سليمة بن سلطان، طبيبة تونسية شقراء، تنشر صورا بسروال جينز ممزق لتصبح حديث الساعة في تونس بعد تزعمها قائمة مرشحات حركة النهضة في بلدية سيدي بوسعيد، إحدى ضواحي تونس الراقية.

https://www.facebook.com/1067474260057481/photos/a.1067478050057102.1073741828.1067474260057481/1073922799412627/?type=3&theater

أما نجلاء زعتور فقد اختارت الترشح على إحدى قائمات الحركة، وهي مقتنعة تماما "بأنّ ما يفصلها عن النهضة أقلّ بكثير ممّا يجمعها بها".

وتقول زعتور لبي بي سي إنها "اختارت النهضة لانفتاحها على المستقلين"، مشددة على أنها "لم تتعرض إلى أيّ ضغوط بشأن ضرورة أن تكون محجبة".

وتضيف زعتور "أنه من المحزن أن نطالع تعليقات ورود فعل تلخّص النهضة في الهندام، والحال أن جميع القوى السياسية تواجه مصاعب جمة يجب حلّها لانتشال البلاد من أزماتها الحالية".

حركة النهضة تدفع أيضا بالصيدلانية، سعاد عبد الرحيم، كرئيسة لقائمتها في بلدية تونس، ساعية لنيل شرف أن تكون أول رئيسة بلدية للعاصمة من صفوفها.

وكانت سعاد نائبة عن حركة النهضة في المجلس التأسيسي الذي صاغ دستور البلاد الجديد.

في المقابل، قدمت أحزاب وائتلافات محسوبة على التيار العلماني مرشحات محجبات، وهو ما يرد عليه أنصار النهضة بمحاولة استمالة الغاضبين في صفوفها.

خصوم النهضة يتهمونها بالسعي إلى تغيير صورة نمطية التصقت بالحزب الإسلامي، حتى وإن أعلنت الحركة، في مؤتمرها العاشر في مايو/أيار ٢٠١٦، فصل السياسي عن الدعوي.

بلدية تونس قد ترأسها امرأة للمرة الأولى في تاريخها

"مأزق" التناصف

وتقول النائبة في البرلمان التونسي، بشرى بلحاج حميدة، لبي بي سي إن "من الصعب على كثير من التونسيين تقبل حضور المرأة في دوائر صنع القرار" مضيفة أنه لا يمكن التراجع عن أهم المكاسب التي أقرت في القانون الانتخابي.

وينص القانون التونسي في الانتخابات المحلية على التناصف العمودي، أي أن كل قائمة انتخابية يجب أن تضمّ عددا متساويا من المرشحين والمرشحات.

كما ينص على التناصف الأفقي أي أنّ على كلّ حزب أو ائتلاف أن يقدّم قائمات انتخابية تتساوى فيها المرأة مع الرجل في ترأس تلك القائمات.

واصطدمت قوى سياسية عدة بقاعدة التناصف، مما يفسر بدرجة كبيرة الفارق الشاسع بين الأحزاب من حيث عدد القائمات المرشحة. فحركة النهضة قدمت ٣٥٠ قائمة، أي أنها ستترشح في جميع البلديات، مقابل ٣٤٥ قائمة لحزب نداء تونس و١١٩ قائمة لائتلاف الجبهة الشعبية و٦٩ قائمة لحزب التيار الديمقراطي.

وأسقطت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات عددا من القائمات، بسبب عدم الامتثال لقاعدة التناصف.

مرحلة عبور إجبارية

وتوضح بلحاج حميدة، التي ترأست الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات بين عامي ١٩٩٤ و١٩٩٨، أنها ليست متخوفة من هنات المسار الحالي لأن "المرأة ستتمكن في النهاية من فرض نفسها وهو ما سيساهم في تغيير العقليات وإن بشكل تدريجي".

وتأمل النائبة التونسية أن تسقط جميع الأحكام المسبقة والصور النمطية، بصرف النظر عن المعتقد أو الجنس أو اللون.

وكشفت رابطة الناخبات التونسيات عن تعرض عدد من المرشحات إلى أشكال عدة من العنف القائم على أساس التمييز، من بينها التصنيف على أساس اللباس والثلب والتشويه، موضحة أن معظم الضحايا من المرشحات المحجبات.

الحق في العمل السياسي

ويرى المحلل السياسي، عادل الحاج سالم، أن مسألة الهندام قد تجاوزها الزمن، مؤكدا على أن "نسبة المحجبات بين السيدات والفتيات، في تونس، باتت مهمة ولا يمكن لأي حزب، مهما كانت خلفيته الفكرية، أن يتجاهلها. وفي المقابل، لا يمكن لأي حزب أيضا أن يتجاهل غير المحجبات"، على حد تعبيره.

ويعتبر الحاج سالم أن "هناك مشاكل مفتعلة مثل السخرية من ترشح محجبة على قائمة حزب مدني أو أخرى سافرة على قائمة حزب إسلامي"، مضيفا أن "هناك كثيرين يسعون إلى تصوير أن لبّ القضايا في تونس تصبّ في خانة الهوية وهو أمر غير صحيح".

ويحذر المحلل السياسي من الابتعاد عن المشاكل الحقيقية التي لا تحلّ، على حدّ قوله، بـ"الإنشائيات وتقزيم الخصوم واتهامهم بعدم الوفاء لمرجعياتهم الفكرية". وشدد الحاج سالم على ضرورة إتاحة الفرصة للمحجبات وغير المحجبات لخوض غمار التجربة السياسية والاندماج في الشأن العام، لما في ذلك من احترام للذات البشرية، سواء كانت متدينة أو غير متدينة.

وتقول نجلاء زعتور إن "الخوض في الشأن العام بات ضرورة"، مضيفة أن "اختيارها للنهضة نابع بشكل كبير من الفرص التي يقدمها هذا الحزب، بما في ذلك التواصل مع دوائر صنع القرار"، خاصة أن الحركة جزء من الائتلاف الحاكم الحالي في البلاد.