الرباط: دعت فعاليات مدنية وحكومية إلى تقوية أدوار الوساطة الأسرية بالمغرب من أجل الحد من ظاهرة التفكك الأسري، التي أضحت تشكل مصدر قلق لدى الفعاليات المهتمة بقضايا المرأة والأسرة، ودفعها لإعلان تشكيل شبكة مغربية للوساطة الأسرية "شمل"، الخميس، بالرباط.

وقالت أسماء المودن، رئسية الشبكة المغربية للوساطة الأسرية "شمل"، إن الحديث عن مأسسة الوساطة الأسرية "هو محاولة لتمكين المجتمع من قناعة اللجوء إليها، باعتبارها آلية لحل النزاعات بدل التوجه للقضاء".

وأكدت المودن ، في لقاء صحافي، تحت شعار: "شبكة قوية، وساطة ناجعة، أسرة آمنة"، على ضرورة "إعادة إحياء قيم الحوار والتغافر والتسامح في المجتمع المغربي"، مسجلة أن الوساطة الأسرية "مهمة ثقافية توعوية قبل أن تكون تشريعية حمائية وقانونية". 

ووصفت الفاعلة الجمعوية معدلات التفكك الأسري التي كشفت عنها وزارة العدل ب"المهولة"، حيث بلغت أرقام التطليق قرابة 100 ألف حالة خلال سنة 2017، و35 ألف حالة في قضايا النفقة، وأزيد من 35 ملفا متراكما في المحاكم.

واعتبرت المودن أن الأرقام المعلنة عجلت بتكتل الجمعيات وتوحيد جهودها من أجل المساهمة في تدبير وحل المشاكل الأسرية، وأضافت بأن مراكز الوساطة بالجمعيات المنضوية تحت لواء الشبكة "اشتغلت على أزيد من 8 آلاف حالة تتعلق بالطلاق وثبوت الزوجية والحالة المدنية والطرد من بيت الزوجية"، مسجلة أن هذه الجهود أثمرت تحقيق الصلح في 40 بالمائة من الحالات المذكورة.

من جهته، اعتبر نور الدين الإبراهيمي ، قاض ملحق بوزارة العدل ومثلها في اللقاء، أن إحداث إطار قانوني لحماية المراكز والجمعيات الفاعلة في مجال الوساطة الأسرية "أمر ضروري"، مؤكدا أن الدولة أصبحت لها سياسة "إيجاد آليات لحل المنازعات بطرق بديلة من دون اللجوء إلى القضاء".

وشدد الإبراهيمي على أهمية دور الوساطة الأسرية بين الزوجين المتخاصمين قبل الوصول إلى المحاكم، مبرزا أن دخول ملف القضية للمحاكم يجعلها معقدة، لافتا إلى أن المشرع "أوجد عدة آليات للوساطة منها المجالس العلمية والمساعدات الاجتماعية والوساطة القضائية"، مشددا على ضرورة إضافة الوساطة الأسرية إلى تلك الآليات.

وأشار المتحدث ذاته إلى أن النزاعات الأسرية "متشعبة ولا تقتصر على الطلاق وحده"، لافتا إلى قضية "الأبناء مجهولي الأبوين والأزواج الذين يرفضون ثبوت الزوجية للاعتراف بشرعية العلاقة الزوجية"، مبرزا أن المجالس العلمية "أصبحت تقوم بدور مهم في حل النزاع كجهات دينية والنتائج التي تحققها في مجال الوساطة مرضية وأكثر من المحاكم".

أما سكينة اليابوري، ممثلة وزارة الأسرة والتضامن والمساواة والتنمية الاجتماعية، فأكدت أن مؤتمرا دوليا أوصى سنة 2015 بضرورة اعتماد الوساطة الأسرية "حلا بديلا لحل النزاعات داخل المجتمع"، مبرزة أنها تتميز ب"المرونة والسرعة والمجانية عكس القضاء".

وأفادت اليابوري في كلمة بالمناسبة أن المجتمع المغربي "يعرف تحولات عدة منها تراجعات على المستوى الديمغرافي ونسب الزواج والقيم"، معتبرة أن تلك التحولات تشكل تحديات على استقرار وتماسك الأسرة الذي عدته من "استقرار المجتمع".

وحثت ممثلة وزارة الأسرة والتضامن على ضرورة دعم الجمعيات العاملة في مجال الوساطة الأسرية من أجل التشجيع على "نشر ثقافة المساواة"، كما شددت على أهمية مواكبة هذه الجمعيات من حيث تطوير الأداء والمهام وتوحيد الجهود وتوفير الدعم اللازم لها.

وتتوخى الشبكة المغربية للوساطة الأسرية تكثيف الجهود وتعبئة الطاقات لكل الهيئات والفعاليات العامة في مجال الاستماع والإرشاد الأسري من أجل تشجيع التأهيل للزواج وبناء العلاقات الزوجية على مفهوم التكامل والتعاون، كما ترمي إلى إشاعة ثقافة الوساطة الأسرية باعتبارها السبيل الأنجع لتدبير الخلافات بين أفراد الأسرة، علاوة على تطوير التدريب والتكوين في الوساطة الأسرية للارتقاء بأدائها، وبلورة إستراتيجية في موضوع الوساطة الأسرية.

 وتسعى الشبكة إلى الترافع من أجل سياسة عمومية مندمجة للنهوض بأوضاع الأسرة المغربية ومأسسة الوساطة الأسرية، بالإضافة إلى تشجيع الدراسات الميدانية والبحث الجاد لرصد الظواهر والإشكاليات المعيقة لأدوارها والمهددة لاستقرارها، حسب القائمين عليها.