اهتمت صحف عربية، المصرية منها خصوصا، بالتطورات الأخيرة في الحياة الحزبية المصرية بعد دعوة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي لاندماج الأحزاب السياسية، والوصول إلى حزبين أو ثلاثة أقوياء.

وأبرزت صحف عدة ترحيب شخصيات سياسية وحزبية بدعوة السيسي، لكن بعض الكتاب أشاروا إلى "ضعف" الحياة الحزبية والسياسية على مدى العقود الماضية.

دعوة السيسي لاندماج الأحزاب

يطرح موقع "التحرير الإخباري" تساؤلات عن إشكاليات وإمكانية نجاح الأحزاب في الإندماج.

ويقول إن دعوة السيسي خلال كلمته بالمؤتمر الوطنى الخامس للشباب "فتحت الباب أمام العديد من التساؤلات: حول ما إذا كانت فكرة اندماج الأحزاب هى الحل الأمثل فى الوقت الراهن لتنشيط الحياة الحزبية، ومدى تأثير تلك الخطوة على أحزاب المعارضة".

ويقول محمد حبيب في "الأهرام" المصرية: "إن لم نكن قادرين، خاصة الشباب، على اختيار الأفضل كما طالب الرئيس، فسيظل الحال على ما هو عليه دون تغيير، لذا يجب أن ننتبه".

ونقل "التحرير الإخباري" عن ياسر الهضيبي، المتحدث باسم حزب "الوفد"، أن الحزب "سوف يتبنى دعوة الرئيس ويبدأ على الفور فى مخاطبة كل الأحزاب كى تتحمل مسئولياتها تاريخيا أمام الله وأمام الوطن".

وأشارت صحيفة "الحياة" اللندنية إلى أن عدد من رؤساء الأحزاب والقوى السياسية المصرية سيجتمعون الثلاثاء بدعوة من رئيس حزب الوفد المستشار بهاء أبو شقة، لمناقشة إعداد "وثيقة وطنية وحزبية متكاملة تجتمع حولها الأحزاب والقوة السياسية المختلفة، بهدف إثراء الحياة السياسية في مصر".

ويشدد خالد العطفي رئيس حزب "الأمة" في "التحرير الإخباري" على أهمية أن "تكون عملية الدمج نابعة من حوار مجتمعى والقوى الفاعلة على الأرض، وأن يكون هناك خبراء وأساتذة جامعات، فى هذا الحوار لأن العمل الحزبى لا يختلف كثيرا عن العمل العام".

ونقت صحيفة "الفجر" عن ناجي الشهابي، رئيس حزب الجيل، أن "ضخامة عدد الأحزاب في مصر مع عدم عملها سياسيا تصدر صورة سلبية للغاية أمام المجتمع الدولي عن مصر".

وعبر الشهابي عن رفضه لوجود عدد كبير من الأحزاب في مصر يصل لأكثر من مائة حزب، مشيرا إلى أن أغلب دول العالم يوجد بها تسعة أحزاب فقط.

ونقلت صحيفة "الزمان" العراقية عن نبيل زكي، المتحدث باسم حزب التجمع، أنّ الحزب نجح خلال الفترة الماضية فى توحيد جهود اليسار المصرى وشكل لجنة تضم حزب التجمع والشيوعي والناصر، كما أن الحزب يدعو أحزاب أخرى، كالمؤتمر والوفد، للإنضمام لهم لتشكيل أكبر تحالف مدني.

المتحدث العسكري السابق ينضم للوفد

لم تمض سوى أيام قليلة على دعوة الرئيس المصري حتى ظهرت بوادر تلك الدعوة في عدد من التطورات المثيرة، منها انضمام المتحدث العسكري السابق لحزب "الوفد" الليبرالي.

وقال محمد سمير في تصريحات لصيحفة "الشروق" إن سبب انضمامه لحزب "الوفد" وتعيينه مساعدا لشؤون الشباب، لأنه "أعرق حزب وتاريخه مشرف"، وأضاف أنه اختار أن ينضم لكيان سياسي، يستطيع من خلاله "تحقيق ما نحلم به خاصة أن حزب الوفد لديه تجارب عميقة وتاريخية".

وأوضح سمير أن "الحياة الحزبية في مصر ضعيفة للغاية، ولا يوجد شخص يرضى عنها ، والدولة لاحظت ذلك". وأضاف أن "غالبية الأحزاب على الساحة بلا تأثير، فيما عدا أحزاب بسيطة بينها حزب الوفد".

