لا تزال الانتخابات النيابية في لبنان تتصدر الصحف العربية، واللبنانية خاصة؛ إذ جرت بعد أكثر من تسع سنوات من التجديد مرتين للبرلمان.

وأُجْريت الانتخابات في لبنان أمس على 128 مقعدا، بعد تعديل النظام الانتخابي وتخفيض عدد الدوائر والسماح للمغتربين بالتصويت للمرة الأولى في تاريخ لبنان.

تقول جريدة "المستقبل" اللبنانية إنه "بمعزل عن القانون الجديد و'أفخاخه' اللوجستية والتطبيقية، وبعيدا عن علامات الاستفهام والتعجب التي رُسمت حول بعض نسب الاقتراع المتدنية في بعض الدوائر، يبقى إنجاز الاستحقاق الانتخابي هو 'الإنجاز' بحد ذاته بعد طول انقطاع دام لقرابة العقد من الزمن".

وبالمثل، تقول جريدة "اللواء" إنه "مهما كانت نتائج دورة الاقتراع (6 مايو/أيار 2018) إلا انها، وبكل المقاييس تشكّل حدثا فريدا من نوعه. فهي إنهاء لسنوات تسع عجاف من التمديد التلقائي، الذي ألغى الفعالية السياسية، واختصر رأي المواطن، تحت حجج وأوهام واعتبارات ممجوجة، ولا معنى لها سوى إظهار 'الديمقراطية النيابية' وكأنها مجرَّد فقط 'زوبعة في فنجان' أو نكتة سمجة، يتسلى بها الظرفاء".

"دولة أو لا دولة"

ويتحدث اميل خوري في جريدة "النهار" اللبنانية عن ما بعد الانتخابات فيقول: "دولة أو لا دولة تلك هي القضية بعد أيّار [مايو]".

ويقول خوري: "انتهت الانتخابات النيابيّة، وقد تنتهي معها التحالفات الظرفيّة والمصلحيّة لتحلّ مكانها تحالفات سياسيّة تُواجه انتخابات رئاسة المجلس وتسمية رئيس الحكومة والوزراء".

وتتساءل الهام سعيد فريحه في جريدة "الأنوار" اللبنانية: "انتهت الانتخابات فماذا بعد؟"

وتقول إن الحديث التالي سيكون عن "الأقطاب الذين ستتشكل منهم موازين القوى في المجلس الجديد".

وتضيف: "لا شك في أن القانون النسبي قد أدى إلى بعض الغموض بحيث إن الكثير من التوقعات لم تكن مرتقبة، ما يعني أن ميزان القوى تحدده الأحجام أولا ثم التحالفات بين هذه الأحجام. وهذا ما سيتوضح عند تشكيل الحكومة".

وفي جريدة "الجمهورية" اللبنانية، يقول سجعان القزي: "لم تَكن هذه الانتخاباتُ جُزءا من مشروع تطوير النظامِ اللبناني وتحسينِه، إنما هي جُزءٌ من تَموضُعِ لبنانَ حيالَ الصراع الكبير الدائر في المِنطقة، والمشَرَّع أمام التطوّرات الآخِذة بالتصاعُد. فأمس انتَخَبت إيرانُ في لبنان، وابتداء من اليومِ تَنتخِبُ إسرائيل في المنطقة، ونَعرف لمن تَحتفِظُ بضربَتِـها 'التفضيليّة'".

ويضيف الكاتب: "لبنانُ الواحدُ ليس وطنا كامِلا. نحن نِصفُ وطنٍ ونِصفُ دولة وشَعبان؛ وإذا جمعنا النِصفين لا يُشكِّلان واحدا، بل أربعةَ أرباعٍ، لأنهما نقيضان في الولاء والهويّة. وإذا جَمَعنا الشعبَين يُشكّلان دولتين لا شعبا واحدا. الآخَرُ يطالِبُ بالتغيير لأصبحَ مثلَه، وأنا أنادي بالتغيير ليصبِحَ هو مثلي. ويبقى لبنان".

"أمران محتملان"

وتتحدث صحيفة "رأي اليوم" الإلكترونية اللندنية في افتتاحيتها عن توقعاتها لما يمكن أن تُسفر عنه هذه الانتخابات، فتقول: "أمران مُحتَملان مُمكن أن تتمخَّض عَنهُما هذهِ الانتخابات في المُحَصِّلة النِّهائيّة".

الأول هو "عَودة السيّد سعد الحريري على رأس حكومة ائتلافيّة تَضُم أحزابا عَديدة على غِرار الحُكومة الحاليّة، ولكن بِمقاعِد أقل لحِزبِه (تيَّار المُستقبل) بعد تَراجُع الدَّعم السُّعودي له سِياسيا وماليا، وحُدوث انشقاقات في قِمَّته، أي 'تيَّار المُستقبل' وظُهور قِياداتٍ مُنافِسة".

الثاني هو "تكريس 'حزب الله' مكانته كقُوَّة رئيسيّة سياسيّة وعَسكريّة في لُبنان رغم التَّحالفات الخارجيّة التي وقفت في خَندق الأحزاب والتَّكتُّلات المُضادَّة له بِدعم إقليمي وخارِجي، فتَدخُّل الحِزب عَسكريا في سوريا أثَّر سَلبِيا على شَعبيّته في ظِل حالة الاستقطاب الطَّائِفي المُتصاعِدة في المِنطَقة، ولكنّه يَظل تَأثيرا مَحدودا، والحزب بِحاجَة إلى هذهِ العَودة القَويّة والغِطاء السِّياسي الأوسَع في ظِل التَّوقُّعات باحتمالات حَرب إيرانيّة إسرائيليّة وَشيكة قد يَكون لُبنان وسوريا مَيدانُها".