باريس: أسهمت عمليات التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن ضد "داعش"، في تدمير قيادة التنظيم وموارده، وانهياره في المناطق التي كان يسيطر عليها في سوريا والعراق، إلا أن عدد من الخبراء نصحوا الحكومات الغربية بعدم الاستهانة بقدرات الجماعات الجهادية التي ما زالت تشكل تهديدا، بسبب تصميمها وقدرتها على الاندماج والتكيف.

وعبر القواعد التي يحتفظ بها في الصحراء السورية وفروعه في الكثير من الدول والايحاء لانصاره بالتحرك في هجمات معزولة، يرى خبراء ان تنظيم "داعش" ما زال يشكل تهديدا يجب عدم الاستهانة به.

وأسهمت استعادة تحالف مؤلف من 71 بلدا في 2017، للجزء الأكبر من الاراضي التي سيطر عليها التنظيم في سوريا والعراق، في الاعتقاد بأن الخطر استبعد وان الجماعة الجهادية ستمحى من على وجه الارض.

قدرة على التكيف

إلا أن أنطونيا وارد من المجموعة الفكرية الأميركية "راند كورب" ترى أنه "كما اثبت نموذج (تنظيم) القاعدة، الجماعات الارهابية تتمتع بتصميم كبير وقدرة هائلة على التكيف، وإن شهدت فترات تراجع".

وأضافت أن "اساءة تقدير قوتهم امر خطير على الغرب".

من جهتها قالت المتحدثة باسم وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) دانا وايت الشهر الماضي "قلنا دائما ان مهمتنا في سوريا هي دحر تنظيم الدولة الاسلامية. نكاد نحقق ذلك لكننا لم ننجزه بعد".

هجمات منسقة

وأثبت جهاديو تنظيم داعش أنهم ما زالوا قادرين على شن هجمات منسقة، في الواحات والقواعد التي يسيطرون عليها في شمال غرب سوريا المنطقة المحاذية للعراق، حيث قتل 26 من افراد القوات الحكومية السورية في واحدة من هجماتهم.

بدوره قال أستاذ العلوم السياسية في باريس جان بيار فيليو لوكالة فرانس برس ان مقاتلي تنظيم "داعش" نقلوا الى منطقة البادية السورية هذه "بعد اجلائهم مؤخرا من ضاحية دمشق بموافقة نظام (الرئيس السوري بشار) الاسد".

وأضاف ان "انهيار ما يسمى بخلافة "داعش" تحت ضربات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لم يسمح بتسوية أي من المشاكل التي سمحت لأبو بكر البغدادي بالاستيلاء على الرقة في 2013 وعلى الموصل في 2014".

العراق وسوريا

وأوضح فيليو أن "السكان السنة الذين يشكلون أقلية في العراق وأكثرية في سوريا ما زالوا محرومين من التمثيل السياسي، ليس على المستوى الوطني فحسب، بل على المستوى الاقليمي، مع سيطرة الشيعة في العراق والاكراد في سوريا على المناطق "المحررة"، وعبر عن مخاوفه من ان تؤدي الاسباب نفسها الى النتائج نفسها لكن تحت مسمى آخر في العراق في السنوات المقبلة.

طاعة البغدادي 

وما زال أبو بكر البغدادي الذي أعلن موته مرات عدة، على قيد الحياة، وقد أصيب على الارجح بجروح في غارة جوية، ويختبئ في مستشفى ميداني في الصحراء بشمال سوريا كما قال مسؤول في وزارة الداخلية العراقية في شباط/فبراير.

وظهر البغدادي مرة واحدة أمام كاميرات لكنه كان يتحدث باستمرار عبر تسجيلات صوتية يدعو فيها أنصاره إلى مواصلة العمل. ويعود آخر خطاب له الى 28 ايلول/سبتمبر 2017 قبل اسبوعين من سقوط الرقة.

وتصل هذه الدعوات كتلك التي يطلقها صانعو الدعاية الاعلامية للتنظيم ولا شيء يحرمها على ما يبدو من الانتشار عبر الانترنت على الرغم من تعبئة الشرطة واجهزة الاستخبارات في العالم، إلى مسامع الجهاديين المؤيدين له الذين يتحركون للقيام بأعمال انتحارية، خارج كل بنى التنظيم وبدون الاتصال معه.


مبايعة

وقام فرنسي من أصل شيشاني بتسجيل فيديو بايع فيه "خليفة الدولة الاسلامية"، قبل أن يخرج في 12 ايار/مايو الى احد شوارع باريس ويقوم بطعن المارة، سجل ، وفي اليوم التالي نشر التسجيل على تطبيق "تلغرام".

ولفتت انطونيا وارد إلى أنه "نظرا لعدد المؤيدين المستقلين والخلايا الصغيرة التي يحتفظ فيها التنظيم، وكذلك قدرته على تنفيذ هجمات مدمرة بموارد محدودة وقليل من التدريب، يجب على الحكومات الغربية الا ترى ان تدمير قيادته ومواردها يعني نهاية هذه المجموعة الارهابية".

مصر وليبيا

وأوضح جان بيان فيليو أن الفرع المصري لتنظيم "داعش" في شبه جزيرة سيناء "يواصل افشال كل الحملات التي يطلقها ضده نظام" الرئيس عبد الفتاح السيسي.

واضاف "في جنوب ليبيا وفي (منطقة) الساحل وفي افغانستان، ينتشر انصار البغدادي في مناطق محيطة بالمراكز ويرسخون نفوذهم مستفيدين من النزاعات المحلية".