وأشار المتحدث العسكري السابق في تصريحاته للصحيفة إلى أن "الرئيس أعطى رؤيته لإصلاح ذلك ويريد أن تكون الحياة الحزبية في مصر ذات تجربة ثرية وتفرز وجوها سياسية تخوض في الفترة المقبلة".

عودة الحزب الوطني

وفي المقابل، يقول موقع "العربي الجديد" إن انضمام سمير لحزب الوفد يأتي "في إطار مساعي نظام الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي لعسكرة الأحزاب الفاعلة".

لكن على النقيض من ذلك، أعلن نائب رئيس حزب الوفد استقالته.

وتنقل صحيفة "الوطن" المصرية تصريحات لنائب رئيس حزب "الوفد"، حسام الخولي، عن إنضمامه لحزب "مستقبل وطن" ليتولى منصب الأمين العام به.

وقال الخولي للصحيفة إنه "لم يستطع الاستمرار في حزب الوفد، لعدم رضاه عن شكل إدارة الحزب، و'الفردية في اتخاذ القرارات'".

وفي تطور آخر خاص بالأحزاب، تنوي مجموعة من قيادات "الحزب الوطني" السابق تأسيس حزب جديد باسم مختلف.

وتقول صحيفة "المصريون" إن "قيادات الصف الثاني بالحزب 'الوطني' تعقد حاليا اجتماعات مكثفة؛ من أجل بحث إطلاق الحزب تحت مسمى آخر"، وذلك حسب تصريحات لمجدي حمدان، نائب رئيس حزب الجبهة الديمقراطية.

وأشار حمدان إلى أنهم "لن يطلقوا اسم الحزب الوطني؛ لأنهم يدركون أنه بات مكروها".

"فئة ضالة تسعى لتشويه الأحزاب"

تحت عنوان "الأحزاب والدولة الديمقراطية" ينتقد وجدي زين الدين، رئيس تحرير صحيفة "الوفد" المصرية، من يحاولون التقليل من شأن الأحزاب السياسية من خلال وصفها بأنها "ضعيفة"، داعيا إلى دعم وتقوية الأحزاب لأنه "ضرورة ملحة لأنها التعبير الحقيقي عن الحرية والديمقراطية".

ويقول إن هناك "فئة ضالة فاسدة تسعى بكل السبل إلى تشويه الأحزاب والتقليل من دورها، والنيل منها بوسائل عديدة وزرع الفتنة بين أعضائها". ويصفهم بأنهم "أعداء الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان، وهؤلاء لا يحيون إلا خدما وحشما للسلطة، لا يعنيهم من قريب أو بعيد سوى تحقيق مصلحتهم الشخصية والمنافع".

ويشير زين الدين إلى أن الهدف هو "ضرب الأحزاب السياسية، وبالأحرى محاولة تفكيك التحالفات السياسية والهجوم الشرس على الأحزاب".

كما يدعو الكاتب إلى أن يكون هناك "تماسك شديد بين الأحزاب والقوى الوطنية، للتصدى لكل المساخر التى يقوم بها المفسدون والمتربحون من فساد الحياة السياسية"، كما يحث "كل التيارات السياسية أن تتنبه لكل الألاعيب التى يديرها الفاسدون الذين لا يعنيهم سوى تحقيق مآربهم ومصالحهم الشخصية على حساب كل شىء".

وكتبت سمر سلامة في "اليوم السابع": "عانت الأحزاب المصرية على مدار السنوات الماضية حالة من الفرقة حتى مع توافقها الفكرى والإيديولوجى، ويأتى ذلك رغم ارتفاع الأصوات الداعية إلى توحد الأحزاب من خلال اندماجات أو ائتلافات حزبية".

وتشير إلى أن البعض ينظر إلى انتخابات المجالس المحلية القادمة باعتبارها "فرصة جيدة لتحقيق هذا التوافق، الذى قد يمتد بدوره إلى تشكيل ائتلافات حزبية".

ويقول محمد صلاح في "الحياة" اللندنية إن الرئيس السيسي يحتاج إلى معارضة سياسية ناضجة، "لكن يبدو أنه سيمضي في ولايته الثانية من دونها".

ويقول الكاتب بمقاله تحت عنوان "معارضة سيئة السمعة" إن "الأوضاع السياسية في مصر على مدى عقود لم تكن ملائمة لبناء معارضة قوية أو حتى تساعد على حياة حزبية متكاملة أو تسهل تأسيس كيانات وقوى سياسية تتمتع بشعبية جماهيرية".