طور العلماء السويسريون أنفاً إلكترونيا، اسموه "أنف كلب الكوارث"، قالوا إنه اصغر وأدق أنف في العالم سيحل محل الكلاب المدربة في البحث عن ضحايا الكوارث.

إيلاف من برلين: لا يملك كافة البشر أنفاً مثل أنف القاتل جان باتيست غرينوي في رواية العطر للألماني باتريك زوزكند، لكن العلم تمكّن منذ سنوات من ابتكار أنف الكتروني (اولفاكتوميتر)، هو عبارة عن جهاز استشعار للروائح، دخل في تقنيات الكشف عن المتفجرات والغازات السامة وغيرها.

ويقول العلماء من جامعة زيورخ التقنية انهم انتجوا اصغر وأدق اولفاكتوميترات في العالم، وانهم جمعوها في نظام واحد رفع دقتها إلى دقة أنف الكلب.

يستطيع مثل هذا الأنف أن يصل بواسطة مسبار إلى أعمق المناطق التي طمرها الزلزال، وهي مناطق يعجز الكلب المدرب عن بلوغها. وهذا يعني ان "أنف كلب الكوارث" الجديد سيسهم بانقاذ حياة الكثير من الارواح التي قد تهددها الفيضانات أو الزلازل أو الانهيارات الثلجية وغيرها من الكوارث.

يشمّ روائح البشر

أوضح العلماء ان الأنف الالكتروني الصغير يتخصص في الكشف عن روائح البشر، خصوصا ًوان علماء ألمان سبق لهم أن انتجوا أنفاً الكترونيا يشم مشاعر الخوف والاضطراب والتوتر عند مختلف البشر.

وجاء على الصفحة الإلكترونية لجامعة زيورخ ان الكلب كان أفضل مساعد في الكشف عن الناس تحت الركام، إلا انه مثل البشر بحاجة إلى فترات استراحة، وانه عاجز عن الوصول إلى كل مكان، كما انه لا يتوفر في المناطق التي تصيبها الكوارث، ويتطلب الأمر في بعض الأحيان نقله بالطائرات من بلد إلى بلد.

يشعر بالغازات التي تنطلق عن الجسم

في خطوات سابقة، نجح العلماء من جامعة زيورخ، بقيادة البروفيسور سوتيريس براتسينيس، في إنتاج انظمة استشعار منمنمة ذات حساسية عالية وتتعقب أقل آثار الاسيتون والامونيا والايزوبرين، وهي من أهم الروائح التي تنطلق عن الجسد البشري أثناء عملية الاستقلاب.

ويقولون إنهم اضافوا إليها الآن أنوفاً منمنمة لتقصى غاز ثاني أوكسيد الكربون والرطوبة.

واثبت التجارب، التي جرت بالتعاون مع علماء من النمسا وقبرص، ان أنظمة الاستشعار المذكورة تتقصى روائح البشر بكفاءة عالية.

وأجريت التجارب على متطوعين تم حبسهم في غرف عميقة ومعزولة في مختبرات معهد تحليل التنفس في جامعة انسبروك في دروبرين.

وكتب اندرياس غونتر، من فريق العمل، في مجلة "الكيمياء التحليلية" ان البحث عن البشر بمجموعة من أنظمة استشعار الروائح مهم، لأن بعض هذه الروائح تنطلق عن مصادر أخرى غير البشر مثل غاز ثاني أوكسيد الكربون.

وذكر براتسينيس ان الاسيتون والايزوبرين وثاني أوكسيد الكربون تنطلق عن التنفس عادة، في حين ينطلق الامونيا عن طريق الجلد.

كلب يبحث عن مطمورين تحت الانقاض

وحرص فريق العمل في التجارب على أن يلبس المتطوعون في الجزء الأول من التجربة أقنعة الغاز، وعلى أن ينزعوا هذه الاقنعة في الجزء الثاني. وهكذا نجح أنف كلب الكوارث الإلكتروني في تقصيهم حينما نزعوا الأقنعة، وفشل في ذلك حينما كانوا يرتدونها.

أصغر أنف الكتروني في العالم

واكد براتسينيس ان الأنف الإلكتروني، المؤلف من ثلاث شرائح الكترونية منمنمة، هو الأصغر من نوعه في العالم. إلا ان دقته تزيد عن دقة أنظمة مماثلة يرتفع حجمها إلى حجم حقيبة سفر.

وستكون الخطوة القادمة هي اختبار كفاءة "أنف كلب الكوارث الإلكتروني" في البحث عن الضحايا المطمورين في ميادين عمل حقيقية.

وتحدث الباحث عن انظمة الكترونية أخرى تستخدم حالياً في البحث عن الضحايا في مناطق الزلازل، إلا انها تتألف من ميكروفونات وكاميرات صغيرة.

وطبيعي أن يعتمد عمل هذه الأنظمة على كشف الضحايا القادرين على اطلاق صوت أو ابداء حركة. إلا ان الأنف الإلكتروني من جامعة زيورخ يكشف عن الروائح التي يطلقها الجسد الحي وهو مصدر تفوقه.

فضلاً عن ذلك، يمكن استخدام الأنف الإلكتروني في مجالات عدة وخصوصاً في الطائرات الصغيرة بدون طيار (الدرون) للكشف عن الأحياء في الأنفاق والمناجم التي تتعرض للكوارث، إضافة إلى الكشف عن الغازات السامة والبشر الذين تطوقهم الحرائق وغيرها.

ويمكن لمن يرغب ان يبحث بواسطة الأنف الإلكتروني عن مجرم يختبيء في باخرة، أو عن مهرب بشر يهرب لاجئين خلف البضاعة في شاحنة ضخمة.

وتبحث جامعة زيوخ في الوقت الحاضر عن ممولين يتعاونون معها في إنتاج "أنف كلب الكوارث الإلكتروني" ووضعه تحت تصرف وحدات الانقاذ الخاصة.