نصر المجالي: تنادت الأوساط الرسمية والأمنية والشعبية في الأردن لمواجهة تداعيات أخطر مواجهة عشائرية منذ قيام الدولة قبل نحو مائة عام، وذلك بعد نشر شريط لاعتداء وصف بالوحشي على أحد شباب قبيلة بني صخر في قلب عمّان قبل ثلاثة أيام. 

 وشهدت محافظة مادبا القريبة من العاصمة الأردنية يوم الاثنين ما يمكن توصيفه بـ"حرب قبلية" قوامها أعمال شغب واسعة شملت إطلاق نار وقطع للطرق العامة في المحافظة. 

وكان ناشطون أردنيون تداولوا في اليومين الأخيرين عبر مواقع التواصل الاجتماعي وسط جدل مثير، مقطع فيديو وصف بـ"المرعب" عن لحظة اعتداء على الشاب زيد محمد سامي الفايز أحد أبناء قبيلة بني صخر وهي إحدى أكبر القبائل في المملكة. 

وظهر في الفيديو نحو ثمانية من الشباب وهم يضربون الفايز في شارع مكة في قلب عمّان، مستخدمين العصي والهراوات والأسلحة البيضاء وسط ذهول المارة وعدم تدخل أي أحد منهم لإنقاذه من بين أيديهم. 

 وحسب موقع (وطن) فإن شريط الفيديو، أظهر تهشيم رأس الضحية وطعنه وضربه بقسوة، في ظل عدم تواجد أي قوة أمنية في الشارع، حيث ترك الضحية ينزف حتى جاءت إحدى السيدات وحاولت إفاقته دون جدوى.

خلال الاعتداء على زيد الفايز

رد ثأري

وكرد ثأري من قبيلة بني صخر، قامت مجموعات مسلحة من ابنائها بمهاجمة بلدة "جرينة الشوابكة" التي ينتمي لها الفاعلون بقيادة ضابط يدعى عماد الشوابكة قيل إنه كان سابقا في "الحرس الملكي" ونقل نقلا تأديبيا إلى أحد قطاعات الجيش، بسبب استغلال منصبه، حسب ما نقل موقع (عمون).

وحطم المهاجمون الذين كانوا في سيارات لا تحمل لوحات محلات تجارية وإشارة ضوئية ومركبات ومحطة وقود، كما وأغلقوا شوارع المنطقة بينما ظلت اصوات الرصاص تسمع في كل أحياء المنطقة. 

وكانت قبيلة بني صخر التي ينتمي إليها الشاب المعتدى عليه، أصدرت بيانا بعد اجتماع حاشد عقد، يوم الإثنين، حددت فيه مهلة 3 أيام للأجهزة الأمنية لإلقاء القبض على المعتدين والقصاص منهم. 

كما طالبت القبيلة "الأجهزة الأمنية بمحاكمة الجناة أمام القضاء المدني والعشائري"، مشيرة إلى أنه "في حال عدم القيام بذلك فإنها ستوكل مهمة ذلك لأبناء القبيلة"، حسب نص البيان.

الفايز ملقى في الشارع

تحقيقات

وعلى وقع التطورات الساخنة التي هزت المجتمع الأردني، قال مصدر أمني إن "فريق تحقيق خاص في قيادة أمن إقليم العاصمة باشر التحقيق في ملابسات قضية الاعتداء بالضرب على أحد المواطنين من قبل مجموعة من الأشخاص أثناء تواجده بالشارع العام بالقرب من مجمع جبر، حيث تمكن الفريق من تحديد هوية 8 ممن اشتركوا بالاعتداء عليه، وجرى ضبط 5 منهم وبوشر التحقيق معهم والبحث جارٍ عن الباقين".

وأضاف المصدر أن "التحقيقات في الحادثة وما رافقها من أحداث مستمرة لحين الانتهاء من كافة الإجراءات التحقيقية، والوقوف على كافة الملابسات والتفاصيل وإحالتها للقضاء ليتم الفصل فيها".

كما أصدر مدعي عام غرب عمان، يوم الإثنين، القاضي عامر القضاة قرارًا في وقت سابق بمنع النشر في القضية "استنادًا لأحكام قانون أصول المحاكمات الجزائية".

وعلى هذا الصعيد، أكد متحدث باسم الأمن العام أن عشيرة الشوابكة سلّمت كافة المطلوبين الثمانية الذين ظهروا في الفيديو، وذلك بعد اعتقال خمسة منهم بادئ الأمر.

وطلبت عشيرة الشوابكة الوساطة من القضاء الأردني، ووجهاء عشائر، ووزراء، ومسؤولين، مؤكدة استعدادها التام لتقديم أبنائها للمحاكمة.

خلفية الحدث 

وإلى ذلك، فإن خلفية الحدث العشائري المثير، فتح كما تناقلت مواقع أردنية الملف الأصلي لمجمل القضية التي حدثت قبل نحو عام، ووفقا للتفاصيل، فإن الشوابكة استغل وظيفته، وبنى علاقة مع مواطنة متزوجة، كانت تريد إيصال رسالة تطلب فيها المساعدة من الملك، وذلك خلال زيارة الأخير لمحافظة مادبا وسط المملكة.

وبحسب تسجيلات صوتية منسوبة للمرأة، فإن الشوابكة داوم على ابتزازها لفترة طويلة، طالبا منها أمورا مخلّة، وهددها بقتلها، وقتل أبنائها، وهو ما دفعها للهرب، واللجوء كـ"دخيلة" عند منزل الشاب المعتدى عليه زيد الفايز، الذي طرد الضابط الشوابكة، بعد عراك دار بينهما. 

واللافت في تسجيلات المرأة، هو اتهامها للشوابكة باستغلال وظيفته في الحصول على جميع بيانات هاتفها وهاتف زوجها.

نص بيان قبيلة بني صخر

الدخالة 

يذكر هنا أن "الدخالة" في القانون العشائري الملغى العام 1976، لكنه لا يزال "عُرفًا" تعني أن يستجير المعتدي (أو طالب الحق أحيانا)، بأحد الشيوخ أو بوجهاء العشائر. 

فإذا كان المستجير طالب حق فإن استجارته أو دخالته تأتي لطلب تحقيق العدل والمساواة في أمر يشعر أنه غُبن فيه. 

ويعرف البدو الدخالة بأنها "بلوى"، إذ يُجبر الشخص المجير بالدخالة وحماية المستجير. ولأهمية هذا الأمر، فقد عُرف عن البدو أيضا أنهم يقبلون دخالة المرأة، فإذا دخل رجل بيتا على سبيل الاستجارة ولم تكن فيه إلا امرأة، فيعتبر دخيلا على البيت ويحظر الاقتراب منه.