واشنطن: اشتبك محررو موسوعة ويكيبيديا الالكترونية منذ أشهر في نزاع على الاطار الذي تكتب فيه سيرة ذاتية تعريفية موجزة في قمة بعض صفحات الموسوعة. وسرعان ما تحول النزاع إلى معركة حامية. 

وعلى سبيل المثال أن أحد المحررين قال أثناء مناقشة الاطار الذي كُتب فيه موجز سيرة المخرج ستانلي كوبريك إن معرفة كاتب النص بالنحو صفر فيما قال محرر آخر عن موجز سيرة حياة الممثل كاري غرانت في الاطار إنه لغو لا معنى له. 

واستُخدمت كلمات نابية وبذيئة وخرج النقاش عن السيطرة حتى أن محرراً آخر أحال القضية الى كبار القانونيين في الموسوعة. 

واقترح آلان سون أحد المحررين القدماء في الموسوعة وكان من المشاركين في النزاع أن تنظر فيه "محكمة ويكيبيديا العليا"، وهي مجموعة تُسمى لجنة التحكيم لا يعرفها كثيرون خارج دائرة المسؤولين عن الموسوعة وتنظر في النزاعات التي تنشأ بعد فشل كل الوسائل الأخرى لتسويتها. 

تضم لجنة تحكيم ويكيبيديا باللغة الانكليزية 15 قانونياً منتخباً بينهم عضو في طاقم المرشح الرئاسي الاميركي السابق جون كيري ومستشار بتكنولوجيا المعلومات في قرية بريطانية صغيرة ومكتبي متقاعد كان يعمل في احدى الكليات ويعمل فيها موظفون اداريون. وتصدر اللجنة قرارات ملزِمة وتبت في الاعتراضات على قراراتها ولها حتى صلاحية اصدار اوامر تمهيدية. 

معالجة أشد حزمًا

تعمل موسوعة ويكيبيديا التي أُطلقت عام 2001 على قاعدة التوافق الجماعي. وكل محرريها من المتطوعين وأي شخص يستطيع أن يكتب ويحرر ملايين المواد التي تُنشر على موقعها. ويناقش المحررون في ندوات على الانترنت المحتوى والمصادر والاسلوب ويفضون النزاعات بالحوار أو بالاخرى بطباعة الحوار على الانترنت. 

ولكن الاعصاب تتوتر احياناً وتتطلب معالجة قضائية اشد حزماً. وفي عام 2003 شكل جيمي ويلز مؤسس الموسوعة لجنة التحكيم بوصفها المحطة الأخيرة في عملية فض النزاعات. 

وقال عضو لجنة التحكيم المتطوع آيرا ماتيتسكي من نيويورك ان هناك اشياء لا تؤدي الى جدال في اي مكان آخر لكنها تثير جدالا في ويكيبيديا مثل قواعد استخدام الحروف الكبيرة وما إذا كانت حلقات منفردة من مسلسلات تلفزيونية تستحق تخصيص باب أو فقرة لها في الموسوعة. 

ومرت فترات في البداية كانت لجنة التحكيم تنظر في أكثر من 100 قضية سنوياً ولكن العدد تناقص في هذه الأثناء. وفي العام الماضي استمعت لجنة التحكيم الى اربع قضايا جديدة فقط زائد اعتراضات وشؤون أخرى وهذا العام الى ثلاث قضايا حتى الآن. واشار ماتيتسكي الذي يُعتبر كبير القضاة في لجنة التحكيم الى ان السبب هو ارتفاع معايير اللجنة والخبرة القانونية التي جمعها الموقع. 

وأوضح ماتيتسكي أن لجنة التحكيم تنظر في القضايا المتعلقة بسلوك المستخدم وليس المحتوى وانها لا تنقسم الى محافظين وليبراليين على غرار المحكمة العليا في الولايات المتحدة. ولكن بعض اعضاء لجنة التحكيم يرفضون مقارنتها بالمحاكم والقضاة الفعليين رغم ان كثيراً من مستخدمي الموسوعة يعتبرون اللجنة هيئة قانونية. 

وتعمل لجنة التحكيم عندما يطلب منها أحد المحررين النظر في قضية ويُتخذ القرار بتصويت الأعضاء فيما يتولى متطوعون آخرون الاجراءات الادارية. وفي قضية النزاع بشأن الاطار الذي يُكتب داخله موجز سيرة ذاتية في قمة الصفحة راجع الأعضاء كثيراً من الأدلة لتحديد طريقة التعامل مع اساءة التصرف اثناء مناقشة هذه الأُطر التي يقول بعض المحررين انها ضرورية فيما يرى البعض الآخر انها اختزالية وبشعة. 

هيئة دكتاتورية

وتصدر لجنة التحكيم قرارات تتراوح من منع بعض المستخدمين من تحرير مواد الموسوعة الى فرض قيود على الصفحات المثيرة للجدل مثل الاجهاض والعلاج الصيني بالابر والسياسة الاميركية والكائنات العضوية المعدلة وراثياً وحزب الشاي. 

ولاحظ بيوتر كونيتشني وهو احد محرري ويكيبيديا وأكاديمي درس عمل لجنة التحكيم ان طريقتها في اتخاذ القرارات طريقة أميركية بشكل متميز وان لجنة التحكيم في ويكيبيديا باللغة البولندية أكثر تسامحاً مع المحرر الذي يخطأ.

وقال ادوين كلارك وهو كاتب نشر مقالات نقدية عن تكنولوجيا الاعلام بما في ذلك ويكيبيديا ان لجنة التحكيم هيئة دكتاتورية مشيرا الى ان المتهم لا يستطيع ان يواجه متهميه لأنه لا يعرف الشخص وراء الاسم المستعار. 

ولكن كبير القضاة غير الرسمي ماتيتسكي دافع عن لجنة التحكيم قائلا انها كما وصف ونستون الديمقراطية حين قال "ان الديمقراطية اسوأ اشكال الحكم ما عدا سائر الأشكال الأخرى". 

أعدت "إيلاف" هذا التقرير بتصرف عن "وول ستريت جورنال" الأصل منشور على الرابط التالي:

https://www.wsj.com/articles/when-wikipedias-bickering-editors-go-to-war-its-supreme-court-steps-in-1525708429