الشكوك الكبيرة حول الرجل الغامض الذي نُقل من بغداد إلى أذربيجان، وعلاقاته بالإرهابيين والجماعات المسلحة والميليشيات الإيرانية والحرس الثوري الإيراني.

ابتزاز

بحسب الصحيفة الأميركية، في صباح 16 أبريل الماضي، أرسل أحد كبار الدبلوماسيين القطريين رسالة إلى حكومته شكا فيها من ارتكاب جريمة سطو ضد بلاده، مؤكدًا أن قطر دخلت في محادثات سرية لتحرير 25 من مواطنيها المخطوفين في العراق.

تحولت المفاوضات إلى نوع من الابتزاز، حيث سعت ستة جماعات مسلحة للضغط على قطر بهدف الحصول على المزيد من الأموال.

كتب زايد بن سعيد الخيارين، سفير قطر في العراق آنذاك وكبير المفاوضين في قضية تحرير الرهائن، أن السوريين وحزب الله بلبنان وكتائب حزب الله في العراق... جميعهم يريدون المال، وهذه هي فرصتهم، كلهم لصوص. وأكدت الوثائق أن القطريين كانوا على استعداد للدفع.

أشارت "واشنطن بوست" إلى أن المسؤولين القطريين وافقوا على دفع 275 مليون دولار لتحرير 9 أعضاء من العائلة الحاكمة، و16 مواطنًا قطريًا آخرين، خطفوا خلال رحلة صيد في جنوب العراق.

تكشف الرسائل السرية عن تخصيص مبلغ إضافي يبلغ 150 مليون دولار نقدًا للأفراد والجماعات الذين يعملون وسطاء، كما شملت الاتصالات الحرس الثوري الإيراني و"كتائب حزب الله"، وهي جماعة عراقية شبه عسكرية ترتبط بهجمات على القوات الأميركية إبان حرب العراق.

مليار دولار

أوضحت الصحيفة الأميركية أن هذه المبالغ كانت جزءًا من صفقة أكبر تشمل الحكومات الإيرانية والعراقية والتركية، وحزب الله اللبناني، ومجموعتي معارضة سوريتين على الأقل، بما في ذلك جبهة النصرة المرتبطة بتنظيم القاعدة. ارتفع المبلغ الإجمالي المطلوب لعودة الرهائن إلى مليار دولار، إلا أن الوثائق لم تكشف بعد المبلغ النهائي الذي تم التوصل إليه في نهاية المفاوضات.

ذكرت "واشنطن بوست" أن قطر التي اعترفت بتلقي مساعدة من بلدان عدة لضمان إطلاق سراح الرهائن، نفت بشكل قاطع التقارير التي تؤكد أنها دفعت مبالغ مالية لمنظمات إرهابية كجزء من الصفقة، كما شجبت الحكومة القطرية ما نشر حول هذه الحوادث.

إلى قاسم سليماني

أكدت الصحيفة أن كبار الدبلوماسيين القطريين قاموا بالتوقيع على دفعات جانبية تراوح بين خمسة ملايين و50 مليون دولار للمسؤولين الإيرانيين والعراقيين وزعماء القوات شبه العسكرية، مع تخصيص 25 مليون دولار لحزب الله، و50 مليونًا لقاسم سليماني، قائد الحرس الثوري الإيراني والمشارك الرئيسي في صفقة الرهائن. 

أظهر تقرير الصحيفة الأميركية رسالة نصية من الخيارين إلى أحد مسؤولي حزب الله، جاء فيها: "ستحصل على أموالك بعد أن نتسلم مواطنينا".

يمتدح الإعلام القطري الخيارين بشدة، ويلقبه بـ "الدبلوماسي الداهية والمحنك". يقول عنه إعلام الدوحة: "مثل السفير زايد الخيارين دولة قطر في أكثر المناطق سخونة وتوترًا، فقد مثل قطر في سورية في بدايات الثورات العربية، واستطاع أن يحافظ على المصالح والاستثمارات القطرية فيها، وكان آخر السفراء الخليجيين خروجًا من سورية بعدما أدار مهماته بحكمة واقتدار، حتى كان يمثل الدول الخليجية كلها التي سحبت سفراءها من سورية، ولم يخرج حتى خرج آخر قطري وخليجي من سورية".